TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شبابيك :مواطن فـي زاوية مظلمة

شبابيك :مواطن فـي زاوية مظلمة

نشر في: 8 فبراير, 2010: 04:50 م

عبد الزهرة المنشداويالذي قيض له العيش بين الأوساط الشعبية التي ما زالت تعاني من الفقر والعوز لابد له وان يقع على حالات تصعب على من يراها مهما كانت ثقافته وانحداره الطبقي. الشعور الإنساني شعور يشترك فيه الجميع إلا استثناءات تميزت بقساوة القلب وعدم الاهتمام بالآخر بل يجدون في الضعف والضعفاء وسيلة للوصول الى مراميهم الشخصية.
سبق لهذه الصفحة أن أشارت إلى مواطن من خلال هذه الزاوية وعرضت ما كان يعاني من فقر ومرض وفقدان العائلة،ما حفز البعض على الحديث عن أمور من هذا النوع، ذكروها وهم يشعرون بحزن ومشاركة للمهمومين من العراقيين الذين بقوا في زوايا النسيان والظلمة يصارعون المرض والعوز لكنهم دائما ما يسقطون صرعى المنازلة. السبب في في ذلك أنهم لا يجدون اي عون او تفهم من تلك المؤسسات التي وجدت من اجل مساعدتهم أو الاقتراب منهم أكثر لحل ما يعانون منه خاصة في مجال ما يحتاجون من ضرورات الحياة المعيشية وبحدها الأدنى. من هؤلاء مواطن يعيش في زوايا منطقة المحمودية في بيت طيني عرضة لأن يتقوض على من فيه لأقل رياح او هطول أمطار في قطعة ارض زراعية اشتراها من صاحبها وبمساحة مئتي متر مربع. عائلة هذا المواطن تتكون من سبعة افراد أربع إناث وثلاثة ذكور والأم متوفاة وتنحدر أصولها من مدينة البصرة التي نالت منها حرب الخليج ما لم تنله من مدينة أخرى، رب العائلة عمل بجد وبذل جهدا قد لا يتحمله اشد الرجال قوة من خلال عمله في البناء او نقل أحجار البلوك وما الى ذلك من أعمال يمكن ان يطلق عليها بالاعمال الشاقة. الجهد والتغذية غير المركزة والمياه التي تملؤها الشوائب أخذت مسارها في جسده إضافة الى ما أصابه من نوازل في موت العديد من أشقائه ما بين مفقود او شهيد حرب او ضحية عنف كان لها الاثر الفاعل أيضاً في جعله عرضة للأمراض.وبالفعل قبل سنتين او ما يزيد أصيب بداء السل مع ان هذا المرض الفتاك الذي اودى بحياة العديد من العراقيين في الفترة التي سبقت ستينيات القرن الماضي لكنه وكما يبدو عاد ليطل برأسه من جديد ويبحث عن ضحاياه في صفوف المواطنين من الشرائح الفقيرة. مأساة هذا المواطن مع الفقر والمرض لم تجد من يواسيه فيها،لا دار رعاية اجتماعية،ولا مستشفى ولا منظمة مجتمع مدني. يا ترى من يشعر الآن بالبرد الذي يلف جسد هذا المواطن العراقي وبوطأة المرض القاتل الذي يفتك به. الذي أشار الى حكايته أنها بالقول ان شقيقة له اوحت له بفكرة بيع قطعة الأرض الزراعية التي شيد عليها بيت الطين من اجل الحصول على مبلغ يمكن به توفير العلاج وكذلك الصرف على الأطفال، لكن الذي حدث أن مبلغ البيع استولت عليه الشقيقة واستخدمته لغاية مبيتة في نفسها لإنهاء معاملة تعويض دار لها في كركوك وتركته مع أطفاله يطرق الأبواب للمبيت.! باعتقادنا ان مثل هؤلاء المواطنين المغلوبين على أمرهم يتوجب على الجهات الرسمية ذات العلاقة ان تبحث عنهم وتمد لهم يد العون لنثبت إنسانيتنا كمجتمع أخلاقي أولا وتوجهنا كدولة ثانيا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram