adnan.h@almadapaper.net
وزارة الزراعة تُعلن عن منع استيراد الدواجن والطيور ومنتجاتها من إيران. المنع يشمل الطيور والدواجن بأنواعها الحيّة والمجمّدة والجارحة وطيور الزينة والبيض وريش الطيور وسوى ذلك من المواد التي تدخل الدواجن أو منتجاتها في تركيبها، والسبب تفشّي مرض انفلونزا الطيور في جارتنا الشرقية بحسب إعلان من منظمة الصحة الحيوانية العالمية.
الخبر جيد بطبيعة الحال. إنه يفتح كوّة في طرف هذا الدهليز حالك العتمة الذي تلقي بنا فيه دولتنا على صعيد الصحة العامة وسائر مجالات الحياة. لدينا وزارة للصحة بعدد مهول من الموظفين ولدينا وزارة للزراعة بكادر بيطري متضخم أيضاً. ولدينا بالاضافة الى ذلك لجنة خاصة بالصحة في مجلس النواب وأخرى خاصة بالزراعة، فضلاً عن الدوائر البلدية المنتشرة في مراكز المحافظات والأقضية والنواحي، لكن هذا الجيش العرمرم من العاملين في مجالات الصحة والبلديات والبيطرة فاشل فشلاً ذريعاً في تأمين الحدّ الأدنى من الشروط الصحية للحياة ، البشرية والحيوانية سواء بسواء. تكفي الإشارة على سبيل المثال إلى الأطعمة التي تباع مكشوفة في كل زاوية وركن من زوايا مدننا وقرانا وأركانها، مختلطة بالغبار والحشرات، وكذا الى ظاهرة رعي الأغنام والماعز في المزابل المتخمة بها مدننا قاطبة. وهل ثمة حاجة للإشارة الى حال المستشفيات والمستوصفات التي لا تبدو أكثر نظافة من شوارعنا وساحاتنا ودرابيننا التي نكون مهذّبين جداً عندما نكتفي بوصفها بالقذرة.
أمر حسن أن يتفاعل مسؤولو وزارة الزراعة مع إعلان منظمة الصحة الحيوانية العالمية، بيد أننا نحتاج إلى إجراءات مماثلة من الوزارات والدوائر الأخرى المعنية بالسماح بدخول السلع المستوردة الى البلاد. فليست المستوردات المصابة بأمراض أو منتهية الصلاحية هي وحدها مما يشكل خطراً على حياتنا. هناك الكثير من السلع نستوردها وندفع سنوياً مليارات الدولارات ثمناً لها وهي في الواقع مما لا يتعيّن السماح بدخول قطعة واحدة منها الى أسواقنا. على سبيل المثال فإن الكثير من أنواع السيارات والأجهزة الكهربائية الإيرانية والصينية ما كان يتوجب السماح باستيرادها. إنها من نوعيات متدنّية للغاية، تُعطَّل وتُستهلك بسرعة ، وتتسبّب في حوادث قاتلة في كثير من الأحيان.
عدا عن هذا فإن دولتنا التي تشكو شحّ موارها المالية، بما فيها الناجمة عن الصادرات النفطية، وخواء خزينتها وعجز موازناتها، يتوجب عليها توجيه أقصى اهتمامها بالزراعة والصناعة. فتح الحدود أمام المنتجات الغذائية القادمة من إيران وتركيا وسائر الجيران يدمّر اقتصادنا الزراعي ويحول دون قيام صناعة غذائية في بلدنا. نعرف أنّ هناك تجاراً لا اعتبار لديهم للوطنية والمصلحة العامة لا يعجبهم كلام كهذا، بل هم يعملون بكل الوسائل غير المشروعة في الغالب لإبقاء الحال على ما هي عليه.
ما لم نعد إلى زراعتنا وصناعتنا، لن يصيبنا الخير، حتى لو وصلت مواردنا من النفط 200 مليار دولار سنويّاً.