adnan.h@almadapaper.net
هل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بادرت إلى الاعتذار من تلقاء نفسها أم أن المسؤولين فيها وجدوا أنفسهم مضطرّين لذلك والإعلان عن أنهم قد ارتكبوا خطأ في تقريرهم الأخير؟
ما من أحد لا يُخطئ.. الناس العاديون يُخطئون، وكذا الزعماء السياسيون (هؤلاء يكذبون بقدر ما يخطئون وأكثر).. ويُخطئ كذلك رجال الدين والعلماء والفلاسفة والادباء والأحزاب والمنظمات، وكلّ من دبَّ عليها.
إذا كانت (يونامي) قد اعتذرت لأنها اكتشفت عن حقّ أنها أخطأت، فهذا أمر حسن تُشكر عنه كل الشكر، لكن الخشية أن يكون الاعتذار ناجماً عن ضغط من نوع ما من الحكومة أو إحدى إداراتها، وهذا ما يمكن تلمّس تلميح له في البيان الصادر عن البعثة الأممية.
في بيانها تقول البعثة إنها "أحيطت علماً بالبيان الصادر عن خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة، الذي انتقدت فيه ما نشرته البعثة عن عدد الضحايا العسكريين الوارد ضمن تقرير البعثة لتشرين الثاني 2016"، وتضيف أن "الأرقام التي وردت عن الضحايا العسكريين لم يتمّ التحقق منها إلى حدٍ كبير". وبررت البعثة ذلك بـ "صعوبة الوصول إلى الأماكن التي يدور فيها الصراع، حيث من المرجّح سقوط الضحايا بين العسكريين، فضلاً عن قلة المصادر الموثوقة والمستقلة التي يُمكن التحقق عن طريقها من الإحصائيات"، مشيرة إلى أن "طلباتها إلى الوزارات العراقية المعنية بشأن التحقّق من عدد الضحايا في صفوف العسكريين، لم تحظَ بالرد."
درجت (يونامي) طوال السنوات الماضية على إصدار تقرير شهري بعدد القتلى والمصابين في أعمال الإرهاب والعنف التي لم تتوقف يوماً في العراق على مدى العقد المنصرم. وهي بذلك قدّمت خدمة لنا نحن الإعلاميين وإلى الرأي العام العراقي تتعلق بالحقّ في الحصول على المعلومة، وهو الحقّ الذي كفله الدستور وغيّبته الطبقة السياسية الحاكمة بعدم تشريعها القانون الذي لم نفتأ نطالب والمنظمات الحقوقية والإعلامية والثقافية به منذ عقد من الزمان.
في تقريرها الأخير الصادر الخميس الماضي أعلنت يونامي عن مقتل ألفين و885 عراقياً وإصابة ألف و380 آخرين من جراء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح التي وقعت في في الشهر الماضي. وبين هؤلاء ألف و959 قتيلاً و450 مصاباً من القوات المسلحة والأمنية، بمن فيهم عناصر من الشرطة مشاركون في مهام قتالية وقوات البيشمركة والمهام الخاصة والحشد الشعبي، مع استثناء القوات المشاركة في عمليات الأنبار.
لكنّ خلية الإعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة اعترضت على أرقام الضحايا العسكريين، وبخاصة القتلى ورأت أن الرقم المعلن من البعثة الأممية "غير دقيق ومبالغ فيه جداً".
قد يكون الأمر كما أفادت به خلية الإعلام، وقد يكون الرقم الأممي صحيحاً. لا أحد منا في وسعه التثبّت ممّا هو مُعلن من الطرفين. أسوأ شيء أن يكون الرقم صحيحاً وأن يكون التراجع عنه نزولاً عند الضغط .
من حقّ العراقيين جميعاً أن يعرفوا الحقيقة.. لا مصلحة في إخفاء الحقيقة على النحو الذي كان يفعله نظام صدام في الماضي .. الخطوة الأولى على طريق معرفة الحقيقة تشريع القانون الذي يضمن حريّة وصولنا وكلّ الناس إلى المعلومات وحريّة نشرها أيضاً.