TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أي البلاد هذه ؟

أي البلاد هذه ؟

نشر في: 17 ديسمبر, 2016: 09:01 م

في مطار بيروت، التقيت احدَ الاساتذة، الخبراء المعتمدين لدى وزارة التربية والتعليم بوضع المناهج الدراسية، وهو بشهادة صديقي(أستاذه وزميله فيما بعد) والذي يعرفه عن قرب كواحدٍ من أفاضل التربويين في العراق، حيث اختارته منظمة بريطانية تعليمية لهذا الغرض. وعلى مصطبة الانتظار راح يحدثني عن شجونه في الدورة التدريبية، التي أقيمت في بيروت، واشترك فيها عدد من الاساتذة من جميع محافظات العراق، وكان هو احد محاضريها، راح يتحدث بهموم وشعور بالخيبة والخذلان وعدم الأمل بوصول التعليم الى مراحل متطورة جراء الاساليب الفاشلة والفاسدة التي تعتمدها الدولة، فقد تبين أنَّ عدداً من البرلمانيين، الذين لا علاقة لهم، لا من قريب ولا من بعيد بالتعليم وفلسفة التربية وتفاصيل وضع المناهج تم اشراكهم  في الدورة التدريبية الخاصة هذه.
  وفي الطابور،عند مكاتب الخطوط الجوية، كنت رأيت هؤلاء، مع زوجاتهم بجوازاتهم الحمر، هو يسحبون حقائبهم، يتقدمهم احد معاونيهم، مسهلّاً لهم إجراءات الختم ولصق البوردنات. يقول الاستاذ الخبير في المناهج بأن زوجة أحد البرلمانيين تعشّت ثلاث مرات، وكانت تحتج على نوعية الفندق الذي تسكنه ونكهة الطعام الذي تلتهمه. طبعا، لا علاقة لهذه ولا لزوجها بقضية المناهج، هم فرضوا من البرلمان على الدورة، يقول الاستاذ: أي البلاد هذه ؟   
  وفي شارع الفراهيدي بالبصرة، التقيت احد أساتذة الاقتصاد السابقين في الجامعة، من الذين اضطرتهم الظروف الى مغادرة العراق والإقامة في امريكا، شخصية أعرفها عن قرب، بحسه الوطني، فضلاً عن علميته واحاطته وإلمامه بأدق تفاصيل الاقتصاد، ومقدرته- لو أتيحت له الفرص- على وضع أفضل الخطط لإنقاذ الاقتصاد العراقي، التقيته ليحدثني عن وجود شخصية بعثية سابقة، في مفصل اقتصادي مهم بالدولة اليوم، هذه الشخصية، بحسب روايته هي اقل ما يقال عنها بانها كانت سببا في إيصال شخصيات وطنية اقتصادية ومصرفية الى السجون والإعدامات، أيام النظام السابق، وهو(الشخصية)لا يملك شعوراً وطنياً، فضلا عن اخفاقه وفشله في إدارة أقسام صغيرة، ولا يملك في تاريخه الشخصي ما يؤهله للمنصب الرفيع هذا.
   صمت صديقي حين علقت مستهجناً، متندراً، في صفحته على الفيسبوك، بمناسبة زيارة عضو البرلمان، المنقّبة، المحجّبة، المقفّزة (لابسة القفاز الاسود) القابعة تحت عباءتها من رأسها لأخمص قدميها، والتي كانت تعد المسرحيين والفنانين البصريين بمستقبل زاهر، خلال زيارتها الاستثنائية، وتفقدها لواقع الثقافة والمثقفين في المدينة ، حاضرة الدنيا، البصرة، التي لا تعرف عنها سوى تمثال السياب ومسجد السيد علي عبد الحكيم وضريح عبد الله ابن علي وجامع الخطوة.
  أي البلاد هذه؟ أقول: ولا يبعد شارع الثقافة في البصرة سوى أمتار قليلة عن المبنى الحكومي، حيث مكتب المحافظ ورئيس المجلس ورئيس اللجنة الثقافية، لكن أحداً منهم لم يأت الشارع هذا يوما، لم يشتر كتاباً واحداً، من عشرات الأكشاك، لم يطلع عن واقع الثقافة في المدينة التي تعتمل أنشطة وتمور مدنية وتحضرا وتزود الثقافة العراقية إن لم نقل العربية بأجمل الأسماء في الشعر والرواية والرسم والمسرح والفنون الأخرى. أي بلاد هذه؟   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram