لا يريد المشهد الكروي العراقي أن يخرج من دوامة التخبط والفوضى في كل تفاصيل إدارته بعد أن اصبح الاجتهاد الآني ومنطق فرض الرأي والمجاملات وإرضاء أهواء الآخرين هو النهج المعتمد في تسيير الأمور بدلاً من الضوابط واللوائح القانونية التي تحكم المنظومة الكروية ويحتكم اليها الجميع من اتحاد وأندية.
منذ أن انطلق الدوري العام ونحن نعيش في أجواء التشكيك والتنكيل والتلويح بالانسحاب بعد أن تعدّدت الذرائع والأسباب بين اتهام الحكام بالتقصير والتعمّد وبين ضعف الجانب الأمني وتعرّض الأندية الى التهديد والاعتداء بالضرب أو الإساءة . وبغض النظر عن الظلم الذي طال البعض من تلك الأندية إلا أن المعضلة الكبرى لا تقترب من أحقية الاعتراض القانوني وانما ترتبط بالأسلوب وحدود الصلاحية والأهم في المحافظة على هيبة العلاقة الوظيفية ومسؤولياتها بين قيادة الاتحاد والأندية.
أزمة مباراة ناديي الميناء والطلبة وما تبعها من اشكاليات بعد إلغاء الحكم الدولي هيثم محمد علي هدفاً صحيحاً للأزرق الطلابي كان يمكن أن يغيّر نتيجة المباراة .. لم تكن إلا امتداداً لأزمات سابقة خلال الأدوار الماضية من الدوري لم تجد المعالجة والحزم في إنهاء أسلوب التصرّف المزاجي وانفلات التصريحات المؤطّرة بالأوامر التي توحي الى أن هناك قناعة لدى الأندية بامتلاكهم القدرة والقرار على إسقاط الدوري أو إلغائه بالانسحاب الأقرب الى العصيان والتمرّد.
تلك الرؤية المشوّشة هي التي أسهمت في دفع البعض الى عبور حدود مسؤولياته والتسابق الى إطلاق الاتهامات وفرض الشروط لنصل الى مرحلة أكثر خطورة عندما نُصدم بتصريح مشرف فريق نادي الطلبة علي الساعدي وهو يلوّح بكشف الفساد الإداري والمالي في الاتحاد لدى البرلمان ووزارة الشباب والرياضة في حالة عدم اتخاذهما الإجراءات المناسبة التي تعيد حقوق الفريق ، الأمر الذي يفتح أبواباً جديدة تلخص حقيقة ما يجري في الخفاء من ذهاب البعض الى البحث والاستقصاء عن أدلة تدين الآخرين واستخدامها كورقة ضغط في الوقت الذي يختاره.
لا نريد أن ننفي أو نثبت ما تطرّق اليه مشرف فريق الطلبة بقدر ما نؤشر الأسلوب المتسرّع الذي يكشف أن هناك تجاهلاً لسلطة القانون الذي يفرض المسؤولية على كل من يمتلك أدلة تدين المكلّف بخدمة عامة بالفساد المالي وقام باخفائها متعمداً، كما أن القانون ذاته لا يعفي من يوجه الاتهام من دون أن يمتلك الدليل على ذلك .. وفي كلتا الحالتين فإن الأمر يتطلب التحقيق والتقصّي للوصول للحقيقة ومحاسبة من تثبت إدانته من كل الأطراف ، أما السكوت أو الرضوخ بذريعة حل المشاكل ودياً فهو إعلان لا لبس فيه على أن سلطة الاتحاد باتت تحت رحمة نيران اتهامات الأندية له.
باختصار .. فإن الدوري بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة وأصبح لا يقوى على المضي الى نهايته المرسومة له ضمن أجندة لجنة المسابقات ، بعد أن اجتمعت عوامل عدة في ذلك يتحمل الجزء الرئيسي فيها الاتحاد بضعف مواقفه وعدم امتلاكه الحلول المناسبة في إيقاف نزيف نقاط القوة والسيطرة لديه .. ومن ثم تأتي الأندية وخاصة الجماهيرية التي لديها عمق إداري وجماهيري يمنحها الحصانة في التصرّف العقلاني في المواقف الحرجة من دون إساءة أو إضرار بالصالح العام يجعلها قدوة لبقية الأندية إلا أن هناك من فشل في إثبات ذلك.
ما نطمح اليه دوري يخدم الكرة العراقية ويزيد من رصيد المواهب الكروية لا أن يكون مسرحاً مفتوحاً للعالم في عرض عضلات الأندية على اتحادنا المسكين!
أين سلطة الاتحاد؟
[post-views]
نشر في: 20 يناير, 2017: 02:58 م