adnan.h@almadapaper.net
أغلب الظنّ، لو لم يكن رجب طيب أردوغان رئيساً لتركيا ولو لم يكن حزبه، وهو فرع من التنظيم الدولي لحركة الإخوان، يقود السلطة في تركيا ، ما كان لحادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف في هجوم فردي مسلح أسفر أيضاً عن جرح عدد من الاشخاص ومقتل القاتل نفسه.
منذ أن أصبح رئيساً للجمهورية التركية في آب 2014، بل قبل ذلك حينما كان رئيساً للوزراء، راح أردوغان يعمل مثل بلدوزر هائل القوة في سبيل تكريس نفسه سلطاناً وجعل تركيا مركزاً لامبراطورية عثمانية جديدة. وفي هذا السبيل فتح الرئيس التركي الحدود البرية والبحرية والجوية لبلاده على مصاريعها أمام منظمات الإسلام السياسي الأكثر تطرفاً، وفي مقدمها تنظيم داعش الذي قدّمت له الدولة التركية وحزب العدالة والتنمية تسهيلات لوجستية مهولة لم تقتصر على تأمين تنقل العناصر "الجهادية" وإنما شملت كذلك نقل الأسلحة والذخائر والأموال، فتحوّلت تركيا الى ممر ومستقر لعشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم الذين نظّموا أبشع جرائم الإبادة في العراق وسوريا.
فقط بعدما اشتدّ الضغط الدولي عليه بدأ أردوغان برفع يده عن تنظيم داعش، فانقلب السحر على الساحر وصارت تركيا نفسها ميداناً رئيساً لأعمال العنف والإرهاب التي يقف وراء الكثير منها التنظيم الإرهابي.
الشرطي التركي الذي خلع بدلته الرسمية، مبقياً على مسدسه لزوم ارتكاب الجريمة في حق السفير الروسي داخل معرض فني، ما كان سيكون في الجوّ الذي أحاط به ليرتكب جريمته بدم بارد وليبدو في غاية الحماسة لفعلته الشنيعة والإصرار عليها والافتخار بها .. جو الحرب في سوريا والعراق الذي كانت تركيا ولم تزل طرفاً رئيساً في إشاعته ومفاقمته، هو الذي زيّن لهذا الشرطي ألّا يتردّد في قتل ممثل دولة كبرى ورّطت هي الأخرى نفسها في الصراع الداخلي السوري.
على مدى الأربعين سنة الأخيرة سعى أسلاف أردوغان إلى الإبقاء على مسافة مناسبة بين تركيا والصراعات الإقليمية التي درجت حكومات سابقة على التورط فيها، وآخرها الأزمة القبرصية التي عملت أنقرة على حسمها بالقوة المسلحة والاحتلال ولم تنجح. ذلك المسعى انعكس إيجابيّاً على الاقتصاد التركي الذي صار واحداً من أهم الاقتصادات في المنطقة وأكثرها نمواً، لكن أردوغان يطيح الآن منجزات أسلافه حتى على صعيد الحريات العامة والخاصة في الداخل التي لم تشهد من قبل حرباً بالضراوة التي شرع بها أردوغان منذ أن تولّى الرئاسة وبلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد الإعلان عن محاولة انقلابية عسكرية لإطاحته.
بالتأكيد لا أحد يتحمّل المسؤولية عن مقتل السفير الروسي أكثر من أردوغان، فهذه الحادثة ليست سوى تفصيلة في النتائج المتحصّلة حتى الآن من سياسات السلطان التركي الجديد ومن النتائج المتوقعة لاحقاً أيضاً، وهذه ربما ستكون أشدّ وطأة على تركيا وإقليمها، وعلى العالم كله.
جميع التعليقات 1
د عادل على
امريكا لم تكن يوما واحدا معاديه لدول الاسلام السياسى بل العكس هو الصحيح----عدوة امريكا رقم واحد هى الدول اليسارية والقريبه من الاتحاد السوفياتى قديما-وشيلى وانونيسيا وعراق عبدالكريم قاسم---مادا غير الربيع الامريكى فى شمال افريقيا دولتين اساميتين فى ليبيا