تُعد التكنولوجيا المكان المثالي للعدوانية المخفية بمعانيها المشوشة المختلفة، حيث أن العديد من البالغين نشأوا في عالم كانوا قادرين فيه ان ينسلخوا عن أنشطتهم في العالم الخارجي كالعمل والمدرسة.
والحقيقة أن غالبية البالغين اليوم الى جانب اطفالهم م
تُعد التكنولوجيا المكان المثالي للعدوانية المخفية بمعانيها المشوشة المختلفة، حيث أن العديد من البالغين نشأوا في عالم كانوا قادرين فيه ان ينسلخوا عن أنشطتهم في العالم الخارجي كالعمل والمدرسة.
والحقيقة أن غالبية البالغين اليوم الى جانب اطفالهم مرتبطون بالهواتف الذكية والايميلات، والرسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي، التي تملي على الناس بأن يبقوا تابعين لها ومتصلين بها أكثر من أي وقت مضى.
وجعلت هذه التكنولوجيا التواصل على مدار الساعة ممكنا وبنفس الوقت سببا في تراجع تواصل بين البشر والتعبير عما يشعرون به ومما لا شك فيه أن لغالبية الناس وخصوصا اولئك الذين يفضلون تجنب المواجهة المباشرة اصبح من السهل عليهم أن يكونوا قاسين من وراء لوحة المفاتيح.
وهنا تتيح هذه التكنولوجيا لأي شخص يريد قناعا لغضبهم وعدوانيتهم من وراء جبهة مثالية ولهذه الشخصيات العدوانية منفذ جيد عبر التطبيقات المنتشرة للتواصل ، والأنكى من كل هذا إمكانية خروجهم من دون أي ذنب .
• الاسباب الكامنة وراء ازدهار العدوانية
وهنا يحدد الدكتور عدنان ياسين استاذ علم الاجتماع الاسباب الكامنة وراء ازدهار هذه العدوانية السلبية عبر الإنترنت أبرزها :
1- فقدان العناصر الحساسة والمهمة للتواصل؛ ففي المحادثات التقليدية حين يكون شخصان معا بنفس المكان أو يتحدثان معا عبر الهاتف فإن احدهما يتكلم والآخر يصغي أو ربما بنفس الحيز نفس الموقف يكون الطرف الآخر يومئ برأسه أو يصدر تعابير بوجهه وإشارات واستجابات غير لفظية.
لكن التكنولوجيا غيرت كل هذا والغت الديناميكية في التواصل ، فالرسائل الفورية والايميلات والمنشورات عبر الإنترنت تفتقر لعناصر التواصل البشري وعلى وجه التحديد تعابير الوجه ونبرة الصوت. وبدون هذه العناصر فان أي تواصل يكون مشوشا ومن الصعب تفسيره بشكل صحيح، وللشخص العدواني السلبي فهو يتغذى على عنصر العداء السري بكونه ملثما أي انك غير قادر على رؤية وجهه، والتواصل عبر الإنترنت مكان مثالي لمثل هؤلاء .
2- السخرية من القواعد، أي كسر القواعد ؛ فذو السلبية العدوانية هو المستفيد الأكبر من التكنولوجيا، ويتحدون قواعد وانظمة خفية، بطريقة هادفة، أي انهم قادرون على التلاعب في القواعد كما يحلو لهم .
3- جمهور واسع لا نهاية له نموذجيا يحدث السلوك العدواني في لقاء بين طرفين، وقد يكون هناك شهود على القساوة التي حصلت، وحجم الجمهور محصور على أولئك الذين وقع أمامهم الحدث في تلك اللحظة .
• السلوك العدواني التكنولوجي
ويؤكد الدكتور عدنان ان السلوك العدواني التكنولوجي له جمهور محتمل غير محدود، فالنصوص والايميلات ومواقع التواصل الاجتماعي تسمح باعادة توجيه تلك الرسائل بشكل لا متناه من خلال المشاركات واللايكات .
وهنا لم يعد الشخص نفسه هدفا لجهة واحدة ، بل بات يتلقى ضربات من جهات عديدة لان التكنولوجيا تتيح ان يتعرض للاهانة في محيط المدرسة والمجتمع ومكان العمل .
والأكثر من كل هذا أن سلوك العدوانية السلبي عبر التكنولوجيا يملك إمكانات جرح ضحاياه مرارا وتكرارا، كصور محرجة ومنشورات مجهولة بحق الضحية، وتبقى النتائج على الشبكة العنكبوتية لاجل غير مسمى ويمكن ان تظهر في أي وقت وتكرر الأذى الذي الحقته في المرة الأولى .