TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قصيدة "في طبيعة الأشياء"/ في التطور

قصيدة "في طبيعة الأشياء"/ في التطور

نشر في: 27 نوفمبر, 2016: 09:01 م

(3-4)
الكتاب الرابع من قصيدة لوكريتيوس"في طبيعة الأشياء"، وعقبَ الأبيات التمهيدية في فن الشعر التعليمي، يواصلُ سرداً كاملاً لنظرية أبيقور في التصور والإدراك الحسي. ويختتم بأحد المقاطع الشعرية المثيرة التي كتبها لوكريتوس في التحليل اللاذع للحب الجنسي، من زاويتيْ علمِ الأحياء وعلمِ النفس:
"عن المرأة الكريهةِ القذرةِ نزعم أنها "مشوشة بحلاوة"
وإذا كانت خضراءَ العينين، ندعوها بـ " نجمتي الصغيرة"؛
وإذا هي على شيء من الطيش والتوتر، فهي "غزالة"؛
وهي "عفريت صغير"، إذا كانت قزماً بديناً،
في حين نرى العملاقة الثقيلة "تمثالاً إلهياً".
وإذا ما تعتعتْ ولثغت، فهي تنطق "موسيقى".
"متواضعةٌ"، إذا كانت خرساء؛
وإذا كانت ثائرةَ المزاج، ثرثارةً، فهي "كرة نار".
وحين تكون أكثرَ نحافةً مما تتطلب العافية، فهي "رشيقة،"
و "رقيقة"، إذا كانت على وشك الموت بداء السل...
القائمة تطول، وملاحقتها لا شك مرهقة."
الكتاب الخامس: لوكريتيوس يبدأ هذا الكتاب بتكريم آخر لعبقرية أبيقور. في حين يُكرس ما تبقى من الكتاب لعلم الكونيات وعلم الاجتماع الأبيقورييْن، مع عَرضِ الشاعر لمراحل الحياة على الأرض، ومنشأ وتطورِ الحضارة. ويتضمن هذا الكتاب المقطعَ الذي يقدم الشاعر فيه الفرضيةَ التطوريةَ في انتشار وانقراض أشكال الحياة، ويبدأ بهذا المفتتح:
"يغير الزمنُ الطبيعةَ في العالم أجمع؛
كلُّ شيء يتغير من حال لآخر
وما من شيء يَثبُت على ما هو عليه: كل شي يزول؛
الطبيعة تُلزِم كلَّ شيء أن يغيرَ حالا.
أشياء أخرى بديلة تنمو من نَزْرٍ يسير.
فالزمن إذن يغير طبيعةَ العالم جميعها
والأرضُ تنتقل من حال لحال
إنها لم تعد تتحمل ما تتحمله،
ولكنها تتحمل ما لم تكن تتحمله.
حينها أنشأت الأرضُ العديد من الوحوش
وقد جاءوا في هيئات ووجوه غير مألوفة.
جنسٌ لا ينتسب لذكر أو أنثى
بل بينهما؛ ومخلوقاتٌ بلا أذرع  وأرجل؛
بكمٌ دون أفواه، عميٌ دون أعين،
وبعضٌ بأطرافٍ وسيقان لاطيةٍ بأجسادهم
بحيث لا يستطيعون عمل شيء أو الذهابَ إلى أي مكان،
بحثاً عن قوت أو تجنباً لكارثة.
كل هذه المخلوقات ولدت دون مستقبل؛..."
الكتاب السادس: يحتوي على مقاطعَ رائعةٍ من شعر لوكريتيوس، مع تفسيرات مؤثرة لظواهر الأرصاد الجوية والجيولوجية وأوصافٍ حية للعواصف الرعدية والبرق والانفجارات البركانية. القصيدة تُختتم برصد مثير للروع للطاعون العظيم الذي اجتاح أثينا (430 قبل الميلاد)، تذكرةً قاتمة بحقيقة الموت الكوني:
"أو شيء ما آخر يأتي لا عهد لنا به..
مرض كهذا جاء مثل مجرى الموت
يحمل كوارث فوق حقول أثينا،
يترك الطرقَ مهجورة والمدنَ خاليةً من أبنائها.
يجيء من أعماق أرض مصر حيث نشأ،
مسافراً عبر الريح وفوق الحقول السابحة،
جاء ليستريح فوق أبناء ﭘانديون
فينحدرون بدورهم إلى الكارثة والموت.
الأعراضُ الأولى كانت لهيباً في الرأس
وفي عينين سابحتين بضوء أحمر.
الحنجرةُ، وقد انسدتْ من الداخل، تتعرّق دماً،
والصوتُ المفترَضُ مخنوقٌ بفعل التقرح،
اللسان، الذي ينطق عن العقل، يَدمى ويتجلّط،
مُتعبين بألم، ثقالَ الحركة، خشني الملمس..."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram