اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذا الصمت الحكوميّ مريب!

هذا الصمت الحكوميّ مريب!

نشر في: 1 يناير, 2017: 06:10 م

adnan.h@almadapaper.net

" لا خبر .. خبر جيّد" ، يقول الإنكليز .. لكنّ هذه القاعدة لا تتوافق مع حال زميلتنا الصحافية المخطوفة أفراح شوقي، فالخبر الجيد الوحيد هو أن تكون مطلقة السراح، عائدة بسلام إلى عائلتها وبخاصة طفليْها.. أيّ خبر غير هذا هو خبر سيّئ للغاية في الواقع.
أسوأ خبر ممكن هو أن يكون الذين خطفوا أفراح منذ أسبوع قد أنهوا حياتها، لكن هذا لا يعني أن عدم إقدام الفاعلين على عمل شنيع كهذا هو خبر جيد، لأنه من المحتمل أن أفراح تلقى الآن معاملة همجية على أيدي خاطفيها، بما في ذلك التعذيب الجسدي والنفسي، وحتى الاغتصاب، وما الذي يمنع أن يفعل الخاطفون أشياء كهذه؟. ما الذي يردعهم عنها؟ .. مجرد اختطاف إنسان هو عمل غير إنساني ، واختطاف امرأة بالذات من بيتها وأمام طفليها هو عمل همجي من الطراز الأول لا يُقدم عليه إلا فاقد الذمّة والضمير، وفاقد الذمّة والضمير لا يتورّع عن اغتصاب مخطوفته، كما فعل داعش مع النساء ( بخاصة الإيزيديات) اللائي اختطفهن في محافظة نينوى وأباح لعناصره أن يغتصبوهنّ ويتناخسون بهنّ.
وحتى، لسبب ما وهو أمر مستبعد بقدر كبير، إذا تورّع الخاطفون عن أعمال مستنكرة كهذه فإنّ الاختطاف ومصادرة حرية إنسان يعني وضع هذا الإنسان في محنة مترعة بالأوجاع الحادة المتواصلة بلا انقطاع.  
بالطبع لا يُلام الخاطفون على ما يفعلونه بأفراح شوقي الآن، فهذه هي مهنتهم التي يؤدونها بكفاءة عالية لقاء ما يتلقونه من أجور، لكن ماذا عن الأجهزة الأمنية والقضائية لدولتنا؟.. كلّ اللوم يتوجب أن يُوجّه إليها ،لأنها لا تؤدي مهنتها بكفاءة عالية.. بعد اليوم الأول للاختطاف غابت هذه الأجهزة عن المشهد.. لم يكلّف أحد من وزارة الداخلية أو قيادة عمليات بغداد  أو أجهزة المخابرات والاستخبارات والأمن الوطني أو حتى الخليّة التي أمر رئيس الحكومة، القائد العام للقوات المسلحة، بتشكيلها، نفسه ليقول للرأي العام كلمة في خصوص قضية الاختطاف والإجراءات المتخذة لملاحقة الخاطفين. وجهاز الادّعاء العام الذي كان من المفترض أن يبادر هو أيضاً لمتابعة القضية ظلّ في حال السبات المعهودة  عنه، ما يبقينا في حيرتنا الدائمة حيال هذا الجهاز: ما هي مهمته بالضبط؟.. حتى الكلام الذي صدر عن رئيس الوزراء في مؤتمره الصحافي الأُسبوعي لم يعكس إدراكاً عالياً لخطورة ما حصل لأفراح شوقي، ليس فقط بوصفها صحافية معروفة وأنما كامرأة يجري اختطافها في بلد تستنكر قيمه الاجتماعية أشدّ الاستنكار فعلة كهذه في حق امرأة بالذات.
الصمت البادي على أجهزة الدولة المعنية بقضية اختطاف الصحافية أفراح شوقي مريب للغاية.. هل هو راجع الى أن مَنْ قام بالاختطاف جهاز حكومي، أم أن وراءه جماعة مسلحة أقوى من الأجهزة الحكومية، أم هي جهة ما محميّة ومدعومة من جهاز حكومي أو جماعة مسلحة ؟
عدا عن الصمت فإن ممّا يبرّر طرح هذه الأسئلة أن عملية الاختطاف انطوت على الكثير مما يُفترض أنه يساعد الاجهزة الأمنية على ملاحقة الخاطفين والوصول اليهم وحلّ لغز الاختطاف.. الخاطفون نفّذوا  عمليتهم برتل من السيارات وليس بسيارة واحدة، وهم كانوا بعدد كبير، والعملية تمّت في بيت الزميلة أفراح أمام  أنظار عدد من أفراد عائلتها، وعملية الاختطاف لم تقتصر على المخطوفة وحدها وإنما الخاطفون  أُخذوا معها سيارتها، وكانت هناك كاميرا قد صوّرت السيارات المستخدمة في عملية الخطف.. السؤال:  ما الذي تريده الأجهزة الأمنية والقضائية أكثر من هذا لتسيهل أمر ملاحقتها للخاطفين؟ .. لم يبق غير أن يتقدّم الخاطفون بأنفسهم الى هذه الأجهزة للكشف عن هويّاتهم!!!
ما أهنانا بدولة كدولتنا!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. خالد

    اخي الأستاذ عدنان: لا احد من قادة وسياسيي الأحزاب الدينية بريء من هذه الجريمة الدنييْة. فهم جميعاَ متواطئون, سواء من أمر أو نفذ أو غض البصر أو السمع عنها. أما الحكومة وأجهزتها الأمنية فهي جزء من هذه التشكيلة. والشارع العراقي يعرف ذلك.

  2. أبو أثير

    لا يختلف أثنان على أن من يختطف النساء في مناطق سنجار والسيدية هم وجهان لعملة واحدة تحمل العنف والكراهية والحقد ... وهم يمثلون عصابات تكفيرية مسلحة غير منضبطة تعمل تحت حماية الحكومة والمسؤولين ألأمنيين ... وهذا ما خلفه ألأحتلال ألأمريكي للعراق والعراقيين م

  3. ييلماز جاويد

    وما هو سبب العجب يا عدنان ؟ وهل بعد 13 عاماً يأتي عجبك وأنت الذي سطّرت ألافاً في وصف الوضع القائم . إعلم ، وأنا على يقين أنك عالمٌ ، إذا لم يٌُضرب رأس الأفعى ، فالمثل المصري يقول في كلّ يوم من ده . ألا تنظر ماذا فعلوا في ليلة رأس السنة . وعلينا أن

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram