لطالما اعلنت الحكومة الحالية انها بصدد اتخاذ خطوات اجرائية لمعالجة الترهل في المؤسسات الرسمية ، ودعوتها الاخيرة في تطبيق مبدأ "من اين لك هذا " تأتي في هذا الاطار ، على الرغم من وجود جملة عقبات تعرقل محاسبة المتورطين بسرقة واهدار المال العام خلال السنوات الماضية ، فاصبحوا يحملون كروشا كبيرة ، بمعنى آخر ضخمة في البنوك الخارجية تنسجم مع عروشهم مواقعهم الرسمية.
اطلاق لقب "صاحب الفخامة" على المسؤول في دول المنطقة العربية يتناسب مع حجم كرشه ، او حجم ارصدته ، حتى تميز الحكام والزعماء العرب عن نظرائهم الأجانب بالترهل ورفضهم الترشيق فاستحقوا بجدارة لقب "صاحب الضخامة" . اغلب المسؤولين العرب يحملون كروشا كبيرة ضخمة ، عجزت البدلات الرسمية عن تغطيتها فلجأ أصحابها الى استخدام الدشاديش لإخفاء الشحوم المترهلة النازلة والصاعدة نحو منطقتي اعلى واسفل الحزام، وأطالوا المكوث في عروشهم فزادت أوزانهم، فضلا عن ذلك تجاهلوا نصائح زوجاتهم بأهمية الترشيق والظهور مثل بقية رؤساء دول العالم ، فرئيس الدولة الاجنبية يمارس رياضة المشي ، والسباحة ويلعب الغولف ويشارك في سباق الماراثون مع السيدة الاولى ، اما صاحب الفخامة والضخامة العربي ، فينتقل من منزله الى القصر الجمهوري او الملكي بسيارة فارهة ،ولانشغاله الدائم بقضايا الأمة المصيرية ، لم يتوفر له الوقت الكافي لمزاولة اي نوع من الرياضة ، باستثناء القيام برحلات الصيد في الصحراء ، ومشاركة ابناء عشيرته في رقصة "الجوبي " في مناسبات الزواج والختان .
في التاريخ العربي القديم والحديث وحتى المعاصر شواهد ووقائع تؤكد ارتباط الكروش بالعروش ومن يحاول الفصل بينهما سواء على سبيل التجربة او تغيير المعادلة لمواكبة التطور ، يكون مصيره الإعدام شنقا حتى الموت ، اورميا بالرصاص او قطع الرأس بالسيف في ساحة عامة لتوجيه رسالة الى الاخرين تحمل التحذير والتهديد والوعيد ،والالتزام بالقانون ثم الركوع والاذعان لقرارات صاحب الكرش الكبير .
اثناء اندلاع الأزمات الاقتصادية ، تصدر اوامر صاحب الفخامة والضخامة الحريص على المال العام موجهة الى ابناء شعبه ، تلزمهم بشد الأحزمة على البطون ،والتخلي عن كل مظاهر البذخ والرفاهية والاحتفاظ بالفلس الابيض لليوم الاسود لحين تحقيق الانتصار على مخططات الأعداء ودحر الغزاة والحاق الهزيمة النكراء بفلولهم وعلوجهم.
الأزمة المالية اجبرت الحكومة على تشكيل لجان لتقليص الانفاق وتخفيض العجز في الموازنة مع التزامها بمواصلة الترشيق ، والشروع بخطوات اجرائية لمطاردة اصحاب الكروش المترهلة من اصحاب الضخامة والفخامة السابقين ، لعلها تستطيع شفط شحومهم واضافتها الى موارد الدولة ثم القيام بتنفيذ مشاريع توفير الخدمات الاساسية في المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش.
كرش المسؤول كان واحدا من قضايا تصدى لها النظام السابق بإجراءات وأوامر القيام بالترشيق والخضوع لبرامج قاسية لإذابة الشحوم والتخلص من الوزن الزائد ، للاحتفاظ بالمنصب، ووقتذاك انشغل الجميع بالتخلص من الكروش للحصول على الانسجام التام بنسبة الوزن مع الطول، وشمل المسؤولين بدءا من الوزراء فضلا عن وكلائهم والقادة العسكريين والحزبيين على اختلاف درجاتهم. الرواتب في ذلك الوقت كانت متدنية مقارنة بما يتقاضاه المسؤولون اليوم، ولضمان تنفيذ حقيقي للترشيق والتقشف يتطلع العراقيون الى قرار ثوري يشفط كل شحوم الحكومة ، وتعزل العروش عن الكروش في يوم "الشفط الوطني" على ان يحدد موعده اثناء خوض مفاوضات التسوية التاريخية.
يوم "الشفط" الوطني
[post-views]
نشر في: 23 ديسمبر, 2016: 09:01 م