بغداد/ المدىومن الأسباب التي تجعل هذا الانفتاح مقلقاً أيضا أن لدى المراهقين بطبيعتهم الرغبة في الاستكشاف، وتجريب الأشياء الجديدة والغريبة ، والتباهي أمام أقرانهم بقدرتهم على خوض المغامرات وكسر القيود الاجتماعية، ما يجعلهم عرضة أكثر من غيرهم للاستغل
بغداد/ المدى
ومن الأسباب التي تجعل هذا الانفتاح مقلقاً أيضا أن لدى المراهقين بطبيعتهم الرغبة في الاستكشاف، وتجريب الأشياء الجديدة والغريبة ، والتباهي أمام أقرانهم بقدرتهم على خوض المغامرات وكسر القيود الاجتماعية، ما يجعلهم عرضة أكثر من غيرهم للاستغلال أو اقتحام خصوصيتهم من قبل آخرين .
ويمكن أن تتسبب الشبكات الاجتماعية للأطفال والمراهقين بالعديد من المشكلات كالاكتئاب والقلق والعدوانية، وذلك بسبب استخدام بعض الأقران والمنافسين لهذه المساحات للنيل من المراهقين أو الاستهزاء بهم بالألفاظ، أو نشر صورهم في المدرسة أو اللعب بهيئات مثيرة للسخرية، الأمر الذي سهّله انتشار الهواتف المزودة بالكاميرات، والمنتشرة بكثرة بين الأطفال والمراهقين .
كما أن العلاقات العاطفية العابرة والسريعة والتي تأتي نتيجة الرغبة الطبيعية باستكشاف الجنس الآخر وإقامة العلاقات، قد تؤدي إلى مرور المراهقين بتجارب نفسية صعبة عند انتهائها، وغالبا ما يحدث ذلك بين راشدين يملكون حسابات وهمية، ويقومون باستغلال المراهقات والمراهقين، بإيهامهم بالاهتمام والحب، والحصول على صورهم، لمجرد التسلية والترفيه أو الحصول على مكاسب نتيجة ابتزازهم بهذه الصور أو المراسلات .
يقول الاستاذ الدكتور عدنان ياسين استاذ علم الاجتماع: يعتقد بعض الآباء والأمهات أن التجسس والتتبع والحصول على كلمات السرّ الخاصة بالمراهقين، يمكنه ضبط السلوك الالكتروني للأطفال أو ضبط طرق وظروف تواصلهم الالكتروني مع الآخرين، وهذا كما يصفه المتخصصون مجرد تضييع لأوقات الآباء، ومدعاة لتدهور العلاقة مع الأطفال والمراهقين.
ويُغفل أو يتغافل هؤلاء الآباء نتيجة عدم معرفتهم بأدوات التواصل الإيجابي، حقيقة أن الأطفال أذكياء وقادرون في كثير من الأحيان على استخدام وسائل التكنولوجيا أكثر من ذويهم؛ فالمراهقون يمكنهم إنشاء حسابات متعددة على الفيسبوك، بحيث يحتفظون بوجود والديهم كأصدقاء على أحد هذه الحسابات وأكثرها التزاما بالضوابط الاجتماعية، في حين تُخصص الحسابات الأخرى، والتي غالبا ما تحمل أسماء مستعارة للتعبير عن ذواتهم بطرق أكثر انفتاحا وربما تجاوزا اجتماعيا وأخلاقيا .
خيارات الخصوصية
ويؤكد الدكتور عدنان أن الأطفال والمراهقين الذين يملكون أكثر من حساب على فيسبوك، ينشؤون في أُسر يسودها الرفض وعدم التقبل، وكثرة الانتقاد، وفرض قوانين غير صحية على التواصل، ويقل فيها الاستماع للأطفال، أو الاهتمام بهم نفسيا وعاطفيا، ولا يشعرون بالأمان النفسي داخل الأسرة، ما يمنعهم من إظهار حقيقة علاقاتهم وتفاعلهم أمام ذويهم، والاكتفاء بحساب واحد.
كما أن خيارات الخصوصية التي يوفرها فيسبوك وغيره من شبكات التواصل والتي تسمح بإخفاء قوائم الأصدقاء، ومشاركة الصور والتحديثات مع أشخاص أو قوائم محددة، تجعل أيضا من وجود الآباء على حساب أبنائهم كأصدقاء وأولياء أمور، أمرا غير فعال في حال لم تُبنى العلاقة معهم على الصراحة والانفتاح والتقبل.
وينبغي عدم عزل الأطفال والمراهقين عما يجري في العالم من حولهم، نظرا لضرورة استخدام الحواسيب ووسائل التكنولوجيا في حياتهم، ويكاد أمر عزلهم عن الفضاء الالكتروني يكون مستحيلا.
سُبل الوقاية
نظراً لتعدد الأدوات والأساليب التي يمكن من خلالها الوصول إليه. ومن غير الصحي التفكير بالمنع أو التهديد كآلية للتعامل مع هذا الأمر، فهذا لا يزيد الأطفال إلا عنادا وتمردا، ويعمّق فجوة التواصل القائمة معهم، عدا عن أن ما صَلُح لزماننا من أساليب التربية والضبط والتواصل لا يصلح بالضرورة لزمانهم .
يمكن للآباء والأمهات الحصول على كل ما يريدون معرفته عن أطفالهم بدون إجبار، وذلك بالاستماع والاهتمام والتواصل الجيد مع الأطفال. والحديث عن استخدام الالكترونيات والتعامل معها، وحتى عن العلاقات مع الآخرين، وضبط السلوك الاجتماعي، وحماية الأطفال من الاضطرابات النفسية يأتي تاليا؛ فالثقة والانفتاح والإشباع النفسي والعاطفي هي أهم سُسبل الوقاية.