TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زمن جلال العظم وزمن البطّاط

زمن جلال العظم وزمن البطّاط

نشر في: 13 ديسمبر, 2016: 07:40 م

ali.H@almadapaper.net

عاش صادق جلال العظم  حياته مثل كتابه الشهير   " نقد الفكر الديني " الذي أثّر  بجيل كامل من المثقفين ، في نقده  الجريء للمؤسسة الدينية فالكاتب الذي تخصص بالفلسفة  ، وعشق الادب   هو نفسه صاحب أهم كتاب عن  النقد الذاتي لهزائم العرب ، حاول من خلاله تفنيد  خطاب    الأنظمة العربية ، التي تحولت من جمهوريات مستقلة الى طوائف  وقبائل  وعشائر.
كان في التاسعة  من عمره حين سمع مدرس الدين يحذرهم من عذاب الجحيم ، عجزهُ عن استيعاب حجم العذاب الذي سيتلقاه  بعد ان يموت زاد من حيرته  .
نشأ  في عائلة تدافع عن التنوير والعلمانية ، كان والده جلال العظم أحد العلمانيين السوريين  الداعين الى دولة مدنيّة ، ولأن المعرفة  والبحث والجدل دائما ما تؤدي بأصحابها إما الى السجن او المنفى، فقد اختار العظم ان يعيش  في  بيروت التي فتحت أمامه أبواب النشر ليقدم خلال سنوات قليلة عشرات الكتب  توزعت بين نقد الفكر الديني الذي ظلت صورته راسخة من خلال مدرس الدين الذي يدعو إلى استبدال الدنيا بدار الآخرة   ، والأقرب الى عقله  الفكر الماركسي  الذي خصص له القسم الاكبر من اهتمامه ، وسعى الى تطبيق منهجه على الدراسات النقدية   من خلال عدد من الدراسات كان أبرزها : دفاعاً عن المادية والتاريخ ، ذهنية التحريم ، الاستشراق معكوسا ، النقد الذاتي بعد الهزيمة   .
في تلك المرحلة المضيئة كان صادق جلال العظم  ينام حالماً بعالم العدالة الاجتماعية ، لكنه يفيق على صوت المشاحنات السياسية ومعارك الرفاق .
لم يحدث في تاريخ البلدان  أن غيِّب الصوت المدني  الى هذه الدرجة  . غيّبهم الاستقواء بالطائفة ، وهوس الانحيازات العشائرية . والدولة العلمانية  التي كنا نقرأ عنها في كتب صادق العظم ، اصبحت  تهمة تؤدي بصاحبها الى الرجم .
اليوم اصبح العراقي يبحث عن طائفته لا وطنه  ، ويدفعه الساسة الى    الى عدم التحرج من اعلان ذلك، كان هذا في الماضي جريمة يحاسب عليها الضمير الوطني  ، فصار اليوم مدعاة مباهة وفخر . كانت الناس تخجل من الافصاح عن انتماءاتها القبلية  ، فإذا بدعاة  العراق الجديد  يعلنون الخوف من الافصاح عن الانتماء للوطن.
يغيب صادق جلال العظم ، لكن كلماته تبقى، ونتذكره ونحن مع  اشباه ساسة يزهقون الأرواح ويخرّبون الأوطان ، ويصرون على ان يكون الحل شوارع مصبوغة بالدم مثلما حذّرنا واثق البطاط امس في دفاعه عن نوري المالكي
في آخر حوار معه يجيب الرجل العلماني رداً على سؤال كيف ينظر الى احوال العراق وسوريا وليبيا ؟ ، بجملة واحدة  : " دائما ما أتذكر
الآية القرآنية : كيفما تكونوا يولّى عليكم. "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. بغداد

    أستاذ علي حسين لا يحق لأي سلطة ان تسرق حرية التعبير وحرية الرأي من مواطنين البلد فعصابة المنطقة الخضراء القابعون في زريبة برلمان لا يهش ولا يكش يقوده أغبر غبي لا نعرف عن تاريخه الغامض اَي شيئ الدعي سليم قنفة سليم الجبوري وحبربشه هؤلاء الأمعات مع رئيس حزب

  2. هفال كتاني

    ما يهم البعض من كل ما قلته هو ان الجملة التي ذكرهاالراحل ليست بآية قرآنية وانما حديث نبوي!!

  3. أبو أثير

    الطيور على أشكالها تقع ... مثل عراقي معروف فمن الطبيعي جدا أن يتدافع البطاط بالدفاع عن سيده المالكي وسينبري آخرون مثله بالدفاع عن عرابهم نوري المالكي وخاصة زعماء المافيات والميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والعرف ألأجتماعي ... وكما صرح ملا بغداد الساب

  4. عبد الستار سعيد

    كيفما تكونوا يولى عليكم.....ليس أيه قرانيه.....بل حديث ضعيف ....لا ادري هل الوهم من السيد الكاتب ام من العظم نفسه

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram