TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الادّعاء العام حاضر.. أخيراً

الادّعاء العام حاضر.. أخيراً

نشر في: 25 ديسمبر, 2016: 05:58 م

لأول مرة أجدُ أنّ لدينا، هنا في العراق، مثل ما لدى غيرنا من الشعوب والأُمم والدول، جهازاً للادعاء العام ( النيابة العامة) بشحم حقيقي ولحم حقيقي ووجود حقيقي غير "فضائي"، فيعود الأمل لينبت في الروح آمالاً بأن يُزهر  بعد حين ، فنصحو ذات صباح على أخبار تنبئ بتحقّق العدالة  المفتقدة أو المغيّبة في هذه البلاد، وبخاصة في حق الفاسدين والمفسدين الذين يدمّرون حياتنا بما هو أفتك من أسلحة الدمار الشامل.
الأُسبوع الماضي كتبتُ في هذا العمود عن قضية فساد أفادت معلومات بانكشافها أمام إحدى المحاكم البريطانية، وفي اليوم نفسه تلقيّتُ من مجلس القضاء الأعلى عبر بريدي الإلكتروني نسخة من كتاب وجهه رئيس المجلس القاضي الأستاذ مدحت المحمود الى رئيس جهاز الادعاء العام يطلب فيها التحقيق في القضية. أمس وصلتني نسخة من كتاب موجّه من رئيس جهاز الادعاء العام القاضي الاستاذ محمد قاسم الجنابي الى وزارة الخارجية يطلب فيه تكليف سفارتنا في المملكة المتحدة جمع المعلومات بشأن القضية وتزويد الجهاز بها.
في السابق كتبتُ وغيري عن قضايا عدة تتعلق بمخالفات وتجاوزات على الحقوق والحريات العامة والخاصة من جانب دوائر للدولة ومسؤولين فيها. كما وقعت أحداث كثيرة كنّا ننتظر معها تحركاً من جهاز الادعاء على غرار ما كنا نلحظه في البلدان الأخرى ، فما أن تقع حادثة فيها تجاوز على حقوق المجتمع وحرياته وممتلكاته حتى ينظّم جهاز الادعاء العام أو النيابة العامة المؤتمرات الصحفية لتزويد الرأي بوقائع الحادثة والتحقيقات الجارية فيها، ولا يكفّ رئيس الادعاء العام أو ممثله عن الظهور حتى تنتهي التحقيقات وتحال الأوراق الى المحكمة المختصٌة.
لما يزيد على ثلاث عشرة سنة نزلت بنا نوائب من كل جنس وصنف، ندر نظيرها ، بيد أن جهاز الادعاء العام لم يبدر منه ما يماثل ما تقوم به النيابة العامة في سائر البلدان، كما لو كانت ثمة خصومة أبدية بين جهازنا الادعائي ونحن، الرأي العام، وكان هذا جوهر نقدنا وعتابنا لهذا الجهاز الذي كنا دائماً نريد له تفعيل دوره وتنشيط مساهمته في الكشف عن الجرائم المرتكبة في حق المجتمع، وبخاصة أعمال الإرهاب والجريمة المنظّمة وقضايا الفساد الإداري والمالي.
التحقيقات النشيطة للإدعاء العام لها أهمية كبيرة، وحتى لو لم تتوصل حينها الى نتيجة مفيدة لسبب ما، وما أكثر الأسباب التي تحول دون الوصول الى الحقيقة في القضايا الكبيرة وبخاصة المتعلقة بالفساد، فإن التحرّك الملحوظ لجهاز الادعاء يمكن أن يكون رادعاً.. إنه في الأقل يقول للفاسدين والمفسدين إن المال العام ليس سائباً.. وهذه رسالة مهمة ،لأن المال السائب يعلّم السرقة.
ولقد علّم مالنا السائب المسيّب آلاف " المناضلين" السابقين وسواهم السرقة الجائرة التي قوّضت أركان الدولة والمجتمع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram