ماالذي يحدث في بلدي ؟ هل انتظرنا الديمقراطية عقودا لتشتتنا ؟ لماذا صرنا ننسى انتماءنا للعراق وينتمي كل منا لقوميته ،لطائفته، لمذهبه ، لأقليته ليستمد القوة ..هل جعلتنا الديمقراطية نشعر بالضعف ليختبئ كل منا تحت خيمة انتمائه الجديد ؟...
حين تتابع الاخبار السياسية ، ستجد المسيحي يشكو التهجير والكردي يشكو حرمانه من حقوقه وتمزقه بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ، والشيعي يشكو من تجاهل الحكومة ، والسني يشكو من التشرذم والتركماني من التهميش والايزيدي من الاهمال ..لن تجد عراقيا راضيا وسعيدا بما حصل عليه من هبة ديمقراطية وفرصة لممارسة انتخاب من يمثله وقدرة على انتقاد الحكومة في العلن ..وستجد تشظيا داخل المكونات والطوائف ذاتها ..
هل تعرف من الرابح الأكبر في هذه الفوضى ؟..انهم المسؤولون الذين يتنقلون كبيادق الشطرنج من كتلة الى اخرى ومن تحالف الى آخر فقط ليضمنوا فوزهم بالانتخابات ، وبعد فوزهم ، يضمنون الحصانة الديبلوماسية والحمايات والمال الوفير والمستقبل الزاهر لاولادهم ، بينما تتناقص اموال الشعب وتتضاءل خدماته وتتبخر احلامه بحياة افضل ومستقبل اكثر ضمانا ..هل يعني هذا ان الديمقراطية اورثتنا الضعف ومنحت القوة للمسؤولين ..فمع كل انتخابات جديدة يتضاعف التشظي وتنشطر الكتل وتنقسم المكونات بينما يتلاشى معنى الوطن وتتحول الوطنية الى شعارات جوفاء لاغير ..
والآن، يبحث المسؤولون عن خيام جديدة ينضوي تحتها المواطنون فيخرجون عليهم بقانون مجلس القبائل والعشائر الذي سينتج عنه مسؤولون جدد ومجالس محلية جديدة وحمايات ورواتب جديدة و(دروب ) جديدة للاستفادة الشخصية..ويقول المؤيدون للمشروع انه يهدف الى حماية وحدة العراق ونبذ الطائفية لكنه يصب ايضا في خدمة المسؤولين ويشرذم العراقيين اكثر فأكثر حين يصبح انتماء الفرد للعشيرة أضمن حماية له من انتمائه للوطن ..هل تضاعف الخوف من الديمقراطية اذن ليتضاعف معه البحث عن انتماءات اكثر حماية للفرد ؟...
ربما سيلومني البعض ، فالعشيرة قوة وحصانة للفرد من التمرد والانحراف لأنها تعمل على تقويم سلوك افرادها وتوجيههم لكنها عودة ارتكاسية الى الماضي البعيد ..الى ايام كان العرب فيها قبائل متعددة قبل ان يوحدهم نظام الدولة فأين نحن الآن من نظام الدولة ؟ اين الوطن الواحد والهدف الواحد والمصالح المشتركة ..اين ماتعلمناه في مناهج التربية الوطنية عن الوطن والدولة ..هل سيغدو شعارات ايضا ...كما اصبحت الديمقراطية ..في بلدي ؟
الرابح الأكبر
[post-views]
نشر في: 2 ديسمبر, 2016: 09:01 م