TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طوقُ نجاة

طوقُ نجاة

نشر في: 6 يناير, 2017: 09:01 م

لأن عصرنا هو عصر الإعلام والمعلوماتية ، فنحن نعوم وسط سيل من الأخبار والمعلومات كل يوم ..بعضها يشبه زبد البحر ما ان نحاول الإمساك به حتى يتبدد ويتلاشى ، وبعضها مثل موجة عاتية يبعدنا عن اليابسة ويجعلنا في مهب الرياح ..ولأننا نريد ان نعوم دون أن نغرق وان نتمسك دائما بما يجعلنا نرى البرَّ قريباً والبحر هادئاً وان نحافظ على توازننا حتى لو غطسنا في أعماقه ، فنحن نحتاج الى طوق نجاة اسمه ( المصداقية )، فهي ماتجعل من الإعلام والمعلوماتية غذاءً نافعاً وليس سماً زعافاً يمكن ان يسقيه لنا كل من يحمل في رأسه هدفاً ما ليحول وجهتنا عن اهدافنا الحقيقية ..
بعد كل مامر بنا من ويلات ومصاعب ، من حقنا كشعب يمتلك تاريخاً مشرقاً ان نسعى الى التقدم الذي قطعت فيه بقية الدول اشواطاً في الوقت الذي كنا نرزح فيه تحت ركام سنوات من الحروب والسلوكيات الطائشة للحكومات التي تعاقبت على البلد . لكن التقدم يبدو مستحيلاً بدون حصول تغيير ، والتغيير الصائب يجب ان يبدأ بتغيير العقول ، وإذن ، سنحتاج الى الكثير من المصداقية لتغيير ماطال عقولنا من شوائب طوال العقود الماضية . لكن لوسائل الإعلام طريقتها في ايصال المعلومة كل حسب توجهاتها واهدافها المرتبطة بالسياسة ، وبعد ان كانت وسائل الإعلام تتكلم بلسان الحزب الواحد صار عليها ان تمتلك ألسنة متعددة وتتكلم بلهجات مختلفة يبرز فيها فرسان يصولون ويجولون كل على هواه دون ان ينتشلوا عقول المتلقين من غياهب الجهل وسوء الفهم . وهكذا تتلقى العقول الكثير من الكذب المنمق ويبقى عليها ان تنجح في غربلته والبحث عن المعلومة الصحيحة والنوايا الصادقة ليحدث الفرق المطلوب  ويعقبه التغيير المنشود ..
في نهجه البلاغي ، قال الإمام علي بن أبي طالب (ع) :"لاتنظر الى من قال وانظر الى ماقيل"، وهو مايدعونا الى البحث عن المصداقية والسعي اليها في كل افعالنا واقوالنا وتقديمها الى قرائنا على طبق من ذهب ..فاذا كان المرء يقول كلمته ويمضي فإن مايقال يبقى راسخا في اذهان البشرية ، وبقدر مايكون الكلام صادقا والمعلومة صحيحة فسيكون لهما تأثيرهما في الآخرين ..
بعد سنوات طوال من رسوخ ثقافة تكذيب الإعلام واعتبار كل مايقال فيه (كلام جرايد)، ربما حانت الفرصة الآن لتعمل الصحافة المقروءة والسمعية والمرئية على تقديم إعلام صادق غير موجّه ولامزيف بعد ان تبين لنا مدى قوة الكلمة بمواجهة تقلبات السياسة ومدى تأثيرها على مجريات الأمور ...ربما ستدفعنا حادثة اختطاف الصحافية افراح شوقي الى التعلق بطوق نجاة ( المصداقية ) لنقول كلمتنا، لأن النجاة في الصدق وكسب احترام المتلقين وايمانهم بدور الصحافة وهذا يأتي من احترام عقولهم ، واذا كان مقال مسيء في صحيفة قد اثار حفيظة المتلقين وجهات سياسية عدة فلأنه لم يكن صادقا ولم تتبناه جهة واضحة ما ادى الى اختلاط الأوراق لتدفع زميلتنا ثمن غياب المصداقية في استخدام لغة الإعلام لمخاطبة العقول والقلوب ...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram