TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراق - تركيا . . المصالح الدائمة دائماً

العراق - تركيا . . المصالح الدائمة دائماً

نشر في: 7 يناير, 2017: 07:22 م

adnan.h@almadapaper.net

زيارة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى بغداد أمس كانت ناجحة، وهي بهذا أعطت من جديد صدقية للمقولة المأثورة :" في السياسة لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، إنما المصالح هي الدائمة".
مباحثات يلدريم مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تجاوزت مرحلة تبادل عبارات العتاب على خلفية الموقف التركي غير المفهوم وغير المبرّر في تشدّده حيال طلب العراق من تركيا احترام سيادته الوطنية وسحب قواتها المرابطة في منطقة بعشيقة من دون إذن، ودخلت – المباحثات – في عمق العلاقات الستراتيجية التي تربط بين بلدين جارين هما من أهم بلدان الإقليم، فبعد اللقاء الثنائي عُقِد اجتماع لمجلس التعاون الستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين، حيث جرى البحث في تعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاون المشترك لمكافحة الإرهاب.
 منذ بضعة أشهر عندما نشبت الأزمة الدبلوماسية بين أنقرة وبغداد، تصرّف بعض الساسة في العاصمتين كما لو أنّ ما بين تركيا والعراق معضلة عميقة وعويصة لا يُمكن حلّها، حتى أنّ البعض بدأ بقرع طبول الحرب، والحال إنّ نتائج زيارة يلدريم أمس أظهرت من جديد أنه ليست هناك مشكلة غير قابلة للحل إذا ما توفّرت النوايا الطيبة المرتبطة بالمصالح الدائمة.
المشكلة العراقية – التركية الأخيرة كانت تركيّة المنشأ في الأساس، فأنقرة عملت على التدخّل في الشأن العراقي تحت ذريعة المشاركة في تحرير الموصل، وهي ما لم يكن العراق في حاجة إليها في الواقع، خصوصاً أنّ الحرب على تنظيم داعش الإرهابي عندما انتقلت إلى حدود محافظة نينوى إنما دخلت في منطقة بالغة الحساسية، وهذا ما لم يدركه ويستوعبه الاتراك جيداً، وهو ما تطلّب جهوداً سياسية ودبلوماسية بعيداً عن دائرة الضجيج، وهذا ما ركنت إليه حكومة العبادي لتحقّق في نهاية المطاف عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين، والحصول على تعهّدات من الجانب التركي باحترام سيادة الدولة العراقية بسحب قواته من بعشيقة، وعدم وضع عراقيل أمام عملية تحرير الاراضي العراقية من الاحتلال الداعشي.
لابدّ من أنّ الاتراك فكّروا مليّاً في مصالحهم التي تُرتّب عليهم الحفاظ على علاقات حسن الجوار مع جيرانهم الجنوبيين، فتراجعوا عن خطابهم العنتري وعن استعراض العضلات ومحاولة استصغار شأن العراق وهو يخوض حرب تقرير المصير.
سيكون من مصلحة العراق أن تجعل من أمر تطبيع العلاقات مع تركيا رافعة لتطبيع مماثل في العلاقات مع سائر الدول، وهو ما يستدعي نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً وصبوراً يُقنع حكومات الدول التي لم تزل على غير وفاق تامّ معنا بأنّ عليها أن تقدّم مصالحها الدائمة على أية اعتبارات ليس لها صفة الديمومة.
 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram