لعلّ من الطبيعيّ للميول الإنسانية محاولات التعرف على الآخر : بلداً ،جغرافيةً ، أمكنةً، وشعوباً ، على حياة الشعوب ،والعادات ، والطقوس، والممارسات . فحب السفر.. ربما يشمل جميع البشر ، ولكل شعب لغته الخاصة وقد تشترك شعوباً بالنطق بلغة ما ، والترجمة هي ا
لعلّ من الطبيعيّ للميول الإنسانية محاولات التعرف على الآخر : بلداً ،جغرافيةً ، أمكنةً، وشعوباً ، على حياة الشعوب ،والعادات ، والطقوس، والممارسات . فحب السفر.. ربما يشمل جميع البشر ، ولكل شعب لغته الخاصة وقد تشترك شعوباً بالنطق بلغة ما ، والترجمة هي الحقل المشترك للشعوب للتقارب ..لتتفاهم ..لتتحاور ..لتتعاون ، وفي أوروبا تولى أهمية فائقة جداً فيما نحن نتراجع في شرقنا وعالمنا العربي حتى ان مركز التنمية العربي في عام 2002 يؤكد أن العرب أقل الشعوب ترجمةً للنتاج العالمي بكل المجالات العلمية ..الفكرية ..الثقافية ..وهلم جرا ؛ فأقل الدول بأوروبا تترجم مايقارب الألف كتاب فيما نحن نترجم 48 كتاباً بالعام ، ربما بدأ العرب مابعد هذه الألفية لتخصيص الاهتمام بالترجمة ،ومحاولات استقطاب النخب العلمية بمكافآت –غير مجزية- كما بالعالم الآخر ،فيما كان للعرب الدور الأهم للترجمة عن اليونان الفلسفة والفكر حتى رواجها في عصر المأمون .
حضرت أكثر من ندوة للترجمة وتقنياتها من مطلع الثمانينات في اتحاد الأدباء والكتاب في بغداد أتذكر أهمها للدكتور محسن الموسوي ، والعام الماضي بفندق المنصور ميليا لنخبة أكاديمية مهمة عن (ترجمة المقدس ) قُدمت أوراق علمية وحوارات جادة حول ذلك ، بالطبع فتح اقسام للترجمة بجامعاتنا العراقية ..والهجرة الكبيرة للعراقيين.. ووجود ادباء واديبات بالمهجر يكتبون باللغات للبلدان التي يستقرون بها ؛ وعوامل أخرى ساهمت بفعل الترجمة الثقافي،كترجمات دار المأمون.. والمدى وغيرها زادت من منسوب الوعي بآداب وفنون الآخر من اجل تلاقح الحضارات والأفكار ومعرفة الآخر بعد أن أصبح العالم قرية واحدة ،وكذلك حضرت أماسي عديدة في الناصرية للمغترب في المانيا د- كريم الأسدي لمرتين الثانية بمركز الجنوب للدراسات في الصيف الماضي،كذلك أماسي مهمة للمترجم المهم (أحمد الباقري ) وعدة نشاطات ثقافية عن الآثار مع البعثات التنقيبية للمترجم (أمير دوشي) وكذلك للمترجم والأديب (عبد الكريم عيسى ) ، وآخر كتاب للترجمة صدر عن مطبعة إيلاف /بغداد /2016 للمترجم (عبد الخالق الزهيري ) الذي أطلق تسميتي عليه بـ (الزهيري المثقف العضوي) حيث تجده يُشارك بكل النشاطات الثقافية ،آراء ،رؤى،جدل ،فضلاً عن كتابته بمجالات مختلفة تشتمل حتى الشعر الشعبي ،والقصة ،والنقد ..في هذه القصص المختارة عن الحرب ..اختارها بعناية تامة من فرنسا –جي –دي-موبسان (رحلة صيد) ؛ومن الأدب الأمريكي –ارنست همنغواي (شيخ على الجسر ) من الأدب الايطالي –لويجيبير انيللو (الحرب ) ومن الأدب الروسي –ميخائيل شولوخوف (المهر). إن اختيار"الزهيري " لقصص الحرب لرفضها وإدانة الحروب التي تنتهك الحريات والكرامات والحرمات فكما يصفها بمقدمته ص6 : ( إن ترجمة هذه المجموعة الصغيرة من قصص الحرب بمثابة صرخة ضد الحرب بكل أشكالها ،وهي تسحق الملايين وضد دهاقنتها الذين ينسحبون للعالم ثياب الحداد على مدى الأزمان ....) .إن اختيار المثقف العضوي "عبد الخالق الزهيري " لموضوعات الحرب وترجمتها لتعريف المتلقي برؤية شعوب مختلفة بأوربا عاشت الحرب ونبذتها ..وتتجه للسلام العالمي والبناء بكافة المجالات.