حازم مبيضين لم يكن مفاجئاً إعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، عن استعداده للقبول بوساطة لاستئناف المفاوضات مع سوريا، والذهاب إلى أي مكان من أجل هذا التفاوض، ولكن دون شروط مسبقة. وهو لاينسى هنا اتهام دمشق بوضع العراقيل، ومنع التفاوض على ترتيبات تؤمن السلام والامن والنمو الاقتصادي لجميع الأطراف،
معلناً أن إسرائيل بحثت وستواصل بحثها عن السبل الكفيلة بدفع مسيرة السلام مع سوريا. ووزير دفاعه أيهود باراك أكد أن الدولة العبرية تعتبر السلام مع سوريا لبنة أساسية في أي تسوية إقليمية مستقرة في المستقبل، ولكن في ظل عدم التوصل إلى اتفاق سلام ، قد نجد أنفسنا في مواجهة عسكرية، يمكن أن تؤدي إلى حرب شاملة، وقال إن الشرق الأوسط مكان صعب لا رأفة فيه بالضعفاء، ولا فرصة ثانية، ولن يتم تحقيق اتفاق سياسي، ما دام الجانب الثاني يعتقد أن إسرائيل ضعيفة، وبالإمكان استنزافها أو الإيقاع بها في فخ الدبلوماسية. ولم يترك وزير الخارجية فرصة التصريحات الموجهة إلى دمشق تفلت منه، فامتشق وقاحته ليحذر الاسد من أنه سيخسر الحرب والسلطة إذا ما شن حرباً على إسرائيل، ونسي التفكير في ما يمكن أن تخسره اسرائيل في أي حرب جديدة حتى لو ربحت المعركة . التصريحات الاسرائيلية وجدت صداها ينطلق من دمشق على لسان الرئيس بشار الأسد، الذي أعاد اتهامه لإسرائيل بدفع منطقة الشرق الأوسط باتجاه حرب جديدة وليس باتجاه السلام، وأنها غير جادة في تحقيق السلام، وذلك بعد يومين من إجرائها مناورات عسكرية تحاكي حرباً مع بلاده، وشدد أن استئناف المفاوضات غير المباشرة بحاجة إلى وسيط أو إلى راع وان تجربة تركيا في هذا المجال كانت ناجحة جداً، وطالب الدول الأوروبية بدعم الدور التركي في المرحلة الحالية، وأشار إلى الدعم الشعبي في بلاده للاستمرار في التفاوض للوصول إلى السلام، ونوه بأن الحل ممكن، عندما يكون هناك شريك من الجانب الإسرائيلي، مستعد أيضاً للسير بنفس الاتجاه. وتبعه وزير خارجيته مؤكداً أن إسرائيل تزرع مناخ الحرب في المنطقة، ودعاها للعودة إلى رشدها وسلوك طريق السلام، لمنع اندلاع حرب مفتوحة قد تتطور إلى حرب إقليمية واسعة إذا لم يتوصل البلدان إلى تسوية سياسية بينهما، وحذر إسرائيل من مغبة شن أي حرب على سوريا، لأنها في هذه الحالة ستتحول إلى حرب شاملة، لن تسلم منها المدن الاسرائيلية. الواضح أننا أمام حرب تصريحات تبدو متناقضة، يتحدث بعضها عن الحرب وكأنها تدق الأبواب، ويبشر بعضها بالسلام وكأنه في متناول اليد، فيما يؤشر الواقع إلى أنها تصريحات تستهدف جس النبض، في محاولة لمعرفة ما يخبئه الآخر، وإلى أين يمكن أن تقود فترة الجمود السائدة منذ توقف الوسيط التركي عن مهمته، بعد حرب غزة، وهي من وجهة النظر العبرية يمكن أن تحسن من صورتها الملطخة بعدم التقدم في المسار الفلسطيني، كم أنها ورقة يتقدم بها السوريون إلى العالم، تعبيراً عن حسن نواياهم بعد الانفراج في علاقات دمشق بالعواصم الغربية، لكن المهم في هذه التصريحات أنها لن تشعل فتيل الحرب، ولن تفرش مائدة مفاوضات السلام إن لم يتحرك العالم كله للضغط في أحد الاتجاهين. rn
خارج الحدود: حرب التصريحات
نشر في: 9 فبراير, 2010: 05:57 م