adnan.h@almadapaper.net
لأول مرة يوجد في العراق حزب له زعيمان سابقان لم يزالا على قيد الحياة ويحظيان بالاحترام والتقدير داخل حزبهما بمثل ما كانا عليه وهما على رأس قيادة حزبهما. ما معنى هذا؟ هل هو مؤشّر على أننا قد وضعنا أول قدم لناعلى طريق الديمقراطية التي تبدو عصيّة على التحقق برغم دستورنا الذي يكرسها نظاماً سياسياً؟
في تاريخ العراق الحديث ظلّ زعماء الاحزاب لا يبرحون مواقع القيادة إلا قتلى أو موتى أو منقلباً عليهم، وتقريباً لا يوجد مثال واحد على تنحّي زعيم الحزب عن قمة القيادة في حزبه من تلقاء نفسه. الحزب الشيوعي العراقي يصبح الآن الاستثناء من هذه القاعدة.
منذ أيام عقد الحزب الشيوعي مؤتمره الوطني العاشر الذي انتهى بانتخاب لجنة مركزية جديدة انتخبت بدورها مكتباً سياسياً وسكرتيراً جديداً هو الدكتور رائد فهمي خلفاً لحميد مجيد موسى الذي أبلغ المؤتمر عند بدئه بعزمه على عدم الترشح لأي منصب قيادي في الحزب. وموسى كان قد خلف عزيز محمد الذي اتخذ موقفاً شبيهاً بموقف سلفه. والآن فإن للحزب زعيمين سابقين على قيد الحياة يكنّ لهما حزبهما التقدير والاحترام ويتمتعان بمثل ذلك في الاوساط السياسية والاجتماعية الوطنية.
بالطبع، الديمقراطية يلزمها ديمقراطيون، فمن المستحيل إقامتها أو تحقيقها إلا على أيدي الديمقراطيين، والديمقراطيون ينتظمون في أحزاب ديمقراطية، ومن سمات الاحزاب الديمقراطية وجود حياة داخلية ديمقراطية ، ومن مظاهرها الانتخابات وتغيير وتجديد القيادات الحزبية وتداول السلطة في الحزب سلمياً.
كم حزباً لدينا لديه حياة داخلية ديمقراطية؟ وكم حزباً تجري فيه انتخابات حرة دورية ؟ وكم حزباً يتبدل في القيادة دورياً؟ وكم حزباً لم يتشبّث زعيمه بموقعه من المهد إلى اللحد؟ .. عندما تكون لدينا اربعة أو خمسة أحزاب ديمقراطية سيمكننا الأمل بتحقيق الديمقراطية.
من إيجابيات المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي أيضاً أنه غيّر لجنته المركزية بنسبة زادت على 40 بالمئة، وأن نسبة معتبرة من الشباب والنساء قد انتخِبت الى لجنته المركزية الجديدة، وأن إحدى النساء قد انتخَبت الى المكتب السياسي، أعلى سلطة في الحزب، وهي المرة الاولى التي تتولى فيها امرأة هذا الموقع. بالطبع العبرة ستكون في ما سيتحقق من نتائج بعد هذه التغييرات الايجابية في القيادة، وبخاصة لجهة تفعيل دور الحزب في الحياة السياسية وفي الحراك الشعبي الهادف الى تحقيق الاصلاح المطلوب في النظام السياسي القائم وقطع خطوات على طريق الديمقراطية التي ظلت عصيّة بعد
أكثر من ثلاث عشرة سنة على إسقاط نظام صدام الدكتاتوري.
مما أعجبني أيضاً من اعمال المؤتمر العاشر هذا، النداء الذي وجّهه المؤتمر الى أعضاء الحزب السابقين او المبتعدين عنه.. هو نداء مفعم بالعاطفة يدعوهم الى أن يكونوا معه "في المعركة التي يخوضها من أجل الشعب والوطن"، مشدداً على أن "أوقاتاً عصيبة تطبق اليوم على عراقنا الغالي، وقد تكالب عليه ارباب المحاصصة والارهاب والفساد، وتناهشته عصابات الدواعش واللصوص والجريمة المنظمة، وعصفت به أهواء واجندات تجار السياسة وخبراء الاستقواء بالقوى الخارجية، واستهتر به المغامرون المقامرون الذين لا يتورعون عن شيء لحفظ ما نهبوه وتعظيمه بالمزيد من النهب". هذا في الواقع نداء الى كل الوطنيين والديمقراطيين العراقيين لأن ينزلوا الى الميدان لوضع نهاية لهذه الاوقات العصيبة حقاً وفعلاً.
تنويه
تأكد لي، على هامش ما كتبته أمس (في قضية السفيرة السهيل)، أن سفيرتنا في الأردن لا تحمل الجنسية الأردنية، وأن الاردن لا يقبل البتة بأن يمثل حامل جنسيته دولة أجنبية لديه. أقول هذا لأؤكد ما أعرفه بأن ما يقال ضد السفيرة السهيل في هذا الصدد هو محض هراء.
جميع التعليقات 5
جاسم سيف الدين الولائي
انتباهة رائعة أستاذي العزيز عدنان
خليلو...
نسيت أيها الأستاذ أن تذكر إثنين آخرين ممن تغير وبالاسلوب الديمقراطي أيضا لا ب القتل وإن كان أحدهما يوماما عند قاعدة المشنقة كمال شاكر سكرتير الشيوعي الكردستاني والآخر كريم أحمد ...... الظاهرة السياسية في العراق وحزبيتهاأيضا تخضع لقانون گرامشي
خالد جواد شبيل
الأستاذ عدنان حسين تحية وشكراً على هذه المقالة الموضوعية المنصفة.. وإذ انتهيت من قراءتها عنّ لي سؤال أو أكثر، ربما في الإجابة عليها تكتمل الصورة: كم بقي الزعيمان السابقان على رأس الحزب؟ لم أدر إذا حددت فترة السكرتير الجديد، أحسب من الأفضل أن يبقى لمدى م
أبو أثير
أتمنى ومعي الملايين من الشعب العراقي أن يأخذ الحزب الشيوعي العراقي دوره في العمل على توحيد الصف العراقي ضد المتأسلمين الجدد الذين خربوا البلاد والعباد ... وأن يسحب يديه منهم ومن التعامل معهم كما فعل في فترة ما بعد ألأحتلال .... مما أدى الى عزوف الملايين م
عارف الماضي
نشاطركم الرأي تماما،استاذنا المبدع عدنان حسين في هذه التأشيره الهامه ،وبودنا أن نضيف قضية تميز هذا المؤتمر بكل شيئ ،فلم تشهد كل مؤتمرات الحزب السابقة هذا الحضور الكبير ولا تلك المشاركه الرسميه و المدنيه و الشعبيه، كان كرنفالا وطنيا وعرسا عراقيا لايقبل الت