في زمن تصاعد "الحماوة الثورية" واطلاق وعود حكومية لتحقيق رفاهية الشعب وضمان مستقبله الباهر، رحب اهالي قرية "ذيل العجل" في مدينة العمارة بوصول مسؤول حكومي عقد ندوة بعنوان "انت تسأل والحزب يجيب" ، وبعد حديث طويل طلب المسؤول من الحاضرين الحديث عن مطالبهم ، فقال كبير القوم "يا حضرة المسعول نريد الكهرباء توصل لقرية ذيل العجل" . بمرور الايام وصل الأهالي الى قناعة أكيدة بأن وعود المسؤولين تقتصر على الندوات الحزبية.
قرية ذيل العجل كشفت كذب الادعاءات الرسمية منذ زمن بعيد ، استنادا الى حقيقة ان معظم العراقيين لا يثقون بالوعود الحكومية، وهناك استطلاعات للرأي ودراسات ميدانية لجهات مستقلة أثبتت هذه الحقيقة ، لكنها لم تأخذ طريقها للنشر، وظل تداولها في نطاق محدود. شرائح واسعة من المجتمع لطالما تجاهلت تصريحات المسؤولين المعلنة لاعتقادها بانها لغرض الاستهلاك الإعلامي ، او لتحقيق مكاسب لجهة معينة .
في زمن الحكومة السابقة ، اعلن مجلس الوزراء قراره القاضي بمنح جميع الفقراء قطع أراضٍ سكنية مساحة الواحدة 150 مترا مربعا ستوزع في بغداد والمحافظات على شكل دفعات ، طبقا لضوابط لمنع حالات الاحتيال والالتفاف على القانون. أعداد كبيرة من العراقيين يسكنون في العشوائيات ، وفي ظروف معيشية صعبة ، اغلبهم لا يمتلك الدخل الثابت ، وهؤلاء في عداد المنسيين ، يعانون انعدام الخدمات وانتشار الأمراض ولكنهم يحتلون الواجهة في مواسم الدعاية الانتخابية ، وسبق لمنظمات دولية ان التقت بتلك الأسر، ووثقت معاناتها بأشرطة مصورة أخذت طريقها الى وسائل الإعلام ، بعض المسؤولين شكك بتلك التقارير، وقال ان هذا الوضع من المستحيل ان يكون في العراق ، وما عرض من مشاهد مجرد حالات صورت في مدن أفريقية ، مازالت تعيش في مرحلة العصور الحجرية ، وليس في انقاض معسكر الرشيد وأحياء أخرى تقع بالقرب من منطقة معامل الطابوق في اطراف الرصافة من العاصمة بغداد .
أمانة بغداد هي الأخرى تمتلك البيانات الدقيقة عن أعداد الساكنين في العشوائيات والمتجاوزين على أراضي الدولة ، ولطالما أعلنت تعطيل تنفيذ مشاريعها ، وعزت الأسباب الى ضعف الاجراءات الحكومية في حل هذه المشكلة ، فضلا عن استخدام مشكلة المتجاوزين ورقة سياسية من قبل بعض القوى ، وبدورها طالبت بشمول المتجاوزين بقرار مجلس الوزراء لكي تباشر بتنفيذ مشاريعها المعطلة .
"مكرمة الحكومة" تواجه مشكلة الاحتيال ، وعندما تعلن السلطة القضائية انهاء الفساد المالي والإداري ، سيصل المسؤول الى العشوائيات ليسلم سكانها سندات تمليك الأراضي ، وحينذاك سيلمس العراقي ولأول مرة في حياته اهتمام المسؤولين به ، ولكن تحقيق هذه الخطوة بحاجة اليوم الى إجراءات عملية على الأرض ، لكي تستعيد الحكومة ثقة من يشكك بوعودها في القضاء نهائيا على أزمة السكن بإنجاز ثوري جبار ستتغنى به الأجيال على مدى التاريخ ويلغي من الذاكرة قصة قرية ذيل العجل .
في ايام العد التنازلي لموعد الانتخابات التشريعية او المحلية ستتحرك القوى السياسية على قواعدها الشعبية في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الامنية بتنظيم زيارات ميدانية لجميع المدن والقرى العراقية ، ومنها قرية "ذيل العجل" ليبدأ حديث اخر عن "الحماوة الثورية" والتحذير من اعداء العملية السياسية مع توصية بانتخاب مرشحي القائمة الفلانية ، ربما تنطلي الحيلة على الحاضرين فيرددون اهزوجة "ذيل العجل وياك يا قايد الكتلة " ، مع الدعاء لرئيس القائمة بالنجاح والتوفيق وكسب المزيد من الاصوات .
كتلة "ذيل العجل"
[post-views]
نشر في: 2 ديسمبر, 2016: 09:01 م