TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > من يُفكِّك لغز الموصل

من يُفكِّك لغز الموصل

نشر في: 30 نوفمبر, 2016: 06:06 م

أنهت عمليات تحرير الموصل أُسبوعها السادس، وبدأت معها تلوح في الأفق التحديات التي قفز عليها القادة السياسيون بطريقة إكروباتيكية مذهلة، وتبعهم في ذلك قادة العساكر ايضاً.
فبعد 44 يوماً من انطلاق عمليات (قادمون يا نينوى)، مازالت الجهود منحصرة بالمحور الشرقي للموصل، الذي تتعرض القوات المسؤولة عنه، وهي  قوة مكافحة الإرهاب، الى صعوبات كبيرة تهدد باستنزاف نخبة مقاتليها.
حتى الآن، استطاعت هذه القوة تحرير قرابة الـ50% من الساحل الايسر، على  وفق أكثر المعطيات تفاؤلاً. بينما المعطيات الاكثر واقعية تتحدث عن دخول قوات مكافحة الإرهاب 20 حياً من أصل 50 في الساحل الشرقي. ذلك يعني ان إكمال تحرير الساحل الشرقي لوحده بحاجة لعدة أشهر من الآن.
وخلافاً لتصريحات "القائد العام"، التي يؤكد فيها إمكانية تحرير مدينة الموصل بالكامل قبل نهاية 2016، فإن  المعطيات تشير إلى أن تحرير الجانب الايمن، وهو الاشد والاصعب، لن يتحقق قبل نهاية فصل الشتاء، نظراً للكثافة السكانية، والطبيعة العمرانية لهذه المنطقة، وانفتاحها على الصحراء.
هذه الصعوبات بدت تطفو على السطح مع بطء العمليات في المحور الشرقي، وجمود المحور الشمالي الذي لم تتجاوز القرى المحررة فيه عدد أصابع اليد الواحدة.
فقد بدأت القيادات العسكرية، والاميركية تحديدا، باكتشاف ثغرات الخطة العسكرية، التي قيل ان رسمها استغرق اكثر من عام لكنها وجدت طريقها الى وسائل الإعلام قبل يومين فقط من انطلاق العمليات!!
هذه الايام تتحدث جهات عديدة عن ضرورة إعادة النظر بالخطة العسكرية، التي رسمت على شكل (حذوة الحصان)، وتطرقنا لها في مقال سابق. انتقادات بدأت تتعالى عن السر الذي يمنع فتح عدة جبهات لاستنزاف العدو، كما طالت الانتقادات التفاؤل، ولربما الاكاذيب التي رددتها جهات عدة، بشأن الانتفاضة التي تنتظر انطلاق صافرة بدء العمليات، لكي تنقضّ على داعش داخل الموصل.
ومن جملة المؤاخذات على الخطة العسكرية، ما يتعلق بطريقة التعامل مع الاهالي والمدنيين. فقد تحوّل هؤلاء الى كوابح تُعيق تقدم العجلة العسكرية، بعد ان طلب منهم البقاء في منازلهم، كجزء من إجراءات الخطة.
فحتى من تحررت أحياؤهم لم ينعموا بالراحة، بل اصبحوا عبئاً على قوات باتت مطالبة بتأمين حياتهم وغذائهم، بالاضافة الى مهامها القتالية.
على مسرح العمليات، تتجلى الغرابة بأوضح صورها، عندما نرى فرقة كاملة من الجيش تعجز عن الالتحاق ببقية القطعات من المحور الشمالي. اللغز ذاته يستعصي على الفهم، عندما نشاهد تجميداً متعمداً للمحور الجنوبي، الذي حققت فيه الشرطة الاتحادية والقطعات معها جميع اهدافها خلال فترة وجيزة، واصبحت على بعد 5كم من مطار الموصل، وبضعة كيلومترات عن قلب الساحل الايمن.
التساؤلات ذاتها تدور حول العصيّ التي تعرقل التقدم في المحور الغربي، صاحب أكبر الإنجازات وأسرعها. فبعد الالتفاف السريع من المحور الجنوبي مروراً بالحضر وصعوداً نحو مطار تلعفر، تقف قطعات الحشد  والقوات المتحجفلة معها، بانتظار حلحلة لغز ما لتحرير تلعفر، ومن ثم تضييق الخناق على الجانب الايمن للموصل.
إن تفكيك حزمة الألغاز هذه من شأنه إيضاح الاسباب التي دفعت للذهاب نحو الموصل، وترك حزام كركوك وغرب الانبار، قبل بدء الانتخابات الاميركية. الإجابة عن هذه التساؤلات من شأنها تقديم إجابة شافية عن تلكؤ أو فشل "الحذوة"، وإلقاء الضوء على الفيتو الذي يعطّل الكمّاشة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram