TOP

جريدة المدى > عام > "المخدرات في ألمانيا النازية".. سرّ الصلابة التي كانت تبدو على هتلر ونظامه

"المخدرات في ألمانيا النازية".. سرّ الصلابة التي كانت تبدو على هتلر ونظامه

نشر في: 19 ديسمبر, 2016: 12:01 ص

كان النازيون، في عهد جمهورية وايمار ( 1919 ــ 1933 )، يشاطرون الشيوعيين في استنكار المورفين والكوكائين، اللذين كانا من الأمور الانحطاطية الضارة بالصحة. ويقول نورمان أوهلر، مؤلف ( المخدرات في ألمانيا النازية )، إن النازيين كانوا يريدون أن يكون لدى الأ

كان النازيون، في عهد جمهورية وايمار ( 1919 ــ 1933 )، يشاطرون الشيوعيين في استنكار المورفين والكوكائين، اللذين كانا من الأمور الانحطاطية الضارة بالصحة. ويقول نورمان أوهلر، مؤلف ( المخدرات في ألمانيا النازية )، إن النازيين كانوا يريدون أن يكون لدى الألمان إلى حدٍ ما مصدر واحد فقط للتسمّم، هو الاشتراكية القومية، ( أيديولوجيا الحزب النازي )!
لكن حاجة الرايخ الثالث إلى الإيجابية والقوة أدى إلى تطوير مجموعة فيتامينات احتكارية، بيرفيتين Pervitin، التي كان الناس مولعين بها بشراهة: كانت انتصاراً للإرادة، على شكل حبة، بل وكانت توضع في الشيكولاتة من أجل المساعدة على بيعها هنا وهناك لربات البيوت. وما إن بدأت الحرب، حتى تم تسليم الملايين من هذه الحبوب إلى القوات المسلحة: حيث تُعزى سرعة الهجوم وانعدام الخوف فيه إلى حدٍ ما لحقيقة أن أولئك المشاركين فيه يندفعون جميعاً من دون تفكير.
وقد مضت إساءة استخدام المخدرات هذه قدماً نحو القمة. فكان غورنغ، القائد النازي الرفيع المستوى، مدمن مورفين كما هو مشهور، ولم يكن الوحيد في ذلك من قادة القوات المسلحة الكبار. وتتمثل زبدة الكتاب في التركيز على علاقة هتلر بطبيبه الشخصي، ثيو موريل، الذي نجت مذكراته من دمار الحرب وتكشف عن أنه كان يملأ عروق "المريض أ"، أي هتلر، بخمير مخيف من الحبوب وحقن:  فيتامينات، و هورمونات، وستيرويدات، وبيرفيتين، وأوبيويد opioid بالغ القوة يدعى أيوكودال.
وقد وصف طبيب آخر لهتلر الكوكائين للتخفيف من إصاباته بعد محاولة اغتياله في عام 1944، لكن موريل هو الذي كان مع هتلر في جميع الأوقات، بالرغم من شكوك الآخرين في القيادة بشأن نظامه العلاجي.
 لقد ساعدت الجرعات هتلر على القيام بدور الرجل الفائق القدرات ــ الذي لا يتعب، ولا يبالي بالمشقة والألم ــ لكنها عجّلت أيضاً في تدهوره البدني والذهني: حيث يضمّن أوهلر كتابه صورة للفوهرر وهو  ينظر مضنىً من القلق والارتباك كما هي حال أي مدمن في مرحلة متأخرة، تماماً مثلما حين يصادف نظرات من أعضاء حاشيته الأكثر تملقاً. ويمكن أن يكون تدهوره المذهل في أسابيعه الأخيرة بحق هو نتيجة للتراجع، ذلك أن فوضى الانهيار كانت قد أوقفت مد موريل بالمخدرات اللازمة.
وعلى كل حال، فإن هذا الكتاب هو الأول في مجال الكتابة غير القصصية من أوهلر، المعروف من جانب آخر كروائي وكاتب سيناريو. وهو مكتوب بحيوية ، مع لمسات من الفطنة الساخرة، لكن أوهلر قد أنجز بهذا بحثاً أصيلاً قيّماً ومن دون أية مبالغة في الحالة التي يعرضها. ويبدو فيه حريصاً على عدم الادعاء بأن اعتماد هتلر على محقنة طبيبه موريل قد فعلت أي شيء عدا مفاقمة شخصيته القائمة ومواقفه؛ لكنه يُظهر كذلك الإدمان على المخدرات وعن حق رمزاً للعهد النازي كله: هذيان، ورفض للواقع، والافتقار للتعاطف وللوعي بالعواقب الناجمة عن ذلك.
 عن/  Sydney Morning  Herald

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الحصيري في ثلاثة أزمنة

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

الهوية والتعبير الاسلوبي.. مشتركات تجمع شاكر حسن واللبناني جبران طرزي

موسيقى الاحد: احتفاليات 2025

تنويعات في الوضوح

مقالات ذات صلة

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون
عام

الطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ الّتي يمارسُها المبدعون

استطلاع/ علاء المفرجي تتواصل المدى في الوقوف عند محطات الطفولة والنشأة الأولى عند عدد من مثقفينا ورموزنا الفكرية، ومن خلال حواراتهم مع المدى، وتكمنُ أهمّيّة المكان والطفولة بوصفها السّاحةَ الّتي تتوالى عليها الأحداثُ والمجرياتُ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram