TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الجادرجي دفع الثمن من حريته افتداء لحرية شعبه

الجادرجي دفع الثمن من حريته افتداء لحرية شعبه

نشر في: 10 فبراير, 2010: 04:51 م

يوسف السباعيكلمة السيد يوسف السباعي سكرتير عام منظمة تضامن الشعوب الافريقية الآسيوية وامين عام اتحاد الادباء العرب في حفل تأبين المرحوم كامل الجادرجي. ايها الاخوة والزملاء يعز على النفس ان يقف المرء بينكم هذا الموقف  بكل ما يحمله الموقف من معاني الفقدان والأسى والفجيع.
فأن المرء عندما يرثي زميلا ، وصديقا واخا في المعركة، فأنما يودع جانبا من حياته ويرثي جزءاً من ذات نفسه، ولابد لنا مع ذلك ان ننهض بهذا الواجب، وان نستخلص منه زادا جديدا لمواجهة اعباء الحياة ونستمد منه قوة جديدة للنهوض بمسؤوليات الكفاح.  ذلك ان الفقدان ايها الاخوة جزء لا يتجزأ من معاناة الحياة نفسها بكل ما فيها من جوانب قاسية وخبرات مريرة ولكنه ايضا جزء مكمل لتجربة الحياة كلها، بما ينطوي عليه من قوة دافعة لا تتوقف والخسارة الاليمة التي نحسها جميعا، اليوم خسارة فادحة تنوء تحت ثقلها النفس ومع ذلك فأننا لا نملك الا ان نجد في تلك الخسارة نفسها ما يزودنا بالعزم على مواصلة السير في الطريق والقدرة على استجلاء معالمه والتصميم على استكمال الرحلة التي بدأها زميل لنا وأخ في الكفاح وقطع فيها شوطاً طويلا، فكان في ذلك مثلا ومنارة وعلامة مشرقة من علامات العزم الصادق والجهد المبذول. وتلك ايها الاخوة هي القيمة الحقة للانسان، ونحن وان كنا نفتقد كامل الجادرجي: العمل الصادق الجار في سبيل مثل اعلى، والتضحية السخية غير المضمونة من اجل مبدأ يؤمن به الانسان ، ويخلص له الجهد. ان الانسان الفرد، قد يذهب عن زملائه واخوته، ويبارح الصفوف، ولكن ما يمثله هذا الانسان من عقيدة وخلق وايمان ، وما يضربه من مثل وما يتركه وراءه من اثر في النفوس والقلوب، ذلك كله لا يمضي قط ولا تمحوه الايام ولا تنال منه يد الموت القاسية. ايها الاخوة الزملاء، ليس في نيتي اليوم ان اسرد عليكم التاريخ الطويل المجيد لحياة كامل الجادرجي ولا ان اصف مراحل الكفاح الشاق النبيل الذي خاضه ولا ان اتتبع تطورات المعارك السياسية والاجتماعية التي رفع لواءها وبذل لها من ذات نفسه الكثير فان كامل الجادرجي علم من اعلام العراق الحديث وصورة باهرة لما يستطيعه الانسان العربي، في هذا الفترة الحافلة الزاخرة من تاريخ الوطن العربي، وانتم جميعا اعرف الناس بما نهض به الفقيد من اعباء جسام وما ادى لوطنه واهله من اعمال مجيدة. وانما يهمني الان ان اؤكد دلالة بعض ما كانت تمتاز به حياة الرجل من قسمات مشرقة، وملهمة ففي ذلك وحده خير تكريم للمبادئ التي اعتنقها ودافع عنها، بصلابة الابطال ،وعزم المؤمنين وايثار اصحاب العقيدة، وصفاء رجال الفكر وحنكة السياسيين في وقت معا. وفي ذلك وحده تكمن قيمة حياة الرجل، وان ذلك وحده يكمن ان يكون لهذا الاحتفال مغزاه، ولا ينبغي ان تكون مثل هذه الاجتماعات محافل تلقى فيه الكلمات، بل ينبغي النظر وبخاصة في هذه المرحلة الدقيقة الحاسمة من مراحل حياة الوطن العربي، ان نجد في هذه الاجتماعات فرصة لتجديد القوة على الدفاع عما كان يؤمن به زميلنا الراحل ولاستخلاص الدرس الذي تلهمنا به حياته، وتعميق الدلالة التي يمتاز بها كفاحه ومواصلة السير على النسق الذي اختطه وارتاده وقطع فيه شوطا طويلا، لقد ناضل كامل الجادرجي ، في قيادة الحزب الوطني الديمقراطي منذ الثلاثينيات من هذا القرن، وكان نضاله وسيبقى دائما، صفحة ناصعة من صفحات تاريخنا الوطني لا في العراق وحده، بل على صعيد الوطن العربي كله. وما احوجنا اليوم الى مثل صلابة الجادرجي في الوقوف مدافعا عن مبادئه والى مثل ثباته النادر في مواجهة كل المحن والعقبات والى مثل احتماله لضريبة العقيدة ولو كانت الضريبة ثقيلة باهظة. لقد دفع الجادرجي الثمن من حريته الشخصية افتداء لحرية شعبه، في احلك فترات القمع التي مربها شعبه، واحتمل فترات السجن والاضطهاد بجنان راسخ وايمان لايتزعزع. وكان من ابرز القسمات في كفاح هذا الرجل التصاقه الحميم بجماهير شعبه، وفهمه العميق لما تتطلبه الجماهير وايمانه الوطيد بحقوقها وتضحياته التي لاتقف عند حد في سبيل تحقيق امانيها المشروعة. ووقف الجادرجي مدافعا عن حرية العراق واستقلاله الحق، وسيادته الاصيلة، باذلا كل ما يسعه من جهد للحفاظ على وجه العراق العربي الاصيل، والذود عن خصائصه القومية الجوهرية، ضد الجرائم والخيانات والمناورات والمكائد التي ارتكبها عملاء الاستعمار وغلاة الاقطاع والرجعية. وقد تجاوز الجادرجي في نضاله السياسي والاجتماعي رقعة العمل على الصعيد الوطني اذ كان مؤمنا بحق ان الكفاح الوطني انما يرتبط ارتباطا وثيقا بالكفاح على الصعيد الاجتماعي ايضا، ولذلك تبنى الجادرجي مطالب الجماهير الشعبية الكادحة وكان من اوائل اولئك الرجال الرواد في الوطن العربي اولئك الطلائع الذين اتسعت افاق نظرائهم، وامتدت بصيرتهم على نطاق فسيح فأقاموا الصلة الحقيقية بين الحرية السياسية والحرية الاجتماعية. ولكن الجادرجي الى جانب ذلك استطاع بوحي من الفكر المتعمق الدقيق ان يقيم صلة اخرى حقيقية وأصيلة، بين الكفاح الوطني والسياسي والاجتماعي في داخل حدود وطنه، وفي خارجها على السواء كان ايمانه وطيدا بالروابط العضوية المتينة التي تصل بين العراق والوطن العربي ككل، وكوحدة لا تتجزأ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

اعتقال صاحب منزل اعتدى على موظف تعداد سكاني في الديوانية

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram