TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > الإنسان والتنمية الاقتصادية

الإنسان والتنمية الاقتصادية

نشر في: 8 فبراير, 2010: 04:59 م

كاظم موسىالتنمية الاقتصادية يمكن ان تبدأ في ظل أوضاع تنهك فيها حقوق الإنسان، سواء كانت مدنية ام سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية ام ثقافية، فهكذا بدأت عملية النمو في دول أوروبا الغربية.. فالثورتان الزراعية والصناعية بعد الثورة التجارية في بريطانيا قد حدثت كلها قبل اعتماد حق التصويت والتنظيم لأغلبية المواطنين البريطانيين، خاصة الرجال ثم النساء بعد ذلك،
 وكان هذا الموضوع أيضا في الدول الاشتراكية التي نحت الحقوق المدنية والسياسية جانبا، كما كان ذلك هو الوضع في تجارب دول آسيا، إلا أن التنمية لا يمكن ان تستمر الا إذا جرى احترام حقوق الإنسان بأنواعها كافة، لاسيما الحقوق المدنية والسياسية، والعمل في مساءلة الحكام وتغيير الحكومات التي تتبع سياسات خاطئة، بفتح المجال أمام اختيارات متعددة بالنسبة لنوع السياسات التي تتبنى إتباعها، بما في ذلك السياسات الاقتصادية، والوفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضروري بزيادة إنتاجية العمل ولتوسيع الحقوق الداخلية.rnما المقصود بالتنمية؟مفهوم التنمية في البداية مفهوم بسيط جدا، إذ يعني بمحورية البعد الاقتصادي للتنمية وتحديده أحادي الجانب للأبعاد الاجتماعية والسياسية والمؤسساتية والثقافية على وفق هذا المفهوم كان الاعتبار السائد يقضي بالتسليم بالمعادلة الآتية:1ـ ادخار وإعانة خارجية ـ استثمار ـ نمو اقتصادي ـ تنمية شاملة بإبعادها المختلفة بما فيها الاجتماعية والسياسية.2ـ لقد كان الاعتقاد راسخا في ان منافع هذا النمو الاقتصادي سينعم به كل الفئات الاجتماعية (التأثير التساقطي) والفقيرة منها بالخصوص، لذلك كان التركيز على قضية تكوين وتراكم رأس المال لتحقيق النمو الضامن آليا للمساوات الاجتماعية، أما الطرح السياسي والمؤسساتي فقد كانت ضربا من ضروب السذاجة آنذاك، ان لم يكن منعدما، فقد كان الحديث عن علاقة اقتصاد التنمية باشكالية الدولة والمؤسسات أمراً نادراً.3ـ وقد تطور هذا المفهوم، فقد أكد إعلان الحق في التنمية، ان المقصود بالتنمية هو عملية تحول متعددة الأبعاد لا تقتصر على جانب واحد دون آخر، فهي تقترن بتحولات عميقة اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية.4ـ والذي اصطلح على تسميته بالتنمية المستدامة الذي لا يشدد على النمو الاقتصادي فقط ، بل كذلك على التوزيع المنصف على تعزيز قدرات الناس، وزيادة الخيرات المتوافرة لهم، ويولي الأولوية الكبرى لاستئصال شاقة الفقر وإدماج المرأة.rnما العلاقة بين حقوق الإنسان والتنمية؟عدت التنمية حقا من حقوق الإنسان الأساسية اذ ان تطور منظور الحق في التنمية خلال العقود الثلاثة الماضية من العمل الإنساني على المستوى العالمي الذي توج بإعلان الحق في التنمية في العام 1986، فقد تم احراز بعض الانجازات في مجال رفع مستوى المعيشة، وتقدمت المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ولكن بالرغم من هذا تبرز الأهمية الخاصة لتطوير وتفعيل الحق في التنمية (الحق في الغذاء الكافي، والتمتع في الخدمات الصحية، وفي المأوى والحق في التعلم والحق في العمل، والحق في حماية البيئة الطبيعية، والحق في التخلص من الفاقة والفقر على أساس ان الفقر انتهاك صارخ لواحد من اهم حقوق الإنسان الا وهو الحق في حياة كريمة، وبهذا يمكن التعبير عن الحق في التنمية على النحو الآتي:يحق لكل إنسان المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية، ويشمل هذا الحق السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية وتقرير المصير والمشاركة الشعبية وتكافؤ الفرص وتوفير الظروف المناسبة للتمتع بالحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الأخرى، والمستفيدون من الحق في التنمية معروفون أيضاً، فالإنسان هو موضوع هذا الحق كما هو الحال بالنسبة لجميع حقوق الإنسان الأخرى، والحق في التنمية هو حق يمكن ان يطالب به فردياً وجماعياً.إن إعلان الحق في التنمية لعام 1986 تخطى مفهوم الزيادة المستمرة في المؤشرات الاقتصادية الى مفهوم الجوانب، بحيث يشمل البشر ككل في جميع الجوانب المتعلقة بالحقوق الأساسية، حتى أصبح مفهوم التنمية يعني تمكين الإنسان من الحصول على حقوقه كافة، وأصبح غاية التنمية ووسيلتها في آن واحد.إن احد المجالات ذا الأولوية المحددة في إعلان الحق في التنمية هو تنمية الموارد البشرية، وان تكون مركزة على الإنسان وان تقوم على قاعدة واسعة موفرة فرصا متساوية لجميع الناس نساءً ورجالا للمشاركة الشعبية في عملية التنمية ، لذا لا بد على الدولة من ان تعلم ان قضية المشاركة ببعديها السياسي والتنموي لم تعد خيارا يمكن الاستغناء عنه، ولكنها أصبحت ضرورة لا مناص منها. ليست التنمية مجرد إحسان، انها حق وهذا فرق مهم يعرف شيئا مثل التنمية بانه حق، فان ذلك يعني ان الشخص مطلب او حق قانوني وعلى الشخص الآخر في المقابل ان يلزم واجبا او التزاما قانونيا، وهذا يعني أيضاً ان الحكومات مسؤولية أمام الناس عن الوفاء بهذه الالتزامات وهذه الواجبات(أي واجبات الدول الفردية تجاه شعوبها وواجباتها الجماعية في إطار المجتمع الدولي) واجبات ايجابية في بعض الحالات(تفرض عليها القيام بشيء) وأتباع نهج يقوم على الحقوق ينتقل الى عمل فعال من اجل التنمية من ميدان الإحسان الاختياري الى ميدان القانون الإلزامي الذي تكون فيه الحقوق والواجبات و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram