TOP

جريدة المدى > تحقيقات > طوارئ مدينة الطب بحاجة لإعلان الطوارئ!

طوارئ مدينة الطب بحاجة لإعلان الطوارئ!

نشر في: 13 يناير, 2017: 09:01 م

مجموعة من الشباب يتراكضون مع (سدية) طبية فقدت احدى عجلاتها يدفعها عامل المستشفى، مما تسبب بصعوبة سيرها بانسيابية، يتقدمهم رجل متوسط العمر ينادي على الكادر الطبي ان يسعف المريض، تقدم نحوه ممرض لتفحص المريض وهو في السدية التي لم تتوقف حتى وصلت صالة الط

مجموعة من الشباب يتراكضون مع (سدية) طبية فقدت احدى عجلاتها يدفعها عامل المستشفى، مما تسبب بصعوبة سيرها بانسيابية، يتقدمهم رجل متوسط العمر ينادي على الكادر الطبي ان يسعف المريض، تقدم نحوه ممرض لتفحص المريض وهو في السدية التي لم تتوقف حتى وصلت صالة الطوارئ المكتظة بالمرضى والمرافقين، الذين يشرف على علاجهم كادر طبي لايتعدى اصابع اليد الواحدة يتنقلون من سرير الى آخر رغم شحّ الادوبة واجهزة الطوارئ وبشكل خاص جهازي التبخير والتنفس ...

جهاز تنفس واحد
حتى وقت قريب كانت مدينة الطب تقدم ما يمكن وصفه بالخدمات الطبية المقبولة، وقياسا الى حجم مايرصد لوزارة الصحة من اموال كبيرة كان المفترض ان تحدث نقلة نوعية بالقطاع الصحي الذي تراجع كثيرا. في باب صالة الطورائ تقف امرأة اربعينية تحبس دموعها فحياة والدتها الصحية متردية والعناية غير جيدة ،حسب وصفها، عازبة السبب اولا الى قلة الكادر والأجهزة الطبية، والى الزخم الكبير على شعبة الطورائ ثانيا. موضحة: انها منذ اربع ساعات تنتظر ان يستقر وضع والدتها كي تنقلها الى البيت او الى مستشفى آخر لكن الأطباء ينصحونها بغير ذلك لحاجتها الى اجراء التنفس بالجهاز الوحيد الذي يتنقل من سرير الى آخر لكثرة المراجعين الذين يشكون أمراض التنفس والقلب.  

العلاج على كرسي متحرك
يشكل الزخم المتزايد ثقلا كبيرا على الكادر الطبي في شعبة الطوارئ بسبب الفوضى وعدم تنظيم العمل وغياب دور مفرزة الفرز التي تحولت الى صالة انتظار واستراحة. بيداء وهاب ،مرافقة لشقيقتها التي تشكو ارتفاع ضغط الدم، اشارت الى غياب توجيه المرضى، مبدية استغرابها من قلة عدد الكادر الطبي قياسا بعدد المرضى اذ بقيت شقيقتها لوقت ليس بقليل تنتظر إخلاء أحد الأسرّة.
فيما ظل احمد يتجول داخل الصالة عسى ان يفرغ احد الأسرة لنقل والدته التي بقيت قرابة الساعة جالسة على كرسي متحرك وهي تتقلى العلاج والفحوصات من الكادر الطبي، متذمرا من الحال الذي وصل اليه القطاع الصحي من تردّ، لافتا الى: اهمية شعبة الطوارئ في المستشفيات والتي يفترض ان تتوفر فيها كل الأجهزة الحديثة مع الكادر الطبي الكافي، مستدركا: لكن للاسف يمكن ان يكون ذلك في اي بلد إلا في العراق.

الاعتداء على الكادر الطبي
بالقرب من احمد يقف وسام ،شاب عشريني جاء برفقة والده الذي يشكو ضيق التنفس بسبب مرض الانفلونزا، حيث اخبره الطبيب بامكانية مغادرته الصالة لتحسن حالة والده الصحية بعد اجراء الفحص اللازم واخذ العلاج، لكن وسام رفض ذلك رغم ان الطبيب اخبره انهم بحاجة للسرير، لكن وسام عاد واخبر الطبيب ان المريض ليس افضل من ابي. ورغم تدخل احد مرافقي مريض آخر إلا أن وسام ووالده رفضا الخروج وبقيا يحتجزان السرير لمدة ثلاث ساعات دون حاجة ماسة لذلك. وحين سألت احد افراد الكادر الطبي لماذا لم تتخذ الاجراءات وتخبر الجهات الأمنية بذلك. رد: ياعزيزي ومن ينقذني من الفصل العشائري. مبينا: انه تعرض اكثر من مرة لحالة اعتداء من قبل مرافقي بعض المرضى.

جولة عربة القمامة
وسط كل الزخم والفوضى في استقبال المراجعين والمرضى تشير احدى المرافقات الى عربة نقل القمامة التي يدفعها العامل الآسيوي اذ كانت محملة بشتى انواع فضلات الأطعمة والأشربة والأكياس وقناني الماء التي كانت تتساقط فيعيد العامل جمعها، فيما لفتت شقيقتها الى الروائح الكريهة المنبعثة من تلك الحاوية التي قطعت مسافة غير قصيرة عبر ممرات المستشفى وصولا الى مكان الرمي المخصص والذي لايبعد كثيرا عن مدخل المستشفى وردهات المرضى، اذ يبين ابو سجاد ،مرافق راقد مع اخيه، انه كلما أطلّ من نافذة الردهة صدمه منظر القمامة التي تعلو يوميا. لافتا الى: ان اغلب الردهات بحاجة الى تنظيف وترتيب واهتمام اكثر خاصة الأسرّة المتهالكة التي لاتصلح لنوم المرضى وكذلك الأفرشة والأغطية المتسخة.

الممرات بدل الردهات
اخذ علي يسرع في خطواته باتجاه المصعد الذي تاخر نزوله قرابة الـ (15) دقيقة بسبب الزخم في الطوابق العليا، ضغط على الرقم (9) ممنياً نفسه بوجود سرير فارغ في احدى ردهات الطابق حيث أخبره طبيب الطورائ بضرورة مبيت والده لحراجة حالته الصحية، وبعد ان تجول علي في كل الردهات لم يجد اي سرير فارغ. كذلك الحال مع هيثم الذي اضطر في النهاية الى اخراج شقيقه الاكبر والذهاب به الى مستشفى اهلي، ممتعضا من الحال الذي وصلت اليه مدينة الطب . لافتا الى: ظاهرة نوم المرضى والمرافقين في الممرات وقرب المصاعد, مؤكدا: حتى الدول التي لاتملك اية ثروات طبيعية وتعد فقيرة تحترم مواطنيها وتقدم لهم خدمات طبية ملائمة. داعيا الى ضرورة اعادة النظر بكل مفاصل القطاع الصحي وتسليمه الى الكفاءات الطبية والادارية التي يمكنها النهوض بها من جديد.

واقع المرافق الصحية المزري
على المريض ومرافقه وحتى المراجع ان يتخذ الاجراءات والاحتياطات عند دخوله المرافق الصحية ان كان بسبب انعدام النظافة أو الروائح او طفح أغلبها، لكن كل ذلك في ناحية وما رواه محمد محمود الذي يرافق والده الراقد في الطابق التاسع في اخرى، اذ يقول: بعد ساعة تقريبا من رقود الوالد وتنظيم سريره وتبديل كل الأسرة والأغطية باخرى جلبناها من البيت دخلت المرافق الصحية وياليتني لم ادخلها. متابعا: المغاسل غير صالحة للاستخدام بسبب عطلها، لافتا الى: ان ابواب المرافق الصحية مكسرة ولاتصلح ان تكون للمرافق الصحية، منوها الى :انقطاع الماء الحار او عدم وجوده بالأحرى، اما الماء العادي فيأتي ساعة وينقطع اخرى ويشح ثالثة، الامر الذي يجبر الكثير منا على الاستعانة بماء القناني الذي يباع من قبل عمال الخدمات العراقيين والآسيويين.
عمال الخدمات ..

باعة جوالون !
يحمل حيدر حسين كيس دعاية لأحد انواع التبوغ المشهورة في العراق حاملا به طعاما لوالده الراقد في المستشفى بمرافقة اخيه الذي ذكر انه اليوم الاول لهم في المبيت بعد ان قرر طبيب الطورائ ادخاله. مسترسلا: بعد اعطاء الوالد ما توفر من ادوية وشراء اخرى من خارج المستشفى لم يصلنا الطعام ولا الماء الامر الذي اضطرني لشراء الماء من الكافتيريا او من عمال الخدمة الذين باتوا باعة متجولين في الردهات ،حسب وصفه. مستطردا: فيما فضلت جلب الطعام من البيت بعد ما سمعته من حديث حول طعام المستشفى. بينما ينبه قاسم صالح الى ضرورة متابعة الطعام الذي يقدم للمرضى. متسائلا: هل يطبخ في المستشفى او ياتي عبر متعهد كما يحدث في السجون والمواقف الحكومية. مشيرا الى: تردي ما يقدم من اطعمة للمرضى يضطر الكثير منهم للاستعانة بذويهم لتوفير الطعام اللازم.

ماكنة بيع الحلوى !
قرب باب صالة الطوارئ تقف مجموعة من الشباب أمام ماكنة الكترونية لبيع الشكولاته والماء المعبأ بالقناني وبعض العصائر والبيبسي، منهم من يتفرج ومنهم من يشترى لغرض التجربة وليس للحاجة، كما ذكر احمد الشاب الذي جاء برفقة صديقه المرافق لوالده. فيما شكا بهاء من ارتفاع اسعار هذه الماكنة مقارنة باسعار السوق فاسحا المجال لزميله للتعليق والتهكم (حبيبي بهاوي قابل انت بالشورجة). فيما استغرب الموظف الحكومي عامر سلمان من انتشار هذه الماكنة في المستشفيات واهتمام الادارات بها على حساب الخدمات الصحية شبه الغائبة. مستطردا: لست ضد ذلك لكن يجب ان تكون في آخر الاهتمامات التي من المفترض ان ينصب جلها على توفير الرعاية الصحية والأدوية والأجهزة الحديثة وغير ذلك من ضروريات القطاع الصحي. متسائلا عن الجهة التي تقف وراء نصب هذه الماكنة وما تقدمه من فائدة للمرضى.

الوزيرة والزيارات الإعلامية
لم تتمكن وفاء من اخفاء علامات الامتعاض والغضب وهي تركض صوب العامل الذي يدفع جهاز التنفس ببطء بسبب حاجة والدتها لعملية تنفس، وفاء وبعد ان اخذت قسطا من الهدوء استغربت من حال مدينة الطب وشعبة الطورائ بشكل خاص. منوهة الى: الفوضى وعدم التنظيم في فرز الحالات الحرجة التي تحتاج الى فحص سريع. متسائلة: عن جدوى الزيارات والجولات التي تقوم بها الوزيرة او مدير مدينة الطب واخبارهما التي تملأ صفحات التواصل الاجتماعي والتي بينت وفاء انها دون جدوى واستعراضية اعلامية اكثر من اي شيء آخر.

كارثة القطاع الصحي
بدوره، اكد المواطن مهدي يونس على كلام وفاء مشيرا: لو انه تم التوجيه في كل زيارة لخلل معين ومتابعته في زيارة اخرى لكان الواقع الصحي في البلاد وخاصة في مدينة الطب بشكل افضل مما هو عليه الان. مشددا على: ضرورة انقاذ ما تبقى من مفاصل القطاع قبل انهياره بشكل تام حينها سيدفع المواطن الفقير ثمن ذلك.
اما قيس ابراهيم فقد تساءل عن اموال الجباية التي تستحصل في المستفشيات والمراكز الصحية واين تذهب. لافتا الى: ان سوء الخدمات الصحية المقدمة في اغلب المستشفيات ينذر بكارثة قد تصيب القطاع الصحي. مشيرا الى: النقص في الكثير من انواع الأدوية وبشكل خاص ادوية الأمراض المزمنة شبه المفقودة.

تنظيم زيارات المرضى
في احدى الردهات المكتظة جدا بالمرضى الراقدين ومرافقيهم يجد الممرض والطبيب صعوبة في الفحص والعلاج والمتابعة. احد مسؤولي الردهات شكا من تصرفات بعض المرافقين وتجاوزهم على الكوادر الطبية بسبب وبدون سبب. منوها الى: ان الكثير منهم لم يعد يحترم مهنة الطب والتمريض. مبينا: يكاد لايمر يوم دون ان يتعرض احدنا الى تجاوز ان كان من قبل المرضى او مرافقيهم. داعيا الى: ضرورة توفير الحماية للكوادر الصحية كي تقوم بواجباتها.فيما دعا زميله الى ضرورة تنظيم الزيارات المرضية موضحا: فمن غير المعقول ان تجد اقرباء المريض يحيطون به طوال اليوم. مشيرا الى: ان ذلك يسبب تلكؤا في تقديم الخدمات ومتابعة المرضى. مردفا: ناهيك عن تدخلات بعض اقرباء المرضى بالعلاج وكيفية صرفه للمريض.

السلطات الحكومية هي السبب
مع كل ذلك وما يزيد نجد في الجهة الأخرى الكادر الطبي يعاني من زخم العمل الى الدرجة التي تفقده السيطرة على كل شيء وتفقده تمسكه النفسي والعصبي. ومع كل هذا الواقع ومثالبه نجد ان هذا الكادر الطبي يعمل بهمّة واخلاص لا مثيل لهما في اية دائرة من دوائر الدولة ومؤسساتها الأخرى حسبما بين المدرس ابراهيم محسن الذي تعرض لأزمة قلبية خرج منها معافى. موضحا: نعم هناك تأخر وتردٍّ في الواقع الصحي لكن هذا ليس من مسؤولية الكوادر الطبية . مؤكدا: ان ذلك يقع على عاتق السلطات الحكومية التي لم تولِ هذا القطاع اهتماما كافيا. مشيرا الى: النقص الكبير في عدد المستشفيات التي لم تعد تتلاءم مع الزيادة السكنية في البلاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram