adnan.h@almadapaper.net
ليس من السهل الدفاع عن موقف السفيرة صفيّة السهيل بزيارتها في العاصمة الأردنية وزير العدل في عهد صدام د. منذر الشاوي بتبرير الزيارة بأنها "نشاط اجتماعي" للسفيرة، كون الشاوي شخصاً مسنّاً ومريضاً وغير مطلوب للسلطات العراقية.
المعترضون والمحتجّون على "لفتة" السفيرة والمندّدون بها حدّ المطالبة بإقالتها من منصبها، يُمكن تفهّم موقفهم وتقديره، وهم على وجه الخصوص الذين لهم أهل وأحباب أُعدموا أو سُجنوا ظلماً وعدواناً في عهد صدام بإجازة أو مصادقة من الوزير الأسبق الذي كانت تفرض عليه الأخلاق والأعراف الأكاديمية، وهو كان استاذاً جامعياً في القانون قبل استيزاره، الامتناع عن قبول المنصب أو الاستقالة منه.
الحجّة التي قدّمتها السفيرة السهيل للردّ على المعترضين والمحتجّين والمندّدين ليست قوية بما يكفي لردّ الاعتراضات والاحتجاجات والتنديدات. كان على السفيرة أن تسأل العارفين وأهل المشورة قبل قيامها بتلك الزيارة كيما تعرف أنّ مَن تعتزم زيارته كان مسؤولاً عن إعدام وسجن عدد لا يستهان به من مواطنيها.
لكن، هل كلّ الذين اعترضوا واحتجوا وندّدوا، قد فعلوا ذلك بدوافع وطنية؟ .. ليس الأمر كذلك في الواقع، فالبعض مِن أكثر الذين رفعوا أصواتهم ضد ما قامت به السفيرة السهيل لديهم موقف مسبق منها، وكانوا في الأساس قد اعترضوا واحتجوا وندّدوا يوم أُعلن عن تعيين السيدة السهيل سفيرةً لدى الأردن. وهؤلاء تمسّكوا بذريعة متهافتة لتبرير موقفهم، هي أنّ السفيرة السهيل أمها لبنانية، وأنها تحمل الجنسية الأردنية.
كون أم السيدة السهيل لبنانية لا يطعن في أهليتها لمنصب السفيرة، مثلما لم يطعن قبل ذلك في أهليتها لمنصب النائبة في البرلمان، فوالدها عراقي أصيل، وهو كان من المعارضين البارزين لنظام صدام، ودفع حياته ثمناً لمعارضته، فقد اغتالته مخابرات النظام في بيروت العام 1994 بسبب نشاطه المعارض. والسفيرة السهيل هي الأخرى كانت منخرطة في نشاط المعارضة من الأردن ولبنان وبريطانيا. والمفارقة هنا أنه حتى نظام صدام المتشدّد قومياً لم يكن يحول دون تولّي العراقيين المولودين من أمهات عربيات المسؤولية في دولته!
أمّا حيازة الجنسية الاردنية، وشخصياً لست على علم بحيازة السفيرة السهيل الجنسية الاردنية، فهي حجّة مردودة، لأنّ نصف كبار المسؤولين في نظامنا الحالي يحملون جنسيات أكثر أجنبية من الجنسية الاردنية العربية، كالبريطانية والاميركية والالمانية والسويدية والدنماركية والكندية وسواها.
أما الذين حصروا اعتراضهم واحتجاجهم وتنديدهم بكون د. الشاوي كان مسؤولاً عن إعدام الكثير من أبناء شعبنا في عهد النظام السابق، فإن موقفهم الوجيه والصحيح والسليم كان سيكون أكثر وجاهة وصحة وسلامة لو أنهم التزموا الموقف عينه - الاعتراض والاحتجاج والتنديد- حيال وجود العشرات من المسؤولين عن مئات أحكام الإعدام والسجن الصادرة في عهد النظام السابق، في مناصب عليا في نظامنا الحالي. إنّ هذا يثير سؤالاً حامياً: لماذا أصحاب هذا الموقف قد استفزتهم زيارة السفير السهيل لوزير العدل الصدامي المسنّ والمريض المقيم في الأردن فيما لا يستفزهم وجود مماثلين له في ارتكاب الجرم نفسه في مناصب عليا في السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، المدنية والعسكرية والأمنية، والسلطة التشريعية، لنظامنا الحالي؟
هل من مجيب؟