adnan.h@almadapaper.net
أخيراً، أبصر النور ما يُفترض أنه المشروع الأمني الأهم لمكافحة الإرهاب ونشاطات عصابات الجريمة المنظّمة والتعدّيات على القانون والنظام العام، بعدما ظلّ محل أخذ وردّ لأمد طويل بين محافظة بغداد ووزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد.
المشروع هو نصب شبكة كاميرات تلفزيونية في بعض شوارع العاصمة بغداد وساحاتها في إطار نظام مراقبة متواصلة، وهو نظام معمول به في عواصم العالم كافة. ومع أننا كنّا في أمسّ الحاجة إليه منذ أكثر من عشر سنوات، بيد أن "العباقرة" الذين يحكمومننا حالوا دون أن تكون لعاصمتنا وسائر مدننا مثل هذا النظام الأمني الفعّال الذي لو دخل الخدمة منذ ذلك الوقت لأمكن لجم منظمات الإرهاب وعصابات الجريمة المنظّمة وسواها من الخارجين على القانون، ولتجنّبنا المحنة الكبرى التي حلّت بنا منذ 10 حزيرن 2014 (يوم اجتياح داعش مدينة الموصل).
الأسباب الكامنة وراء تعطيل إنشاء هذا النظام هي نفسها الأسباب الواقفة خلف تعطيل المشاريع التنموية والخدمية، وهي أسباب تتعلق في المقام الاول بالفساد الإداري والمالي، فـ"العباقرة" الذين يحكموننا لا يحرّكون أقلامهم للتوقيع على العقود قبل أن يضمنوا حصّتهم الدسمة من تخصيصات المشاريع. وبخصوص نظام المراقبة المتواصلة بالكاميرات التلفزيونية ليس من المستبعد أن يكون هناك سبب آخر لتعطّله كل هذا الوقت، هو أن البعض من هؤلاء "العباقرة" ربما كان ضالعاً في التفجيرات الأمنية، في إطار الصراع في ما بينهم على السلطة والنفوذ والمال، ولم يُرِد أن تنكشف هذه الحقيقة.
المهم الآن أن هذا المشروع قد صار أمراً واقعاً وأن نتائجه الإيجابية سيمكن تلمّسها على الفور، فالمفروض أن الكاميرات ستسجِّل على مدار الساعة الحركة في الشوارع والساحات لتكشف عن النقاط التي ينطلق منها الإرهابيون ومرتكبو الجرائم والمسارات التي يتّخذونها وصولاً إلى أهدافهم، وإذا كانت العمليات تتم بالسيارات فإن الكاميرات ستحفظ أرقام هذه السيارات.
أسوأ ما يُمكن أن يحصل هو أنه لسبب ما، غير معقول وغير مقبول، يتعطل النظام بعد حين، أو أن تفتر الحماسة له فيُصبح وجوده مثل عدمه. لهذه الخشية ما يبرّرها، فللتوّ تعطّل العمل بنظام "صقر بغداد"، وحتى الآن لم نعرف ما إذا كانت سيارات الكشف عن المتفجرات التي وضعت في بعض نقاط التفتيش في العاصمة قد كشفت بالفعل عن متفجرات أم أنها كانت في حال تشبه حال جهاز الصفقة الفاسدة الذي يسخر منه الناس بوصفه كاشفاً لسائل الغسيل "زاهي"؟!
نظام المراقبة التلفزيونية المستمرة لن يكون فعّالاً بنصب الكاميرات في الشوارع والساحات فحسب، فلابدّ من تنظيم حملة إعلامية وشعبية واسعة للتعريف بمزاياه وأفضلياته وفعّاليته كيما يكون رادعاً للمقصودين بالنظام، ولابدّ من مراقبة ومتابعة متواصلة هي الأخرى للقائمين والعاملين عليه، وإعلام الناس دوريّاً عبر وسائل الإعلام بالوقائع المتّصلة بعمله والنتائج المتحققة منه، لكي لا تذهب هدراً وهباءً ملايين الدولارات المُنفقة عليه.
جميع التعليقات 1
علي الكرخي
الاخ الفاضل أ. عدنان حسين السلام عليكم : في كلمة للعبادي انا سمعتها ان هذه العجلات التي وزعت على بعض الشوارع لا تكشف المتفجرات ....!! انها تكشف اشياء اخرى ..مثل الاسلحة وهذا هو قمة التبذير والبلادة لمن استوردها ومن وزعها ايضا في شوارع بغدا لاننا لا نحتاج