منذ انتهاء مرحلة الذهاب لتصفيات المونديال بدورها الحاسم قبل شهر تقريباً والإعلام الرياضي ما انفكّ يوجه أصابع الاتهام لمدرب المنتخب الوطني راضي شنيشل وأعضاء ملاكه التدريبي المساعد لتسببهم في الإقصاء المبكّر لفرصة الأسود من مواصلة المشوار وانعدام الثقة بتحقيق نتائج اعجازية في ظل تصميم بقية المنتخبات على زيادة رصيدها من النقاط والاستحواذ على بطاقتي المجموعة الثانية ، بينما أفلت رئيس وأعضاء لجنة المنتخبات من الحساب العسير كونهم مسؤولين بالدرجة الأولى عمّا آلت اليه سمعة العراق في أكبر منافسة يترقبها العالم كل أربع سنوات.
من المُخجل أن يظهر رئيس لجنة المنتخبات فالح موسى في محطة تلفازية يُبرر إقصاء مدرب حراس مرمى المنتخب سهيل صابر بدلاً من إعلان فشل لجنته المرير وتحمّلها مسؤولية انحدار مستوى ونتائج منتخبنا الوطني "رفيق تايلاند" في مؤخرة الترتيب ، وكان يفترض به أن يغتنم فرصة مواجهة الجمهور ليعتذر لهم ويُعلن استقالته واعضاء اللجنة من الاستمرار في عمل لم يتم التعامل معه بحرفية تدلل على حرص المعنيين بوجوب تنظيم استحقاقات اللجنة كونها تقف على دكة أخطر مهام اتحاد الكرة ضرراً بسمعة اللعبة والبلد إذا ما انحرفت عن المصلحة العامة وتاهت في دروب محددة ومغلقة تأبى في نهاياتها الاعتراف بعجزها فتعاود السير في الاتجاه ذاته.
لجنة المنتخبات باتت الحلقة الأضعف بين لجان الاتحاد بعدما كنا نراهن على دورها الاستثنائي بوجود بعض الشخصيات المساهمة في صنع تاريخ اللعبة المرصّع بذهب الانجاز في ثمانينيات القرن الماضي ، لكن عقدها انفرط أكثر من مرة وغدت شكلية أكثر منها عملية كون اغلب القرارات المؤثرة والفاعلة تؤخذ بالتشاور والتصويت بين اعضاء الاتحاد حتى وإن جاءت بتوصية من اللجنة ، وهذا التصرّف المرتهن بإرادات مستحوذة على الكلمة الأخيرة في الاتحاد وراء ممانعة الكثير من خبراء الكرة أمثال د.عبدالقادر زينل ود.جمال صالح وأنور جسام وأكرم سلمان وعدنان درجال ود.موفق المولى ود.حارس محمد وخلف كريم واسماء كثيرة سواء للعمل في اللجنة ذاتها أو بصفة مستشار المنتخبات وإن تباين عُذر كل منهم.
صراحة لا يصح أن تسمّى لجنة المنتخبات بعملها الحالي ، بل لجنة "الأزمات" كونها أدق وصفاً لطبيعة التعاطي مع ظروف الاتحاد في تصريف أعماله ، لا يطل رئيس اللجنة وأعضاؤها إلا عندما يكثر الصراخ ضد حكيم أو أكرم أو يحيى أو راضي في محاولة يائسة لإظهار اللجنة انها صاحبة القرار في حلّ الأزمة ، لكن أين شخصيتها المعنوية والمهنية ؟ هناك مؤشرات واقعية تؤكد أنها بلا صلاحية ، نستل منها أزمة ( حكيم ويحيى ) في عدم تفريغ لاعبي عدد من لاعبي الشرطة للمنتخب وتدخل رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي شخصياً للمصالحة ثم رفض يحيى الاستعانة بهم أمام الصين تايبيه وتايلاند في 3 و8 أيلول 2015 لإخلال حكيم باتفاق "حمودي" ، وأيضاً تسمية المدرب أكرم سلمان خلفاً ليحيى علوان ثم إقالته بعد مباراة اليابان الودية لخسارته بالأربعة ويبرر رئيس لجنة المنتخبات الانقلاب ضد سلمان أن ضغط الإعلام والجمهور فوق طاقة اللجنة والاتحاد ويُفنَّد كلامه من داخل الاتحاد بأن تسمية المدرب شهدت انقساماً بين مؤيد ومعارض وعمدوا إلى الإساءة للرجل والتظاهر بتناسي تاريخه يوم كان يجلس في المنطقة الفنية في أولى مهماته التدريبية مع ناديي البلديات وكربلاء (1970-1978) و( 1978-1979) على التوالي وأول مدرب محترف عراقي مع الجبلين السعودي (1980-1981) بينما كان جميع أعضاء الاتحاد من مرتادي المدرّجات أو متفرجين أمام شاشة التلفاز باستثناء محمد جواد الصائغ وكاظم محمد سلطان وليس في ذلك غاية للانتقاص من أحد.
وماذا بعد؟ الخطأ الشنيع للجنة المنتخبات في عدم دراسة توحيد ستراتيجية مهمتي المدربين الكفوئين عبدالغني شهد وراضي شنيشل مع الأولمبي والوطني وتركت الثاني يقرر مصيره بيده قبل ان يستدرك أهمية العناصر التي تألقت في دورة ريو ومع ذلك افتقد الى الاستقرار وتاه مركب الوطني في رحلة التجريب المريرة بسبب انعدام رؤية لجنة المنتخبات أزاء فكرة التوحيد وضعفها أمام استبداد راضي برأيه وجزمه قبيل مباراة استراليا بأنه لن يضيع جهده في خياراته لمن تدرّب معه وأنه ماضٍ لبناء جيل جديد، ما يعني تفرّده بالقرار الفني بمعزل عن لجنة المنتخبات التي أغلق الرئيس واعضاؤها افواههم ولم يكشفوا حتى الساعة عن هوية الجيل المنتظر؟!
نكتفي بهذا القدر من تسليط الضوء على هنّات لجنة المنتخبات فما زال في جعبة المصارحة الكثير إيماناً وتناغماً مع آراء قيّمة لرجال الكرة السابقين ممن عرفتهم مخلصين ومتمرسين بشجونها ، آملين أن يعيد اتحاد الكرة النظر في تشكيلة لجنة المنتخبات قبيل بدء العام الجديد لإصلاح عملها ومضاعفة واجباتها في متابعة المحترفين وتنظيم اعمالها مع روزنامتي اتحادي (فيفا) والآسيوي ، ولابد أن يكون رئيس اللجنة شخصية أكاديمية مستقلة لا تُناط به مهمة الإشراف على أي من المنتخبات ويتفرّغ للتخطيط العملي لا الورقي ليعيد مهابة اللجنة التي صيّرها الرئيس الى (بطاقة ذاكرة) المنتقدين في جهاز الموبايل !
الحساب فات للجنة المنتخبات
[post-views]
نشر في: 13 ديسمبر, 2016: 04:37 م