TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أنقذوا الثقافة من تكريم الفاسدين

أنقذوا الثقافة من تكريم الفاسدين

نشر في: 7 يناير, 2017: 09:01 م

في ظل الغياب الواضح لدور المؤسسات الثقافية الحكومية خاصة، برزت في بلادنا المبتلاة ظاهرةٌ جديدة، مفادها أن جهات مختلفة، تزعم انها تعمل في قطاع الثقافة، أو تتبنى مشاريع ثقافية، تقوم بمنح جوائز تقديرية وتشجيعية لأسماء تختارها هي، او يتم اختيارها عبر اتصالها بأشخاص معينين، حيث يتم زج أسماء ما أنزل الله بها من سلطان مع اسماء معلومة في الوسط الثقافي بمنجزها كغطاء شرعي لفعل مثل هذا. ما يهمنا في ذلك هو عدم وضوح برامج ومشاريع الجهات هذه، ومن ثم الشبهات في اختيار الأسماء، فضلاً عن ما يسمى عندهم بالاستفتاء.
  يكتب الزميل جمال علي الحلاق في صفحته على الفيسبوك قائلاً: "اتّصلَ بي أحدهم قال : لقد تمّ تكريمك الليلة ، ولأنّك لم تكن حاضراً فقد استلمتُ تكريمك نيابة عنك، باعتباري صديقك الحميم . قلت : ومن قال إنّك صديقي ؟ قال : هم قالوا ذلك ." بمثل هذه يمكننا الحديث عن ما يصيب الثقافة من أوبئة وتخريب، مَنْ الجهة التي كرمت، ومن زج اسم الزميل الحلاق، وكيف اصبح الذي تسلم الجائزة صديقاً له. يحدث ذلك في الدولة العراقية، وفي وقت اختلطت فيه اوراق الداخل والخارج، صاحب النيّة الحسنة ذو المشروع الثقافي التنويري الحق، مع صاحب الضمير الأسود، ذي المشروع التدميري، الذي وجد الثغرة واسعة في بوابة الثقافة امامه ودخل منها.
  معلوم أن قضية الاستفتاءات التي تجريها بعض الصحف والمنظمات إنما تعمل بتكليف من قبل مراكز بحثية متخصصة، وهي مراكز معلومة في البلاد، ومعتمدة من قبل منظمات دولية ومحلية، وهي التي يركن اليها في الاستفتاءات واستخلاص النتائج لأي نشاط  يراد معرفته، وتتم عبر قوائم يقوم بتوزيعها نفر معنيون، حيث يتم اختيار شريحة معينة او جامعة ما، او ضاحية من ضواحي المدينة، وهكذا ستصبح آلية الاستفتاء قد انجزت ضمن المعايير المعلومة، وهذا ما نشاهده في الانتخابات مثلاً، وما تقوم به المراكز البحثية تلك. أما أن تقوم منظمة ما، ولدوافع معروفة سلفاً باختيار شخصية كافضل بائع أقمشة، او افضل محصّل، او بنجرجي فهذا ما يحدث اليوم.
  ومثل ذلك ما قامت به إحدى الجهات، التي دخلت البصرة قبل نحو من اسبوع، والتي حمل صاحبها مشروعاً سياسياً واضحاً، اعلن عنه في حديث مع احد الزملاء الفنانين، والذي اوضح فيه بقوله إنه موعود بمنصب وزاري كبير من قبل جهة سياسية نافذة ومعلومة، وما مشروعه في تكريم الفنانين والمثقفين في البصرة إلا الجزء الأول من مشروعه في ايصال صورته وصوته للنخب المثقفة في المدينة، بغية استعداده لدخول معترك الانتخابات وحصوله على المنصب. ويحدثني زميل آخر في احدى التشكيلات الثقافية في البصرة، بأن الديباجة التي حملها صاحبها جاءت على النحو التالي : بحضور مبدعي ومثقفي البصرة الفيحاء تتشرف اللجنة العليا لمهرجان الـ....العربي بتكريم مبدعي ومثقفي البصرة بدرع الابداع...ثم يتم إدراج قائمة طويلة بنحو مئة اسم، اختلط فيها الغث بالسمين، والمأنوس بالغريب والوحشي. يقول زميلي : قلت للجهة التي تبنت مشروع التكريم بأن التكريم هذا لا يعني شيئاً لمثقفي البصرة، ولانحتاج الى من يكرم المثقفين، بعنوان آخر يشوّه المشهد الثقافي، كان الرجل مستغرباً من موقفي هذا على الرغم من وجود اسمي ضمن قائمة المكرمين.
   لا اعتراض على قيام جهة معلومة، واضحة المشروع، لها سجلها النقي والصريح والجاد في رعاية الثقافة بتكريم من تشاء، وبمنح من تشاء من الدروع النحاسية والقصديرية والأوسمة والنياشين الكاذبة، شريطة أن تكون هي الأسمى والأرفع ليكون للتكريم معنى وقيمة ، إذ من غير المقبول قيام جهة مجهولة، تشكلت بمحض وهم من صاحبها، ان تصبح قيّمة على الثقافة والمثقفين وتختار عبر استفتاء وهمي وتعلن عن تسمية هذا وذاك، كأجمل بزاز او أفضل بنّاء، او احسن طبّال حتى. نقول: إذا كانت الدولة عاجزة عن احتضان مبدعيها فليحترم هؤلاء الفاسدون جهدنا في اقل تقدير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram