TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سطوة الحرف، هيبة الكلمة .

سطوة الحرف، هيبة الكلمة .

نشر في: 11 ديسمبر, 2016: 09:01 م

الأب ، الوافر  الثراء ، الكثير الأبناء . مريض ، شديدة  علّته، ضامه موقف أولاده منه ، حين رأى ازوراراً وتقصيراً منهم في العناية به ورعايته ، انتظاراً لرحيله الوشيك ، تأهباً لنوال حصتهم من الإرث . فأعتزم أمراً ….
نادى على خادمه الأمين ، طالباً منه ورقة وقلماً ، و.. بيد مرتعشة وقلب واجف . كتب وصيته الأخيرة ، مشفوغة بتوقيعه وبصمة إبهامه : (( إني الموقع  ادناه ، أهب أموالي واملاكي للدولة)).
……….
تفاصيل  هذه الواقعة  الحقيقية ، قد تبدو متخيلة او فنطازية ، كحكاية من حكايات الف ليلة وليلة . لكنها على بساطتها ،حكاية دالة  وموحية ،  تؤكد  بجلاء  على قيمة الحرف — في العربية ومعظم اللغات — فقد يتغير مفهوم  او مضمون عبارة او جملة تامة بحذف حرف منها ،  او إضافة حرف آخر إليها .فما بالك بتقديم الفاعل على الفعل ، او إسقاط واو الجماعة من كلمة ، او تغليب المهم على الأهم ، او استبدال إحدى ادوات النصب بأداة جر ؟؟.
……
عودة لحكاية البداية …….
لمح احد الأبناء الورقة مركونة قرب مخدة الوالد  المحتضر ، فأصابه هلع غامر من مضمون الوصية الأخيرة — الواجبة الأحترام والتنفيذ — وضامَه ان يُحرم وبقية الورثة من الإرث المنشود ، فاستل  القلم ، وأضاف الحرف ( أ ) على يمين حرف ( الواو ) ، لتغدو الوصية  هكذا : ((أهب اموالي  أو  أملاكي  للدولة )) وهكذا ضمن حصته وبقية الورثة من نصيبهم في الإرث .
…….
اتذكر هذي الحكاية — الحقيقية او المنتحلة — كلما قرأت موضوعات - كأنما كتبت علي عجل او جهل — تفتقر لأبسط قواعد اللغة ، بتجاهل وضع الهمزة في النصب والرفع  والجر  ، ناهيك عن خرق حرمة  الإملاء - سهواً او جهلاً -.
قد يتهمني البعض بالإفلاس ، او الكتابة على هامش الموضوعات ، تهرباً من الإشارة  لما يجري من خروقات مصيرية . لكنها (اللغة ) يا أرباب  الكلمة ، وهي الوطن  ، وصدر الأم ، ولبن المرضعة ، وهي  الحصن الحصين المتبقي لنا ، بعد كل ذاك الفقدان .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram