ازدحمت محطاتنا الفضائية المحلية خلال الأيام الأخيرة بحوارات الفرقاء من أهل الكرة والإعلام ، وانضمت الصحافة بكل اتجاهاتها إلى كل حوار أخذ طابع الاتهام والتلاسن!
كان الأسبوع الأخير عامراً بالفرجة المؤلمة التي تستطيع أن ترى فيها الأقطاب المتنافرة وقد اجتمعت على الهواء في حلقات متعاقبة من الأخذ والرد الذي يُظهر قدراً من الشراسة وربما الافتراء ، لكن جانباً منها اتّسم كذلك بالصراحة التي وضعت كل الحقائق والوقائع أمام المشاهد ثم القارئ ، فيكون له بالنتيجة حُكمه الانطباعي، مثلما تكون للقضاء الكلمة الفصل!
رأينا شخوصاً معروفة في الوسطين الرياضي والإعلامي وهي تدخل في سجال له بُعــده الزمني .. والعبارة الأخيرة أعني بها تصفية حسابات مرّت عليها سنوات أو دهور ، ولم تكن هنالك أية حاجة منطقية إلى إيقاظ هذه الخلافات واستدعائها واسترجاعها إلى صدارة المشهد!
ولكن هذه هي طريقتنا في مناسبات كهذه .. نطلق العنان لأنفسنا بالخوض في الماضي مع أن القضية الماثلة أمامنا تعني أبناء الحاضر بدرجة قصوى من قبيل خلاف بيتنا الكروي مع نفسه .. البيت الذي أعني فيه النادي والفريق والمشجع والاتحاد!
ثم جاء الهمّ الأكبر عند الحديث عن صورتنا المنقولة إلى الخارج ومدى مواءمة هذه (الصورة) لأملنا المزمن في رؤية نهاية لهذا الحظر الكروي الدولي الظالم .. وكان السؤال : هل يستمر مسلسل الضرب من العمق وفي أماكن كروية مختلفة ، وبأشكال وأفعال وتصرّفات وردود أفعال يغيب فيها العقل ولغة العقل؟!
كل هذا ( الشو ) وغيره ، جعل القنوات الفضائية لدينا تزدحم بمثيري القضايا وبالمدافعين عن أنفسهم. وبرغم القناعة بأن بعض ما قيل لم يخرج عن إطار الإسفاف والمهاترة ، فإن جانباً مهماً من هذا الجدل يستحق التأمل .. فالكل يقرع الحجة بالحجة ، والكل يرى أنه يأخذ بموجبات الحقيقة وأن غريمه في النهاية يجب أن يُحاسب!
كل هذا جرى ويجري على الهواء منعاً لتدخّل مقص الرقيب .. وكلما كنت أتابع الفرقاء وهم يرمون بما لديهم ، أتحسّر على هذا المستوى المتدني من القدرة على إدارة الحوار الرياضي لوصف المشكلة والوصول إلى حل هادئ لها!
المفارقة التي تدلّل على تردي كثير من مفاصل الإعلام الرياضي لدينا ، أن البعض ظهر ليناقش حوادث الساعة الكروية ، وقد حفر خندقاً أمام النادي الذي يعمل فيه ، فكان الحوار يجري بافتعال شديد لا روح فيه!
أما المثلبة الأكبر في بعض الحوارات التلفازية على القنوات العراقية ، فهي أن المتحاورين من أصحاب أية قضية ما زالوا يتوقفون عند كل قضية ساخنة ليسكبوا عليها نواياهم الثابتة في إثارة الشارع الكروي كلما حاولنا أن نميل به إلى الهدوء.. ويبدو أنه لا لزوم ، أو لا وجود لهؤلاء المتحاورين إلا في عمق الأزمات ، بل وفي افتعالها واستطالتها!
النزف الذي عانت منه ملاعبنا في الأيام الأخيرة ، دليل على أن هنالك من يصنع الأزمة ، ويتاجر بها ، وأنا هنا لا أبرئ ساحة بعض المشتغلين النافذين في مجال الكرة ، لأنهم ببساطة لاذوا بالصمت حين كان القلق يغمر مدرجات الملاعب وعند بواباتها ، فيكبر ليصل إلى حد الصدام داخل البيت الواحد!
كل هذا الضرب في العمق .. كل هذا الجلد للذات .. كل مساحة الخلاف والاختلاف هذه .. كل هذا الجنون يضرب ملاعبنا ، فيما نحن نترقب وقوف لجنة الفيفا على أبوابنا كي يطـّلع الغريب القادم من وراء الحدود على تدابيرنا وينصفنا في رفع ،ولو جزئي، للحظر.
.. وماذا تركنا للجنة الفيفا؟!
نشر في: 16 يناير, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)