TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الحضارة علم وفن وثقافة

الحضارة علم وفن وثقافة

نشر في: 8 فبراير, 2010: 05:07 م

عبد الكريم العامري- باحث اجتماعيالحضارة كل لا يتجزأ. هذا الكل يسير دائماً في خط صاعد تطور الإنسانية ليس إلا اسم آخر للحضارة البحث فيما إذا كانت الحضارة الغربية أو الشرقية، أو ايما حضارة أخرى في طريق الانحطاط أو الصعود، هو خط شكلي وموضوعي فالحضارة، التي هي تطور الإنسانية في خط صاعد لا تنحط،
لا تتعطل، لا تزول، بل الذي ينحط، يتعطل، يزول، هو الأقوام أو الجماعات أو الشعوب أو القبائل، التي تتخلف عن موكب التطور الإنساني الصاعد. الحضارة، وأن تعددت أسماؤها وأسماء القوميات التي تتحضر بها، وأن اختلفت هذه القوميات والشعوب بالتراثات، التقاليد العادات، الأعراف والسنن، فليس في هذه الخلافات ما يغير في الهدف الأوحد، هو رفع قيمة الإنسان وتبوؤه المركز الذي هو خليق به كالكائن الأعلى بين الأحياء. مادامت الحضارة هي تطور الإنسان في خط تصاعدي، فالأولى إذن ان يدور البحث في النظم الحياتية المختلفة، من حيث تلاؤمها أو عدم تلائمها مع التطور. لذلك من الخطأ: 1ـ الاعتقاد، أن نمط الحياة عفي نظام ما يشكل حضارة، فأنماط الحياة تختلف بأختلاف التقاليد، العادات، الأديان، التراثات، الثقافات. 2ـ الاعتقاد، أن تلتقي في نمط حياة ما، العبودية التي هي لا إنسانية، مع الحضارة التي هي إنسانية. هكذا قل عن الإقطاعية، الرأسمالية، الاستثمارية، الاحتكارية، الثيوقراطية، القبائلية، كل نمط حياة ينوع البشر الى طبقات فوقية متميزة، طبقات تحتية مستغلة او مستعبدة. أن ما يسمى بالحضارة الاغريقية او السومرية، او الحضارة اليهودية او العربية المسيحية وما الى ذلك... لا يجوز حسبانها حضارة بمعناها الإنساني الواسع أن هذه انماط حياة، تختلف مرتكزاتها الواحدة عن الأخرى، تبعا لاختلاف الأنظمة في كل منها. فالديانات الإلهية كاليهودية، المسيحية، الإسلامية، تختلف عن الديانات الصوفية كالبوذية، اللاوتسية، البرهمية، تختلف أكثر عن الديانات الصنمية والزرادشتية. باختلاف هذه الديانات، المرتكزات، تختلف مفاهيم القيم الإنسانية بينها. هناك أسياد وعبيد، فئات محظوظة وقليلة الحظ، حتى الديانات فيها طبقات عالية قادرة وأخرى دنيا وغير قادرة، فيها طبقات محسنة وأخرى محسن إليها، فيها قيم تنبثق من فكرة الثواب والعقاب في الآخرة. فليس في هذه الأنماط الحياتية المختلفة، التي نطلق عليها خطأ اسم حضارات، لا وحدة قيم، لا وحدة حضارية، لا وحدة إنسانية هذا على الرغم من ان المعرفة العلمية لا تجزئ الانسانية، لا تفلسف في مفاهيمها ومقاييسها. المشكلة التي تشغل فلاسفة الغرب هي: هل الحضارة الغربية في خطر من اعتداء القيم الإسلامية او الشيوعية، كيف يتقى هذا الخطر؟ بعض هؤلاء: 1ـ يعترف بوجود هذا الخطر الخارجي، يصف طرقا لمقاومته. 2ـ البعض الآخر يرى ان الحضارة الغربية أزلية، سرمدية لا يقوى عليها أيما خطر. 3ـ لكن في الغرب صراع بين العلم والفلسفة. أهل العلم فيه ينقبون عن الحقائق العلمية ويكشفونها، فيأتي أهل الفلسفة، يغطونها بالمبهمات الميتافيزيقية.. غايتهم ان يجعلوا غربهم ملتقى القيم. 4ـ البعض يرجع التقدم الغربي الى اسباب صوفية مستمدة من الديانة المسيحية كما يدعي ارنولد توينبي وهانز كوهن، لكن الدين المسيحي نشأ في الشرق، تعاليمه وضعها رسل المسيح وتلاميذه، الذين كانوا كلهم شرقيين. لكن لماذا تقدم الغرب بهذه التعاليم وتأخر الشرق؟ أن السبب الحقيقي لتقدم الغرب حضاريا، هو تقدمه علميا، ثقافيا، اقتصاديا، صناعيا، أي تقدمه ماديا. ففي العصور التي سبقت الثورة الصناعية في الغرب، التي لا يسع أحد ان يتجاهل، بأنها كانت نتيجة التقدم العلمي، التكنيكي، الاقتصادي، كان الغرب ثيوقراطي الحياة الاجتماعية والانظمة السياسية. هناك استبداد الملوك، الاقطاعية، مذبحة ليلة برتلماوس، محكمة التفتيش!. يقول فلاسفة الحضارة، ان الغرب في القرون الوسطى عاش فترة مظلمة، كان تحت تأثير طقسية ثيوقراطية الدين ورجاله.. لكن الحضارة الغربية حصل فيها التقدم المادي العلمي، الاجتماعي، الاقتصادي الذي أعطى الاشياء مفاهيمها الحقيقية، فتح العقل البشري على الحقيقة الانسانية، حتى بلغ الغرب ما بلغه من القوة، أحرز ما أحرزه من النجاحات الهائلة، استطاع التحكم بمعظم شعوب العالم، الانتفاع من خيرات الأرض. لكن لماذا ينزل هذا الغرب العصري الأذى للحضارة الانسانية، بالحروب التي يسببها بين الشعوب، بالسياسة الاستعمارية، الاستثمارية، الاستعبادية، بتقديسه للقوة العسكرية، احتكاره الموارد الطبيعية، البشرية للشعوب الضعيفة، إبقائها بحالة الجهل والفقر.. فأين الفلسفة الإنسانية في الحضارة الغربية؟ أن الحضارة، التي هي اسم آخر لتطور الإنسانية في خط صاعد لا يعقل ان تصعد في تطورها إلا إذا ارتكزت على نظام اجتماعي، اقتصادي، حياتي، يفسح لها المجال لهذا التطور لقد دل التاريخ، وقائعه، إحداثه، على أن لا النظام الإقطاعي، لا النظام الثيوقراطي، لا الرأسمالي، لا الشيوعي فسح المجال لهذا التطور. إذن، لا عجب ان تتطلع البشرية بأمل، الى نظام تسونامي جارف جديد، يعبد الطريق أمام سالكيه بدون جعجعة، يستوحي من الحياة العدل والتسامح، يجمع أهل العلم، الثقافة، الأدب، الفن، دعاة السلام، لأن الحضارة هي علم، فن، ثقافة، وتنسيق الحياة على أسس العدا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram