اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > النحات العراقي (حيدر وادي) يحلق عالياً في حلم أنثوي مجنح

النحات العراقي (حيدر وادي) يحلق عالياً في حلم أنثوي مجنح

نشر في: 17 ديسمبر, 2016: 12:01 ص

سأل أحدهم "بوذا" قائلاً :علمني النحت يا بوذا، فردَ عليه : اذهب و تعلم الرسم و الرقص و الفلسفة و الموسيقى ثم اطلب مني أن أعلمك النحت. تذكرت هذه  الحكاية ، وانا  اتامل منحوتات الفنان العراقي المغترب في ليون بفرنسا (حيدر وادي) والمولود ببغداد1

سأل أحدهم "بوذا" قائلاً :علمني النحت يا بوذا، فردَ عليه : اذهب و تعلم الرسم و الرقص و الفلسفة و الموسيقى ثم اطلب مني أن أعلمك النحت.
تذكرت هذه  الحكاية ، وانا  اتامل منحوتات الفنان العراقي المغترب في ليون بفرنسا (حيدر وادي) والمولود ببغداد1976 ، وهي تسعى للخروج من الكامن الجامد إلى المعبّر المفتوح الأفق أو من الواقع إلى المتخيل برشاقتها وبخطوطها التكوينية اللينة وحجومها الإيقاعية الراقصة. ففي الوقت الذي ازداد اهتمام النحاتين بالتجريد، حتى  اصبح اهتمامهم منصباً على مشكلات التكوين وأهملوا المحتوى أو الرسالة في العمل النحتي. ولم يَعُد اهتمامهم مركَّزاً حول ثيمة الإنسان للتعبير عما يحيط به .  نجد ان اعمال  الفنان (حيدر وادي ) تعاكس تلك الموجه ، فيعود في منحوتاته للاشتغال على الدلالات التعبيرية مستفيدا من مخزون الفنون الشرقية وتاثيراتها الفكرية فهنا يمكن ان نؤشر بوضوح لمرجعيات من موروث حضاري ، يخص بلاد ما بين النهرين في فن النحت وتأثيرات الفنون الإخرى عموما ، وبهذا تكمن مصداقية الفنان في التأثر من الأصول  والتجديد وتأصيل ما يجدد دون أن يفقد هويته وتفرده الاسلوبي. فهو يمزج بين التشخيصي (figurative) والتجريدي مبتعدا عن البنائي- السكوني الجامد  متخذا من المرأه وطموحها في الانطلاق موضوعا لأغلب اعمال في هذا الأسلوب  . عاكسا فكرة حكائية قديمة من الموروث الشرقي في طموح الرجل في التحليق والطيران - كمحاولة عباس بن فرناس واخرين  - مستبدلا ذلك باشكال انثوية في تحقيق حلم التحليق عاليا في الأعالي كي يعبر عن قدرة ( الفرد- المرأه ) على الانفلات من كل الاطواق المحيطة بها ، مستعيرا اجنحة الاخرين لتحقيق الحلم .
ان اعمال (حيدر وادي ) تجمع بين البناء الشكلي التجسيمي الانثوي و البحث عن الحرية كمترادف لإبراز قدرة النحتية فهو لا يختزل الشكل بل يعتمد وباصرار على إبرازه على أكمل وجوهه ، نحتاً مجسماً قائماً في الفراغ . فالمعالجة النحتية عنده قائمة على حركة الكتلة المتوازنة حجما "وفراغا" معا ، آخذاً بعين الاعتبار بساطة السطوح ومرونتها وقوة ارتباط الكتل المشكلة للمنحوتات في بناء الحضور المعبر والجميل لكتلة المنحوتة ككل في الحيز الفراغي وبتوازن تكاملي وكأنه يحاول دمج الفراغ بالزمن ليعطيه بعداً مضافاً . بالاضافة الى أن التناسب الموزون بين الكتله كمساحة وهيكلية الفراغ . والتي تعكس قدرة النحات العالية والمتمكنة في الوقت نفسه رغم انه لم يختر احجام كبيرة لمنحوتاته . ويتظافر ذلك مع الكثير من الدقة والصدق في التعبير ما يجعل العمل الفني يتقدم رؤية متخيلة لدى المتلقي تثير فيه كوامن حلم ما بالانطلاق .  ان عملية الخلق عند الفنان وكما يعبر (بول فاليري ) إنما غايتها هي إثارة عملية خلق أخرى لدى المتذوق .
فأعمال النحات (حيدر وادي ) فضاء مفتوح على الأحلام اللامتناهية فهي تستشف الواقع بابعاد ودلالات سيميولوجية متنوعة . وهذه الافكار تتالف بعلاقتها بالمنظور العام وتندمج معه ، وأهم شيء فيها هو أن المتلقي لهذا العمل يحاول أن  يتخيل هذه المنحوتات البرونزية رغم ثقلها لديها القدرة على الطيران والتحليق في الفضاء الواسع .  فعند رؤيتها من بعض الزوايا, وخصوصا من الجوانب وكأنها تطير وتنطلق محلقه بعيدا حتى لو في حلم .
ان الفنان يحاول جاهداً إقامة حوار جمالي مفتوح  بين عمله والمتلقي عبر الهيئة والملمس والتكوين، وهو الحوار الذي نتعرف من خلاله ايضا، على مدخلات النظام البصري الذي يتشكل معه نسيج العلاقة بين مبدأ التكوين وجوهر التعبير . وهذا التصور لأسطورية العمل، لا يعني أن أعماله بعيدة عن الواقع أو غير حقيقة، بل أن الهدف الأساسي هو التعبير عن الإنسان العبقري المنطلق، بشكل نساء مجنحات ، كي يرسخ فكرة غير جديدة بالمطلق بالنسبة لفن النحت، فهو يعبر عن مجاز ليحطم به سلبية الواقع والركون الى الاشياء .
أن (حيدر وادي) عبر اعماله البرونزية هذه يريد ان ينقلنا إلى عوالم حلمية، تبتعد عن الاشكال  المألوفه في النحت، وفي الفن عموما، فهو يقدم رسالة مشاركة منه للآخرين هدفها أن تجمع كل البشر في إحساس واحد . وحلمه أن يتواصل الناس من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في تغيير الواقع المأساوي المستلب لحرية المرأه وليس تجميل الأشياء فحسب ،فهو يجتهد في البحث عن انسب الأشكال المعبرة. من أجل ابراز الحقيقة المختفية خلف أقنعة الواقع ، والتي لا نراها في فن النحت التقليدي بل نراها في الحقيقة الإنسانية. والتي نكتشفها في الأشكال الحركية والصيغ المبتكرة التي تبحث عن الهوية المستقلة .‏ والتي تحمل فلسفه مقبولة عبر لغة تحاكي الثقافات العريقة من خلال تمازج العناصر العضوية  والثقافية في اعمال تعكس عمق الفكر الإنساني والمخيلة الروحية الخصبة والأمر هنا  يطلب وضوحا خاصا في الفكرة والشكل وتهديم التصور السائد حول النصب التذكاري والاعمال النحتية ، كشيء راسخ  جامد بدون حركة . فانسيابية الحركة وتعبيرية الكتلة والفراغ اللذان تتميز بها أعمال الفنان قد كسرت هذه التصورات .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram