TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشيخ همام .. ما معنى أخطاء الماضي؟

الشيخ همام .. ما معنى أخطاء الماضي؟

نشر في: 17 يناير, 2017: 07:13 م

adnan.h@almadapaper.net

يحتلّ الشيخ همام حمّودي موقعاً مرموقاً في النظام الحالي .. النائب الأول لرئيس مجلس النواب.. من قيادات الصف الأول في التحالف الوطني والمجلس الأعلى الإسلامي المترئس التحالف الآن.  وبهذا الموقع نفترض أنه يعرف ما يقول ويعني ما يقول ويتحمّل مسؤولية ما يقول.
أمس قال الشيخ في مؤتمر صحافي عقده بمقر مجلس النواب للحديث عن مؤتمر "حوار بغداد" الذي كان الشيخ مديره، إنهم (الطبقة الحاكمة) "مقبلون على مفصل مهم، وهناك قرار بأنْ لن نعود إلى أخطاء الماضي وعازمون على إصلاح أنفسنا".
كلام جميل للغاية في الظاهر، لكن ثمة شكّ عميق بشأن مضمونه، فأي كلام عمومي لا قيمة له ولا معنى. القيمة والمعنى يكونان في التفاصيل التي خلا منها كلام الشيخ حمودي.
الشيخ لم يحدّثنا ولو على عجل عن أخطاء الماضي التي لن تكون ثمة عودة إليها. هل بينها، مثلاً، نظام المحاصصة الذي اعتمدته الطبقة السياسية الحاكمة، والتحالف الوطني أكبر كتلها، بديلاً عن الدستور المستفتى عليه شعبياً؟ .. هل بينها عدم تعديل الدستور الذي كان يتعيّن أن يجري منذ عشر سنوات ( إحدى مواد الدستور ألزمت به في غضون أقل من سنة بعد انتخاب أول مجلس نواب وبدء عمله، وقد انتخب ذلك المجلس وبدأ عمله في 2006)! .
 هل بين الأخطاء التي لن يُعاد ارتكابها، بحسب كلام الشيخ حمودي، عدم تشريع القوانين اللازمة لبناء الدولة؟.. هل بينها وضع الأحزاب الحاكمة، وبخاصة أحزاب التحالف الوطني، أيديها على الهيئات "المستقلة" التي لم تكن أبداً مستقلة؟.. هل بينها إنهاء نظام التكليف بالوكالة لأكثر من 50 بالمئة من المناصب العليا في الدولة واحتكارها لأحزاب بعينها؟ .. هل بينها عمليات التزوير التي لم تسلم منها أية انتخابات برلمانية أو بلدية تديرها مفوضية انتخابات غير مستقلة وتستند إلى قانون انتخابات غير منصف يعيد إنتاج الطبقة السياسية المسؤولة عن الأخطاء المشار إليها؟
هل بين هذه الأخطاء تمسّك الأحزاب الحاكمة بالفاشلين والفاسدين من الوزراء والنواب والوكلاء والمدراء؟ .. وهل بينها قيام كبار المتنفذين في الدولة، وبينهم الشيخ حمودي نفسه وزملاؤه في قيادات التحالف الوطني وشركاؤهم في الكتل الأخرى، على مدى ثلاث عشرة سنة بحجز 50 بالمئة أو أكثر من مناصب الدولة الخاصة في الداخل والخارج لصالح الأهل والأقارب والمحازبين؟..
هل بين أخطاء الماضي التي أعلن الشيخ حمودي عن العزم على عدم العودة إليها استحواذ الأحزاب الحاكمة وقياداتها، وفي مقدمها أحزاب التحالف الوطني، على أملاك عامة وبعض من الأملاك الخاصة أيضاً بالحيلة؟ .. هل بينها التعيينات الكثيرة التي أجرتها قيادات الأحزاب الحاكمة، وبينها المجلس الأعلى وشركاؤه في التحالف الوطني، في وظائف الدولة بالشهادات والوثائق المزوّرة؟
وهل أيضاً بين هذه الأخطاء المساعي الخائبة لأسلمة المجتمع برغم أنفه؟
وهل، لضمان عدم العودة الى أخطاء الماضي، سيشخّص لنا الشيخ حمودي ومجلسه وتحالفه بصراحة تلك الأخطاء؟ وهل سيُحاسَب المسؤولون عنها، أقلّه الخطيرة منها التي أدّت إلى زعزعة كيان الدولة وتفشّي ظاهرة الفساد الإداري والمالي وتفاقم الإرهاب والعنف الطائفي وإلى احتلال تنظيم داعش الإرهابي ثلث مساحة البلاد بكل المآسي والويلات المرافقة؟
الشيخ همام حمودي.. يؤسفني القول إن أيّ إجابة بـ "كلّا" على أيٍّ من هذه الأسئلة سيضع ما تفضلتَ به أمس في خانة الكلام الذي لا معنى له ولا قيمة عند العراقيين الذين سمعوا منه ما يكفي وزيادة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عامر

    أحسنت أستاذ عدنان بقى أن نعرف من الأخطاء التي عددتها وهم كثر أي منها في حقيقتها جرائم يحاسب عليها القانون وأي منها أخطاء بحق وحقيق.

  2. أبو أثير

    الشعب العراقي بأجمعه يعلم جيدا بأن ندوة حوار بغداد ماهي ألا حملة علاقات عامة للتمهيد للأنتخابات القادمة وهي خاصة للتسويق لحزب المعمم همام حمودي بأموال الشعب العراقي المسكين ... وقد صرح مؤخرا السيد المعمم بأن صرفيات الندوة لا تتجاوز الخمسين مليون دينار فقط

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram