TOP

جريدة المدى > مواقف > مرارة امرأة عراقية تذوّقت طعم الحرية

مرارة امرأة عراقية تذوّقت طعم الحرية

نشر في: 9 فبراير, 2010: 04:22 م

ترجمة : علاء خالد غزالةتخيلت سارة نفسها، وهي في السجن، في مقابلة مع اوبرا، تصورت ان مضيفة هذا البرنامج الحواري سوف تستمع الى تلك الأرملة العراقية بتعاطف، وان الجمهور سوف يصفق لها بينما تقص عليهم كيف انها جعلت اشد رجال المليشيات قسوة يبكون، بينما كانت تساعد في التحقيق معهم لصالح الجيش الأميركي، سوف يعلمون، على الرغم من الإشاعات، انها لم تخن الأميركيين أبدا.
 واليوم بعد أن تحررت، ركزت في رسالة بعثت بها الى اوبرا على القول: «بسم الله، عزيزتي اوبرا، السلام عليك. انا على ثقة بانك سوف تكونين مفاجئة قليلا بان امرأة عراقية تكتب اليك، وانت المرأة الأميركية، عندما كنت في السجن قررت ان.. أخبرك بقصتي كاملة مع الجيش الأميركي في العراق، «لم تعد تبدوُ كامرأة في صورها التي التقطتها في الأيام التي عملت فيها مع الجيش (الأميركي)، جمعت شعرها البني الى الخلف، ترتدي العدة العسكرية الثقيلة المضادة للرصاص، وتضع النظارات الشمسية التي تغطي عينيها بالكامل، وهو ما جعل العراقيين يحسبونها رجلا. لم يعلم احد في الشارع ان هذه المرأة الأربعينية، والتي لديها ولدان مراهقان، كانت لعنة على فرق الموت، او انها لم تعد تثق بالأميركيين الذين احتاجوا اليها ذات مرة.تـُعد قصة سارة، الزوجة التي طالما لازمت دارها وذاقت مرارة التفرقة ضد النساء في وقت الحرب الأهلية الوحشية، إحدى قصص الحرية والخسارة التي وصمت حيوات معظم العراقيين منذ سقوط نظام صدام. الأميركيون: ربيع عام 2007 لم ترغب سارة في العمل مع الجيش الأميركي على الإطلاق، لكن زوجها احمد تبرع بخدماتها. فقد اثار ابن سارة البالغ احد عشر عاما من العمر إعجاب بعض الجنود الأميركيين، في مناسبة عرضية، بقدرته على التحدث بالانكليزية، ومن ثم تفاخر أبوه بان أمه سارة هي من علمته اللغة. الحّ الجنود على احمد ليرسل سارة اليهم. كانت سارة، التي لم تكمل دراستها الجامعية، موهوبة في اللغات، وتعلمت الانكليزية من أفلام مثل «حمى ليلة السبت» و»الزيت»، ومن أغاني فرقتي آبا وبي جيز. اما احمد، فهو ميكانيكي فقد ورشته نتيجة التقاتل، ومن ثم توسل زوجته ان تقبل العمل المعروض عليها. ولما كانت ما تزال مرتعبة من التفجيرات التي أجبرت العائلة على النزوح من منزلها، فقد قالت له انها سوف تتعرض للقتل، لكنه رفض الإصغاء اليها. وسمح لها، للمرة الأولى بعد زواج دام ثمانية عشر عاما، ان تعمل. وتشك سارة، حتى هذا اليوم، ان زوجها دفعها لقبول العمل لانه كان في أمس الحاجة الى المال، وانه لم يكن يعبأ كثيرا بسلامتها الشخصية. تم تعيينها في معسكر فالكون، وهي قاعدة عسكرية هائلة تقع جنوب شرقي بغداد.تقول سارة: «لم يكن لدي ادنى فكرة عن الأميركيين. لقد كان عالما جديدا بالنسبة لي. لم يسبق لي ان أكون في مكان يتواجد فيه أناس أجانب... كلما كنت اعرفه حصلت عليه من مشاهدة الأفلام والتلفاز. حينما كنت اسمعهم يضحكون، أقول لنفسي: «ما الذي افعله هنا؟ كان يجب ان أكون في المنزل مع اولادي، حيث أتولى رعايتهم.» طلب منها المترجمون الآخرون ان تختار اسما اميركيا. اطلق احدهم على نفسه اسم (ستايلز) والآخر (ترافيس). لكنها اختارت اسم (سارة) كونه اسم ابنة أخيها، وقد استعملنا هذا الاسم في هذا المقال حفاظا على سلامتها. وسرعان ما وجدت نفسها ترتدي البذلة العسكرية الخضراء وتمشي عبر المماشي الحصوية للحاق بقافلة سرية (الفا) التي يقودها الكابتن بيل هيجينز، وهي إحد تشكيلات فرقة المشاة الأولى، تلاشت شخصيتها السابقة، وهي المرأة التي ترتدي عقدا على شكل القلب حول رقبتها، مع تلاشي اسمها الحقيقي. أثارت سارة إعجاب الكابتن بيل في قدرتها على استدراج الناس للتكلم بحرية في الاجتماعات مع المخبرين وشيوخ العشائر، وحتى عبر الهاتف. ولم يمض وقت طويل حتى طلب منها هيجينز ان ترتب الاجتماعات وتساعد على إيصال مصادر المعلومات الى القاعدة بحيث لا يلاحظهم المسلحون ورجال الشرطة المحلية على السواء. وجاءت اخباريات عن المليشيات في المنطقة، وكيف ان رجالها قتلوا الناس، وزرعوا القنابل، وأداروا عمليات الابتزاز. طلبت سارة ان تـُمنح المزيد من الوقت للتحدث مع الناس في الشارع. وقامت بتسليم رقم هاتفها اليهم لغرض تستلّم المعلومات حول مواقع القنابل التي تزرعها المليشيات مستهدفة القوات الأميركية. يتندر هيجنز بانه توجب عليهم ان يطلقوا عليها لقب (المرأة الحديدية.) وشاركت في التحقيقات مع المعتقلين. وهي تفاخر بانها دفعتهم لذرف الدموع: «كنت أتحدث معهم عن عوائلهم وأبنائهم، وانهم شبان يافعين، فمن سيتولى رعاية أولادهم وزوجاتهم. وان احدهم سوف يحل محلهم.»اخبرها بعض مخبري سرية (الفا) ان مقاتلي المليشيات عرفوا هويتها، وانهم ينوون قتلها، لكن ذلك زاد في عزيمتها. تقول: «انهم ليسوا سوى جرذان يختبئون في الحفر. لو كانوا رجالا شجعانا حقا دعني أواجههم.» قبّل السجناء فردتي حذاء سارة العسكري، في بعض الأحيان، متوسلين اليها لتساعدهم. وقامت في احد الاجتماعات العامة بنزع نظارتها الشمسية وخوذتها وسترتها الواقية من الرصاص، ما ادى الى صدمة لدى زعماء العشائر لاكتشافهم جنسها. تهامسوا بينهم: «انها

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية
مواقف

العراق يعاني نقصاً فـي تجهيزات المصابين بالأمراض العقلية

ترجمة : عمار كاظم محمد كانت أسماء شاكر، أحد المرضى الراقدين في مستشفى الأمراض النفسية في  بغداد، تجلس على بطـّانية مطبوع عليها صورة نمر ، كانت عيونها متثاقلة، فقد بدأ مفعول الأدوية بالعمل ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram