السياسي العراقي سواء من شغل منصباً حكومياً او تفرغ لقيادة تنظيمه ، ورث من أسلافه حبّ المديح والشعور بالارتياح والفخر عند سماعه هتاف وتصفيق الجماهير ، وتلقيه يومياً برقيات تجديد البيعة والولاء . وبعض القادة وتعبيراً عن ارتباطه الصميمي بقواعده الشعبية ، استعان ببعض الشعراء والرواديد لنظم قصائد المديح والأهازيج ، وسخّر فضائيته للمدّاحين . والممدوح من موقعه ، وفي لحظة الشعور بلذة الاستمتاع يستعيد قول الخلفاء والأمراء "أعطوه الف درهم" ، وينفذ الأمر على الفور بخبر عاجل اسفل الشاشة. قد يضطر السياسي صاحب الفضائية للجوء الى استحداث بث برنامج "من كصيد البادية" يتناول جهوده في تحقيق المشروع الوطني بتسخير اتباعه من جوقة المحللين السياسيين للحديث عن الفردوس العراقي المرتقب.
الأوضاع السياسية في ظل التحرك الجديد لتجاوز أخطاء السنوات السابقة ، وطرح مشاريع التسوية، تتطلب تلطيف الأجواء، بعزل الوجوه المتجهمة ، لأن هؤلاء تخصصوا بالضحكة الصفراء وهم سبب البلاء ، وجودهم في المشهد السياسي سيعرقل الجهود الساعية لتحقيق التسوية بكل انواعها.
برنامج "من كصيد الساسة "، بإمكانه استيعاب كل الآراء والمواقف على ان تطرح بمصاحبة عازف ربابة محترف ، يجيد اطوار النايل والعتابة والسويحلي لبلورة موقف مشترك يكون خريطة طريق لمرحلة ما بعد داعش ، فضلاً عن ذلك سيحافظ البرنامج على الموارد المالية المخصصة للرئاسات الثلاث، لأنه سيكون بديلاً لعقد ندوات ومؤتمرات وورش عمل لتعزيز الديمقراطية ، سيحفز أصحاب الحل والربط على بذل جهودهم بعد سبات طويل للاتفاق على مشتركات جيدة ، لتعديل اعوجاج العملية السياسية المختلة .
البرنامج يمكن ان تتبناه فضائيات تابعة لأحزاب وقوى عراقية ، يُبث يومياً بعد عرض الأنباء في وقت واحد فيكون جمهور المشاهدين على موعد مع إطلالة "الوجوه الفليحة " للحديث عن المستقبل ، بهدف كسب ثقة العراقيين وإلغاء ما ترسخ في أذهانهم بأن حاضرهم المأساوي سيخضع للتصحيح بثورة اصلاحية شاملة عارمة ، تعكس الصورة الحقيقية للعراق الجديد.
عرف عن السّاسة العراقيين بأن معظمهم يرتدي " قناع الجينكو"، يحرص على ان يكون وجهه متجهماً في اللقاءات الرسمية ليبعث برسالة الى الجمهور بأنه رفع راية المعارضة ، ولن يتخلى عنها إلا بعد تطبيق مشروعه الوطني . في برنامج "من كصيد السّاسة " سيحول التجهم الى ابتسامات وقهقهات متناغمة مع حركة الكروش لرفع الروح المعنوية لدى أبناء الشعب باجتثاث اليأس من نفوسهم.
يقال ان "أريحية" المسؤول او السياسي تعد أحد أبرز أسباب نجاحه في تحقيق قاعدة شعبية ورسم ابتسامة عريضة على الوجه والمشاركة في فعاليات شعبية ، وحضور نشاطات ثقافية ، ومباريات كرة القدم . عوامل مهمة تجعله قريباً من الجماهير، إلا أن هذا التوجه يجهله المسؤولون والساسة العراقيون، ومعظمهم حين يظهر عبر شاشة التلفاز يضع قناع الجينكو على وجهه، وكأنه خرج قبل دقائق من معركة فاشلة او من إخفاق تحقيق صفقة مشروع تجاري ، برنامج "من كصيد السّاسة" سيعالج كل تلك المشاكل ، سيجعل إصحاب الوجوه الكالحة ينافسون بنات الريف في استقطاب جمهور عريض جداً ، يمكن ان يضاعف رصيدهم الانتخابي .
من "كصيد" السّاسة
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2017: 09:01 م