اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > الشجرة.. حين تُعوّض عن رؤية الغابة..فاضل الدباغ.. "رحلة جذور"

الشجرة.. حين تُعوّض عن رؤية الغابة..فاضل الدباغ.. "رحلة جذور"

نشر في: 3 ديسمبر, 2016: 12:01 ص

تمتد جذور المعرض الأخير للفنّان التشكيلي(فاضل الدبّاغ- تولد بغداد/1974دبلوم معهد وبكالوريوس فنون جميلة) الذي حمل عنوان (رحلة جذورJourney of Roots ) منتصف تشرين أول العام الماضي والذي احتضنته قاعة (الأورفلي) في العاصمة الأردنيّة-عمّان)، بعد أن تسنت لي

تمتد جذور المعرض الأخير للفنّان التشكيلي(فاضل الدبّاغ- تولد بغداد/1974دبلوم معهد وبكالوريوس فنون جميلة) الذي حمل عنوان (رحلة جذورJourney of Roots ) منتصف تشرين أول العام الماضي والذي احتضنته قاعة (الأورفلي) في العاصمة الأردنيّة-عمّان)، بعد أن تسنت لي رؤيته وفحص محتوياته عن متعةِ قُربٍ وتحسسٍ ذات لحظاتِ تمعّن وتأمل،إلى  حيثيات التملي بكشوفات سعي هذا الفنّان من خلال مدخل ومحتويات معرضه الذي حمل عنوان (شجرة TREE) الُمقام في ذات القاعة (الأورفلي) في آذار/2006.

ناسجاً في ثنايا  أعماله خيوط حنينٍ دافء لحوافل أملِ منشودٍ،ونافخاً في موقد جمراتها ريح منطقِ تحوّلٍ وقدرة تحويلٍ لشكلِ الشجرة في لواحظ تثمين صلاحيتها الجوهريّة،كنتاج تفاعلي ما بينها والإنسان،عبر بواباتِ فصلٍ متعمدٍ،معرفي ومدروس في غرس معادلات التشبث بالشجرة خارج أُطرها وحدودها الطبيعة كما المناظر او الأشياء بمنظار ما يسّى بـ(اللاند سكيب/land scape) وبما يجعل منها(أي الشجرة)واقعاً متدّفقاً لمستقبلِ حياةٍ قادمة، لم يحددّ (الدبّاغ) -حينها-كيف ستكون تلك الحياة التي يأملها-من وجهة نظره التوقعيّة- مُقفرة كانت،أم مُثمرة ؟!
لكننا سنرى عبر تعليلنا لمفادات نواتج معرضه الأخير(رحلة جذور)،كيف سار وساد مسار التوّقع الأول (مُقفر) وأصبح الأقرب لحقيقة واقعنا من حقيقية الفرض الثاني (مُثمر)،وليس ذلك متأتيّاً من ثكنة الاقتراب التشاؤمي المحض،بل من سند باب التعامل السببّي واليومي مع  وقائع مجريات ما جرى في واقع حياتنا في العراق، ومتممات ما حصل من أحداث وتحوّلات في عموم المنطقة العربيّة، التي من لم تنل  مما سُمّي بـ(ثورات الربيع العربي) غير تحصين متواليات حروب وتقوية متون الارهاب وتعميم تشكيلات هندسة المخاوف عبر تعميدها بأواصر الطرد المركزي المُنظّم للطاقات البشريّة والإنسانيّة عبر مخافر التهجير القسري عن رحم الأوطان، وتحليل محاولات قلع وتغيرات مسارات الجذور وتعطيل عمل وآليات أنساغ  ما كانت تحمل الشجرة الأم-نسجاً وافتراضاً كما نوهنا- من فيوضات ذلك الحنين الجارف، الذي كان يتلبس بعض أفكار(فاضل)-حدساً وتوقعاً- دون أدنى مساسٍ أو تفريطٍ  بحرارة جذوة روح الأمل التي تسكن روحه.

رسوخ ما بين زمنين
لقد سبقت لنا دراسة شروط معرض (شجرة) وما سبقه من أعمال وتمهيدات ومن ثم الكتابة عنها، وعن توارداتها  التأويليّة وتعليل مخارج انزياحاتها الدلاليّة والفكريّة، بما  جاء يوحي- الآن- ويعطي بُعداً راسخاً حيال معرض (رحلة جذور) بعد عُمر ابتعاد عمق تلك المسافة  إلى ما يُتاخم عقداً كاملاً تماثل وعياً ونضوجاً واعتداداً ما بين زمنين، زمن( شجرة)و زمن(جذور) تلك الرحلة التي أرادها (فاضل الدبّاغ) أن تسير على حواف وضفاف  ثلاثين عملاً  فنيّاً متداخلاً ما بين مكامن صياغات تجريبّة مستمرة زهت تسلك طريق الشروع بالوصول إلى غايات إنسانيّة خالصة،قوامها شجرة،كتلك الشجرة التي تُغنيك عن رؤية الغابة- كما يذهب بالقول أحد الأمثلة الأوروبيّة- وما بين حواصد وعي أضحى يتراكم وفق مقدرات ذلك الانشداد لقيمة استخدام واستثمار(الثيمة) الأساسيّة في تعظيم شأن (الشجرة)- لدى فاضل- وفي ترسيخ قوة ومتانة (الجذور) التي يراهن عليها هذا الفنّان مُعتداً بصدق وسلامة موقفه من الحياة التي يبغيها و الإيمان بكامل وهجها الأثيريّ،وبدواعي قوة الشدّ في مسك موضوعاته مرسومةً بنوازع شحنات عاطفيّة شديدة الوضوح  والبارعة البأس من حيث جلال قيمة الفكرة، وصعوبة الظفر بالحصول عن إجاباتٍ شافية، لما يحصل من ظلمٍ وجورٍ في تصعيد وتعضيد وتائر التهجير وتغير طبيعة مناخات العيش، وتحطيم سبل الانتماء بشتى وسائل الإقلاق والتحزين (من الحزن) السائر نحو تزايد مناسيب الغربة حتى داخل النفس البشريّة الواحدة، وتماهياتها التتابعيّة داخل حياة الجماعة الواحدة بحكم ذلك القاسم المشترك الذي أشرت عليه جميع تهجيات أعمال معرضه، وفي توثيق مهارات البحث والحرث في تداخل معاملات ارتباط وثقى،أماطت اللثام عن وجه الحقيقة التي كشف عنها وعي الفنّان و أفاض في تقدير وجهات نظره الفكريّة والحدسيّة.
نجد أن يجري الحديث عن النواحي التقنيّة،وتحسسات نبضات لوحات (الدبّاغ) بنفس فيض جدارة فكرته،أو مجموعة أفكاره القادرة بالدفاع عن نفسها وتبرير دواعي وجودها على السطح التصويري القائم على أساس تنظيم الفوضى التي يقترحها بمشيئة قصدٍ ملفتٍ يعطي خلاصة دامغة عن حجم ذلك القلق الفعّال والمجدي في ترسيم صراحه خبرته التنفيذيّة وجوهر فهمه لمعنى قيمة الإخلاص التام لما يحمل،وما يريد البوح فيه، فهو دائم الخوض والتحفيز لمهاراته الأدائيّة، وتطبيقاته الشعوريّة، حتى لتجده واعياً ومُدركاً لقيمة تفويض الحركة والفعل داخل منظوماته التكونيّة لجملة تفاعلات وتناسقات، تتوافق مع روح ونزعات الطفولة في مراسيم رسمها للأشياء،كما كان يفعل (بيكاسو) في أبلغ مهارات مراحل البحث عن ذاته،من خلال لذة الإحساس العالي بمعنى الإحتفاظ بعالم الطفولة،لكي لا تلغي أو يفقد هو روح الحماسة حتى حين يصل لضفاف الشيخوخة .
تقنيات التعبير وتوافداته
تغرق رسومات (فاضل الدبّاغ) بأنساق  تعبيريّة وتوافدات إنشائيّة حُرّة، تنحاز لكي تناور بتحديث صورة المشهد بخصوصيات تنويعاته المتعددة، لتبتكر مناخات ذات أطر غرائبيّة- أحياناً- قد تقترب من حياة البريّة والعيش بالغابات أو بالمناطق المعزولة التي تسكنها القبائل البدائيّة، لكن سرعان ما يساندها الفنّان بدهاء ذلك الاجتهاد  المدهش، وهو يعيد لها أبعادها الإنسانيّة من خلال تداخل الوجوه والهيئات التي لا تبتعد كثيراً عن هيئة وشكل الشجرة وعموميات ما تشكّل من علامة  حضاريّة تعود بوجودها الى ذلك الصمت الذي سبق الوجود نفسه، وليستعير منها (أي شكل الشجرة) قدرة كونها المرآة النابضة في حياة الكون باسره،أن لم تكن هي السر الأدهى في مصير تلك، كما لم تأت لوحة (فاضل)من مجرد مَقدرتها على استخدام الخامات والمعاجين واغراءات تقنيات التعامل مع اللصق(الكولاج)، بل تذهب إلى ما هو أبعد من حيث ثراء تنفيذ زحمة أفكاره، وتزايد أنين صرخاته بالتحريض والخوف على تنازل الإنسان من جوهر إنسانيته، عبر استعارات تشخيصيّة تارةً، وبدائيّة تغريبيّة تارات أخرى، وهذا- في ظني- ما يُسهم في إكمال وحدات المشهد الذي يبغيه ويراه وفق نظرة عالميّة- كونيّة ،لا تنفرد أو تنزوي في أطرٍ محدودة، و إلا لكان قد ركزّ على (عمتنا النخلة)كدالة محلية سائدة ومعروفة للجميع و اتخذ منها منطلقاً لتتويج فكرته الساميّة، بيد ان (فاضل الدبّاغ) -لا شعورياً- أهجسه ينتمي لما هو أبعد وأعمق وان انحاز و أغدق في تمرير نبل غاياته لرحم بلده الأول (العراق) ومن ثم عموم الوطن العربي، وصولاً لكل ما تعانيه أغلب شعوب العالم من محاولات اقتلاعها من جذورها وطمس هويتها، واستحالة العيش في أماكن أخرى دون أنساغ تلك الجذور و أغصان وسيقان أشجارها الوارفة الظلال والجمال في نفوس من تربى ونما في خصوبة أراضيها،ولعل ما يعززّ هذا الزعم تنوّع البيئات والهيئات التي يستجلها الفنّان لملاك لوحاته،عموماً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram