تتميز اليابان بوجود أعداد كبيرة من المعمرين بين سكانها ،ومؤخراً اقترح عدد من الأطباء وأساتذة الجامعات، تغيير سن "التقاعد لكبار السن " في اليابان من 65 سنة إلى 75 سنة نظراً لارتفاع اعداد كبار السن على نطاق واسع في البلاد، وكما اشارت الى ذلك مؤخرا تقار
تتميز اليابان بوجود أعداد كبيرة من المعمرين بين سكانها ،ومؤخراً اقترح عدد من الأطباء وأساتذة الجامعات، تغيير سن "التقاعد لكبار السن " في اليابان من 65 سنة إلى 75 سنة نظراً لارتفاع اعداد كبار السن على نطاق واسع في البلاد، وكما اشارت الى ذلك مؤخرا تقارير منظمة الصحة العالمية.
وتظهر احصاءات السكان لعام 2015 ان نحو 26.77٪ من عدد سكان اليابان هم بعمر65 سنة أو أكثر. وبالوتيرة الحالية، فان التقديرات تشير الى ان هذه النسبة سترتفع إلى 33٪ بحلول عام 2035 و 40٪ بحلول عام 2060.
وقد أعرب خبراء الاقتصاد عن قلقهم إزاء ارتفاع معدلات الشيخوخة على نطاق واسع بسبب ان الأجيال الشابة لا تنجب الأطفال كما اعتادت ان تفعل في السابق. وبوجود عدد أقل من الشباب لتغطية ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي، فان الناس بدأوا اكثر اعتمادا على مواردهم الذاتية ، واتجهوا الى الحد من الإنفاق الشخصي.
إن تغيير سن "التقاعد" الى 75 سنة بدلا من 65 يعني إبقاء أعداد كثيرة من كبار السن ضمن القوى العاملة في اليابان. ويجعل ذلك العاملين الذين عادة من المفترض ان يتقاعدوا برواتب تقاعدية مريحة يساهمون في قوة العمل، وهذا من المؤمل ان يسهم في نمو الاقتصاد الوطني.
ويبدو أن اليابانيين يميلون إلى الموافقة على هذا الاقتراح.
ووفقاً لصحيفة اليابان تايمز فان دراسة حديثة أجرتها وزارة الصحة والعمل، وجدت ان20٪ من الناس يعتقد ان الشيخوخة تبدأ في سن الخامسة والستين، في حين أن 41.1٪ - وهم الجزء الأكبر - يعتقد انها تبدأ في سن السبعين. وقال 16٪ فقط أنها تبدأ في سن الخامسة والسبعين،
واستطلعت دراسة اخرى اراء اشخاص تجاوزت اعمارهم سن الستين أو أكثر فوجدت ان 70٪ من المستطلعين لديهم استعداد للعمل بعد سن الخامسة والستين. وتقول صحيفة جابان تايمز أن عام 2015 كان العام الثاني عشر على التوالي الذي يشهد ارتفاع اعداد كبار السن في القوى العاملة في اليابان. وهناك الآن ما يقدر بنحو 7.3 مليون من كبار السن في العمل، وهم يشكلون 11٪ من مجموع العاملين.
وبالنظر إلى ما هو معروف على نطاق واسع من أن اليابانيين يعيشون عمرا طويلا، بالإضافة إلى ثقافة حب العمل المتأصلة لديهم ، يبدو أن اقتراح تغيير سن التقاعد هو امر طبيعي.
ويعود احد اسرار طول العمر لدى اليابانيين الى اتباعهم نظام غذائي تقليدي يتكون من السمك والأرز والخضروات ، وكذلك سهولة الحصول على الرعاية الصحية
تتذكر ناومي مورياما(وهي مُعدَّة برامج تلفزيونية عن الطبخ ومستشارة تسويق تعيش في الولايات المتحدة) ايام طفولتها فتقول انها كانت متعودة على الذهاب مع والديها لقضاء عطلة الصيف في مزرعة أجدادها في شبه جزيرة كيى والتي تبعد ساعتين إلى الجنوب الغربي من طوكيو، حيث تنمو هناك حقول الشاي والأرز والشعير والقمح، وما لا يقل عن 30 نوعاً مختلفاً من الخضار.
"كان يعيش في بيت العائلة الكبير نحو أربعة أجيال في وقت واحد، ". وكان العديد من الغرف تغطى أرضيتها بالحصيرة وكان هناك حمام فيه حوض استحمام مصنوعة من الحجر. كانت جدتي تشعل جذوع الاشجار تحته لتسخين المياه. وكان موقع الحمام خارج البيت بجانب كوخ البقر. تبدأ جدتي يومها في الخامسة صباحا حيث تخرج إلى التلال المزروعة خلف المنزل وتختار مجموعة من الفواكه والخضراوات الطازجة لإفطار للعائلة. كان يتم تناول الطعام بعد ساعة فقط من جلبه من المزرعة".
تقدم مورياما هذه الذكريات في كتاب بعنوان (المرأة اليابانية لا تشيخ أو تسمن). وتجسد جدتها خصوصا عنوان هذا الكتاب حيث عاشت إلى سن التسعين. ولكن النساء في عائلتها لم تحتكر هذه الميزة في طول العمر في عائلتها. فجدها، الذي كان يعمل في المزرعة حتى السنوات الأخيرة من حياته، عاش حتى سن الخامسة والتسعين.
وفي عام 2013 حين توفي أكبر معمر في العالم وأقدم رجل يسجل تاريخ ميلاده في السجلات الرسمية. فلم يكن من المستغرب أن يكون يابانيا حيث توفي جيريمون كيمورا وهو يبلغ من العمر 116سنة. وقيل ايضا انه كان يساعد ابنه في مزرعة العائلة حتى بلوغه سن التسعين.
وبالنسبة لمعظم السنوات ال 25 الماضية تمتعت النساء اليابانيات بأطول معدل للعمر في العالم، وبلغت ذروته عند 86.3 سنة في عام 2010. ويقارن هذا مع 82.3 سنة للنساء في المملكة المتحدة. وتراجع الرقم إلى 85.9 سنة في عام 2011، وحيث جاءت اليابان بعد هونج كونج للمرة الأولى، و يعزى الخبراء ذلك إلى الخسائر في الأرواح التي شهدتها اليابان بعد اعصار تسونامي في اذار 2011.
وعلى الرغم من أنخفاض متوسط العمر المتوقع لدى الرجال اليابانيين (حاليا 79.4 سنة مقارنة مع 78.2 سنة للرجال البريطانيين)، فان اليابان تضم اكبر عدد من المعمرين من كلا الجنسين في العالم وسكان اليابان، الذين هم ضعف عدد سكان بريطانيا، فيهم اشخاص تتراوح أعمارهم بين 100 عام أو اكثر اعدادهم تبلغ أربع مرات أكثر مما موجود في بريطانيا (يبلغ عددهم حوالي 51الف شخص وفقا لوزارة الصحة في طوكيو).
وتقول مورياما " مقارنة مع بقية دول العالم فان عددا هائلا من اليابانيين يعيشون نمط حياة صحي جدا في جزء كبير منه بسبب ما يأكلون"،
وفي دراسة نشرها كينجي شيبويا وهو أستاذ في جامعة طوكيو اشار الى ثلاثة أسباب لطول العمر لدى اليابانيين. "أولا: يهتم الشعب الياباني كثيرا بالنظافة في جميع جوانب حياته اليومية"وهذا الموقف يُعزى الى مجموعة مترابطة من عوامل الثقافة والتعليم والمناخ والبيئة والتقاليد
وثانيا: يتمتعون بوعي صحي عالٍ، ففي اليابان هناك فحوص طبية منتظمة حيث تقوم المؤسسات الصحية الحكومية باجراء فحوصات شاملة لجميع السكان في المدرسة وفي اماكن العمل و المجمعات السكنية.
وثالثا: نوعية الطعام الياباني حيث يتميز بفائدة غذائية متوازنة وشهد النظام الغذائي للسكان تحسنا كبيرا جنبا إلى جنب مع النمو الاقتصادي ".
ويمكن أيضا أن يكون هناك عنصر وراثي وراء هذا الموضوع. فهناك نظرية علمية تقول أن ما يقرب من ثلث عمر الإنسان قد يكون سببه وراثيا.
باحثون مهتمون بشكل خاص في هذا في المجال ، اجروا بحوثا على سكان سلسلة من الجزر شبه المدارية على شكل قوس بين اليابان وتايوان و التي تتمتع بأعلى معدل للعمر في العالم . ووجدوا ان المعمرين يعيشون في وضع صحي للغاية. كانوا نحافا، يتمتعون بالحيوية و معدلات الاصابة بأمراض القلب والسرطان بينهم كانت منخفضة بشكل ملحوظ.
عن: الاندبندنت والاكسبريس