TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أي أناس نواجه؟

أي أناس نواجه؟

نشر في: 16 يناير, 2017: 09:01 م

"أي أناس نحارب " ؟! عبارة شهيرة تضمنها فيلم الرسالة الذي حفظنا حواراته عن ظهر قلب وقد قالها المشركون عن المسلمين عندما وجدوا الإمام علياً (ع) نائماً في فراش النبي (ص) عشية خروجه من مكة مهاجراً للدلالة على استغرابهم وعجزهم عن مواجهة اصحاب الدين الجديد ..لا أدري كيف وردت هذه العبارة في ذهني حين سمعت بعض الاخبار الساخنة عن ظهور صفقة فساد جديدة في وزارة التجارة حول الغاء تصنيف الحنطة العلفية المخصصة للحيوانات وجعل جميع اصنافها مخصصة للاستهلاك البشري ! فبعد ان ثبت بالادلة القاطعة استيراد رز فاسد تم توزيعه ضمن مفردات الحصة التموينية وامتنعت بعض المحافظات عن استلامه وقامت اخرى بتوزيعه وقام العديد من المواطنين الفقراء بطهوه وازدراد عفنه لعدم وجود خيار آخر لديهم ، سيجري بلاشك توزيع طحين لا يصلح للاستهلاك البشري وسيقوم المواطنون بتحويله الى ارغفة خبز (تسحقها) المعدة العراقية التي لا ينظر لها المسؤولون بعين الرحمة منذ ان استخدم النظام السابق ذريعة الحصار لتعويدها على تناول طحين متعفن او ملوثٍ بنشارة الخشب وبرادة الحديد أوممزوج بطحين الشعير ..
لا يسعنا اذن الا ان نبدي استغرابنا وعجزنا عن مواجهة اناس اعتادوا التمرغ في وحل الفساد ليكسبوا المال ونخسر كرامتنا وصحتنا ..ففي احد الاقضية ، شعر المواطنون بالفرح والانتصار حين جرى ترشيح أحد ابناء القضاء من المعروفين بالاخلاص والنزاهة والوطنية لشغل منصب مهم في القضاء يمكن ان ينفع ابناءه ،ولم تمضِ ايام على حصوله على المنصب حتى جرى تبليغه باستبداله بشخص آخر ينتمي لعشيرة تمسك بزمام القضاء وتتحكم بادارته وتبين ان هناك من يدعم ذلك من اعضاء الحكومة في بغداد، فقد اتصل بمسؤول في القضاء حاول ان يعرف سبب ما جرى ليقول له بالحرف الواحد :" نحن نعيش في العراق "...
لأننا نعيش في العراق ، سيتوجب علينا ألا نستغرب شيئا وان نصبر على استغلالنا يوميا بكل الوسائل ابتداءً من استرخاص دمنا وكشف ظهورنا للأعداء وحتى تدجيننا وتحويلنا الى وعاء يحتوي كل ما يسكب فيه ..لأننا نعيش في العراق ، علينا ان نصمت امام الظلم وننحني امام العواصف ونصفق للمسؤولين ونعيد انتخابهم بكل رحابة صدر ، وعلينا ان نضع عقولنا على الرفوف فلا فائدة من التفكير ما دامت الغلبة لمن يمتلك القوة والسلاح والمال ..
أي اناس نواجه ؟ علينا أن نرددها مرارا وتكرارا لأن افعالهم ستظل مصدرا لاستغرابنا وعجزنا عن مواجهتهم ، ولأننا طعم جاهز لمؤامراتهم ومكائدهم! ..ويلخص أحد الكتّاب كيفية سيطرة الحكومة على الشعب وخداعه بأربع خطوات ، الأولى تخويفهم من خطر المؤامرات المحدقة بهم ليؤمنوا بقدرة الحكومة على حمايتهم منه ، والثانية هي اشغال انتباههم ليل نهار بأخبار المسؤولين وحكاياتهم المسرّبة من مصادر سرية ، أما الثالثة فهي انكار كل ما ينتقد سلوك الحكومة ثم تأجيل المواضيع الشائكة واثارة مواضيع اخرى لصرف الانتباه عن المشكلة الرئيسة  ، بينما تتلخص الخطوة الاخيرة في تكرار الاكاذيب حتى يصدقها الناس ..ويبدو ان حكومتنا أتقنت فن الخداع باتباع الخطوات الاربع فكانت النتيجة تحويلنا الى قطيع مسالم يواجه يوميا العديد من قصص الفساد والظلم ويكتفي بالاستغراب ...والعجز عن المواجهة !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram