يقول المهاتما غاندي "عندما تكون على حق تستطيع ان تتحكم في اعصابك ، اما اذا كنت مخطئا فلن تجد غير الكلام الجارح لتفرض رأيك"...ربما نجح المهاتما الهندي في السيطرة على اعصابه بالمواظبة على الرياضة الروحية والابتعاد عن مغريات الحياة فجاء خطابه هادئا عقلانيا ، ورغم ذلك تمكن من اقناع شعب هائل العدد بمبادئه واحدث علامة فارقة في تاريخ الهند حين منحها استقلالها وحريتها..
تذكرت مقولة المهاتما حين سمعت الخطاب العراقي الجديد على لسان ساسته الذين لم يكتفوا باعتناق افكار طائفية هدامة والانغماس في ملذات الحياة ودسم السياسة بل بدأوا يتراشقون بالالفاظ النابية والسباب على شاشات التلفاز لتاكيد خطابهم المتطرف ..
كان مقدم البرنامج الحواري مستمتعا بنجاح حلقته التي يدور موضوعها حول اعتناق الخطاب الطائفي لدى بعض رجال السياسة فقد اثبتوا له ولنا ان لاأمل في تسوية او تسامح او وئام مادام البعض يعمل بجد على تكريس خطابه وترسيخ مفاهيمه بمهاجمة الآخروتأشير سلبياته فقط والحث على معاقبته ، بينما ظل الضيف الثالث المحايد يردد " مع الاسف "...
نحن نأسف فعلا على ظهور مثل هذه النماذج الرديئة على شاشات التلفاز لتضخ حقدها الدفين وتنبش الماضي لتؤجج روح الثأر، وناسف ايضا لتبني بعض القنوات مثل هذه الخطابات لتحقيق نسبة مشاهدة اعلى ..وناسف اكثر على زمن صار المواطن العادي فيه يشاهد فيه مرارة واقعه على ألسنة متنعمة ومرفهة في حياتها الخاصة وفقيرة جدا في حياتها السياسية فمن لايمتلك ناصية الخطاب المقنع فقير جدا ومن يلجأ الى الشتائم فهو بائس ويائس جدا ، ولكن ، ماذنب المواطن العادي الذي يشبه من يتوه في صحراء شاسعة وحين يجد احدا يدله على وجهته يكتشف فيما بعد ان الدليل ضلّله ؟..مواطننا العادي مضلل بأفكار ساسته واجندات القنوات الفضائية ويمكن ان تكون هذه فرصته الأخيرة ليحدد خياراته ، بأن يتجنب تأييد الخطابات الطائفية لأنها تقود الى مستقبل مظلم وان يجافي رجالا يستخدمون الكلام الجارح لفرض آرائهم ، وان يبحث عن خطاب معتدل واهداف واضحة وألسنة أكثر رقياً ..لن ننتظر مثلا أن يهب لنا القدر رجلا كالمهاتما غاندي لنسير خلفه بثقة واطمئنان حتى لو لم يقدم لنا وعودا معسولة لكن بامكاننا ألا نعيد الكرة ونتبع من ظللنا من قبل ..وكما قال مورفي:" لايكرر مايفعله احمق الا احمق مثله " فهل سنختار ان نكون حمقى وأن نردد ماأخرج ساستنا عن طورهم ودفعهم الى استخدام لغة الشتائم والتهديدات وسيلة للتخاطب فيما بينهم؟.
مع الأسف
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2016: 09:01 م