TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > درس المركزي

درس المركزي

نشر في: 2 نوفمبر, 2012: 05:14 م

نتمنى جميعاً كعراقيين أن يكون درس البنك المركزي في أزمته الإدارية والمالية الحالية الأخير في سلسلة التخوين والإسقاط والتشهير  ، وليس مجرد درس آخر في جدول لاحق  ،  خصوصاً بعد إعلان دولة رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة ليست طرفاً مباشراً في الأزمة  . 

فالأزمة لم تعالج بحكمة وكانت عملية التعاطي معها غير موفقة برغم أنها ليست الأسلوب الأوحد في المواجهة  وبما أن المسألة أساساً من الناحية الرسمية كما يقال هي موضوع تمويل البنى التحتية ورفض المركزي ذلك لاعتبارات فنية مالية  إضافة الى الدعوات المناهضة للحكومة  أن مشروع البنى ربما يكتنفه الفساد مثل الكهرباء  ،هذا من ناحية موضوعية واردة ويمكن إدارة الأزمة  عبر الوسائل التقليدية من دون اللجوء للضغط التنفيذي والتشريعي المقابل ،  ولكن مثل أي مشروع أخر تمتد يــد المتحاصصين لتخريب العمل والمشروع وتعقدت الأزمة بناءً على كيديات الدفع الأجل حتى لا يُسجل بأسم فلان بنجاحه ويضمن ترشيحه للدورة القادمة كما معروف ومعلن  ، وليس خوفاً من فساد أو ديون مستقبلية  ، لأنه لو كان كذلك للمسناه في الكهرباء وباقي الخيبات المشتركة من الشراكة في المجلسين ( الوزراء والبرلمان  ) التي اُسدل الستار عليها وحتى من دون تقديم اعتذار للشعب أو إعداد بديل متكامل واضح المعالم من قبل المعارضين برلمانياً المتوافقين وزارياً  .

هذا ببساطة هو البعد السياسي الفاعل والنافخ في نار الأزمة التي تحولت الى كرة نار كل يقذفها على صاحبه

أما البعد المالي  للازمة فهو نفق الاستيراد العشوائي المظلم الذي لم نرَ حتى اليوم أي ضوء في نهايته،  فهو الذي فتح بيع العملة ومزادها بشكل لم نعرفه سابقاً تأتي البترودولارات لنحولها بواسطة الدينار ويعاد تصديرها بمئات الملايين يومياً عدا العطل الرسمية ، واستمرار هذه الحالة كما معروف اقتصادياً ومالياً بتحول الموضوع الى مؤسسة وليس مجرد اداء مصرفي  ،  بسبب تضخم المال المتدفق وهشاشة الاقتصاد الداخلي  ( زراعة ، صناعة  وتجارة  داخلية  )  مع غياب كل عوامل الحصانة الاقتصادية  ( تعرفة كمارك سيطرة نوعية تنسيق بين الزراعة والصناعة من جهة ومع القطاع التجاري بجناحيه الخاص والعام  ) وبما أن الاستيراد سيد الموقف ليس اقتصادياً حيث نتحدث عن حيتان التجارة بحيث أصبح مألوفاً نتعايش معه وعنصراً ضاغطاً بشدة على البنك المركزي وله أنصاره من الساسة لاعتبارات طائفية أو منافع شخصية أو الاثنين معاً  .

أما الجانب الدستوري للموضوع وهو ارتباط المصرف المركزي بالبرلمان ، المفروض بالبنك أن لا يراهن على ذلك لأن البرلمان لا يفرق كثيراً عن مجلس الوزراء لأننا نظام لا يعمل بالمعارضة الحقيقية  ، بل بالشراكة  . إضافة الى مشكلة الشلل الذي دمر البرلمان بواسطة رؤساء الكتل الذي لم يعد سراً .

أما الجانب الأهم بالنسبة لهذه المشكلة هو ما تركته من إشاعة الفاحشة في مجتمع ما زال يتعامل مع الأفراد وليس المؤسسات ويربط بعضهما ببعض  ، ولذلك يكون مبدأ اذا ابتُليتهم فاستتروا ، والبلوى معروفة ومستمرة حتى الآن  . 

في الختام  هذه الأزمة ربما ستتكرر ما دامت هناك مصالح مباشرة للمتحاصصين الذين لم يفصلوا حتى الآن بين المال العام والمال الخاص !     

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: محاكم تفتيش نقابة المحاميين

العمود الثامن: كلمات إماراتية واطلالة عراقية

العمود الثامن: محبة المسيحيين

العمود الثامن: السخرية على الطريقة العراقية

التأثير السياسي التركي في سوريا بعد سقوط الأسد: الأهداف والاستراتيجيات

العمود الثامن: في الولاء الوطني

 علي حسين يعتقد العديد من مسؤولينا أن بلاد الرافدين التي يحكمونها الآن كانت تعيش في عصور الجاهلية، وقد قيض الله لها رجالا ليعيدوها إلى طريق الصواب، ولهذا ليس مهما توفير التنمية والازدهار والتعليم...
علي حسين

كلاكيت: المخرجون عندما يقعون في غرام الأدب

 علاء المفرجي 5 -لوليتا رواية للكاتب الأمريكي من أصل روسي فلاديمير نابوكوف، نُشرت في عام 1955 في باريس، فبطل الرواية همبرت همبرت هو أستاذ أدب في منتصف العمر مريض بشهوة المراهقين، يرتبط بعلاقة...
علاء المفرجي

النُّصيريَّة.. مِن سامراء إلى قرداحة

رشيد الخيون تُنشئ السّياسة المذاهب عند اقترانها بالدِّين، لكنْ بتعاقب الزَّمن، تنسحب وتبقى العقيدة الدّينيَّة خالصة، وبين حين وآخر يُستغل المذهب مِن قبل السَّاسة المنتمين إليه، هذا ما حصل مع النُّصيريَّة بسوريّة، فقد نشأت...
رشيد الخيون

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي* (الحلقة 11)التجربة الامريكيةفي قلب النظام التعليمي الامريكي، تكمن فكرة اللامركزية، حيث تتنحى الحكومة الفيدرالية جانبا لتفسح المجال امام الولايات والحكومات المحلية لتولي زمام الامور. هذا يعني ان كل ولاية، بل كل منطقة...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram