اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > رحيل نهاد صليحة.. عَين المسرح الراصدة

رحيل نهاد صليحة.. عَين المسرح الراصدة

نشر في: 10 يناير, 2017: 12:01 ص

أرتبط اسم الناقدة المصرية نهاد صليحة ، والتي رحلت عن عالمنا قبل أيام   بحركة النقد المسرحي الحديثة ، التي كانت سائدة في  اوربا خلال السبعينيات ، لكنها وصلت الينا متاخرة بسبب انشغال  النقد العربي  ، بافكار النص المسرحي بعيدا ع

أرتبط اسم الناقدة المصرية نهاد صليحة ، والتي رحلت عن عالمنا قبل أيام   بحركة النقد المسرحي الحديثة ، التي كانت سائدة في  اوربا خلال السبعينيات ، لكنها وصلت الينا متاخرة بسبب انشغال  النقد العربي  ، بافكار النص المسرحي بعيدا عن أدوات العرض المسرحي الاخرى.

واتذكر اثناء تجربتي  في  كتابة النقد المسرحي ، انني كنت اتابع باهتمام كتابات لنقاد عرب من امثال علي الراعي ورياض عصمت وفؤاد دوارة وفاروق عبد القادر ، وقد تميزت أغلب دراساتهم النقدية باحاطتها بكل جوانب النص المسرحي ومؤلفه مع اشارات عابره عن الاخراج والتمثيل ،  ألا أن وقع بيدي ذات يوم مقال بعنوان  " الواقعية في مسرح نعمان عاشور " منشور في احد اعداد مجلة المسرح المصرية في بداية الثمانينيات  ، كاتبة المقال  ، اسمع باسمها للمرة الاولى  ،  الدكتورة نهاد صليحة  ، ولانني كنت مغرما بنعمان عاشور ، وكنت اتلقف معظم اعماله  ونشرت عنه مقالا في مجلة الثقافة  ، فقد تلقفت مقال الدكتورة صليحة  بلهفة ، وقد وجدت  نفسي بمواجهة مقال مسرحي من نوع مختلف ، ، واذا الواقعية  التي تتحدث عنها نهاد صليحة تختلف عن الواقعية التي قرات عنها في كتابات محمد مندور عن المسرح ومحمود امين العالم ويوسف عبد المسيح  واستاذي الدكتور جميل نصيف ، والتي كانت تؤكد ان الشكل  الفني  للعمل المسرحي غير منفصل عن  المضمون  الفكري  ، بل هو  تابع له، بمعنى أن المضمون يستدعى شكلا ملائما له  ،  مما يفرض على الناقد منهجا ينطلق من المضمون في العمل المسرحي ، ثم البحث عن مدى قدرة المبدع على استخدام تقنيات شكلية قادرة على توصيل هذا المضمون  بصورة صحيحة .
في مقال نهاد صليحة كان هناك شيء آخر يشير   إلى نوع جديد من انواع النقد المسرحي  ، يختلف حتى في المصطلحات  التي يستخدمها الناقد.
أنتهي من  قراءة المقال فاجد نفسي اأتجول في  في ظل الفلسفات اللغوية الحديثة والنظريات النقدية من بنيوية الى تفكيكية ، الى سيميوطيقية ، ، حيث تركز الناقدة جهودها على فحص علاقة الكلمة بالمعنى من ناحية  وعلاقة معاني  النص المسرحي ، بمعطيات الشكل من ناحية آخرى  .
وعرفت للمرة الاولى ايضا كيف يمكن ان يتحول  المشاهد في العرض المسرحي  ، إلى منتج  للعمل الفني ،  وعنصر فعال يشارك في عملية صياغة العرض  ولو بطريقة ثانوية غير مباشرة وليس مستهلكاً بصرياً  للعرض  ، وتحاول الناقدة وهي تستعرض ابرز العروض المسرحية التي قدمت اعمال نعمان عاشور الى التركيز  على المعادلة الثلاثية للعرض المسرحي وهي ،  النص وقيمه  الدلالية ، العرض ومكوناته الجمالية  ، المشاهد  وقراءته البصرية  ، وهذا الاخير يعتبر عندها الغاية المقصودة من وراء كل عمل مسرحي يقدم على الخشبة وبغيره يصبح العرض  معدوما أو لا فائدة تذكر من تقديمه اصلا .
بعد هذا المقال اخذت ابحث عن كتابات نهاد صليحة فعثرت على كتابها الاول  " المسرح بين النص والعرض "  ، ويتضمن مقالات  تبين طريقتها النقدية  ومنهجها  في  تحليل العروض المسرحية  ، الا ان المفاجاة الكبرى كانت في عثوري على مقال لها نشر في مجلة  القاهرة المصرية بعنوان :" يوسف العاني  ورحلة أربعين عاما من يوسف وهبي  الى بريخت  المقال مؤرخ عام 1983  ، وفيه تناقش  مسيرة يوسف العاني التي وصفتها بانها اعتمدت على المؤلف – وتعني العاني – الذي شكل قاعدة الانطلاقة الحقيقية نحو مسرح عراقي حديث
كانت نهاد صليحة من خلال مقالها عن نعمان عاشور ودراستها القيمة عن مسرح يوسف العاني،  ومعظم دراساتها النقدية  ، تريد ان تؤكد على عدد من النقاط المهمة  ، مطلوب من  الناقد ان ينتبه لها وهو يقدم للقاريء  وجهة نظره عن المسرحية التي يشاهدها ، وتتلخص هذه النقاط في :
اولا : إلى من يتوجه العرض المسرحي  برسالته؟
ثانيا : هل استطاع  العمل المسرحي ان يوصل  رسالته المقصودة جماليا وفكريا الى المشاهد
ثالثا : هل يبث العرض المسرحي رسالة واحدة مصدرها المرسل ، أم يبث رسائل منوعة إلى جمهور منوع ، يختلف في درجة كفاءة الاستقبال والوضع الاجتماعي والثقافي .
وانظلاقا من هذه النقاط الثلاثه  ، يمكن للناقد ان  يفتح شفرات العرض المسرحي  ، ويكشف معاني الجمال ، وموضع الإبداع بالعرض المسرحي  ومن ثم الوصول إلى قراءة  نقدية  للعرض المسرحي  تتجاوز القراءة  القراءة الشرحية للنص المسرحي .
كانت صاحبة  " المسرح بين العرض والنص "  ترى بأن مهنة الناقد تشبه كثيراً مهنة  صانع المفاتيح الذي بامكانه ان يصنع مفتاحاً لكل باب من الابواب .
 
قدّمت الناقدة المصرية مجموعة من الكتب التي تعدّ مدخلاً هاماً للإطلاع على تاريخ المسرح الحديث وتطوره ،  ومن بينها: "التيارات المسرحية المعاصرة" و"الحرية والمسرح" و"المسرح بين النص والعرض"، و"أضواء على المسرح الإنكليزي"  إضافة إلى ترجمتها إلى العربية عناوين تعتبر من أساسيات الثقافة المسرحية الحديثة، مثل: "نظرية العرض المسرحي" لـ جوليان هلتون، و"ما بعد الحداثية والفنون الأدائية" لـ نك كاي، "التفسير والتفكيك والإيديولوجيا " لـ بيتر بروك، وتيري إيغلتون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram