عزيزي الوفي ..
…… ، ……
لا تغرنّك ابتساماتي أمام عدسات المصورين وعلى شاشات التلفزيون ، فأنا حزين ومحبط و.. خائف . مشوش الذهن ، المسؤوليات ثقيلة على كاهلي ، وانا — في الحقيقة — مغلول اليدين ، مكبّل القدمين ، فأنا لا أخرج إلا وحولي نفر من (الحماية ) ، ولا يمكنني التفوه بكلمة ( لا ) إلا بمشقة محسوبة .
أخبرتني بهاتفك الأخير (المشفر) أن رصيدي المصرفي قارب الأرقام الستة . وأن داري في مرابعكم قد شارفت على الاكتمال ، وهذا يحمل لي بعض العزاء مما أعاني من قرف .
لا اكتمك .. إني اعيش في ترف ونعيم لم اكن أحلم به ، لكن الفرح الحقيقي غادرني ، وسكنني خوف مبهم : خشية من كل شيء حولي ، وعلى كل شيء في حوزتي !! خوف شرس يحمل لي الوساوس والكوابيس ، لاسيما حين يجن الليل ، صدقني : إني أحن لتلك الليالي التي كنا نتدبر تكاليف الوجبة بشقّ الأنفس ، بينما ضحكاتنا الرائقة تشقّ ستار الضجر .
حين يجن الليل ، يتقاذفني رعب الكوابيس ، تغمرني موجة كآبة مريض عصاب . فأقرر أن اخرج من هذا المسلخ . مكتفياً بما علي من سخام ، لأعيش ( نظيفاً) كما احب : هل استطيع ؟؟ .. فإذا ما طلع الصباح ، وتسلمت سوط السلطة . ورأيت ما انا عليه من سطوة وشهرة ، وأمامي فيض من وكالات جديدة تنتظر توقيعي ، وعقود وهمية تنتظر موافقتي ،، وقائمة الراتب الجزل ، والشاشات تتسابق بانتظار تصريح مني ، و..و..أجدني أتناسى قراري ، وأصم سمعي عما راودني ليلاً ، فأتشبث بالكرسي : بمساندهِ وقوائمه تشبث الغريق بقشَّة … يا صديقي السلطة والثروة والشهرة ، شرك ومصيدة ، لا يمكن لمن دخل حبائلها النجاة منها ، إلا بمشقة خروج الروح من الجسد ….. صل (ي) من أجلي ، ولا تشدد علي اللوم ،، فلو كنت مكاني لما فعلت غير فعلتي ،، أصلي من أجلك الا يدخِلك الحظ في أتون تجربة كتجربتنا نحن فرسان الحكم …..
## هامش ::: السطور أعلاه مستلّة - بحذر - من رسالة شخصية حقيقية نشرت في مطبوعة لندنية ، قبل عشر سنوات . نعيد نشر بعض سطورها، لنتساءل : ما الذي تغير بعد تلك السنوات العشر العجاف ؟؟!
الرسالة الوجع !.
[post-views]
نشر في: 8 يناير, 2017: 09:01 م