TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خَرَطَ سوقُ الأحزاب

خَرَطَ سوقُ الأحزاب

نشر في: 20 يناير, 2017: 09:01 م

حين يقول العراقي "خرط السوق" يفهم السامع بأن الأوضاع على كل الصعد  في طريقها للتدهور ، وان ليس أمام عباد الله الا انتظار قرار تصدره القيادة الحكيمة  يقضي بإضافة مادة العدس الى مفردات البطاقة التموينية . أواسط عقد التسعينات دخل مصطلح "خرط السوق" الى دائرة التداول على خلفية تنفيذ برنامج منظمة   الأمم المتحدة المعروف باسم (النفط مقابل الغذاء والدواء) . ترسخ المصطلح في الذاكرة الشعبية ، خضع  لمتطلبات مواكبة ما بعد الحداثة فاستخدم في كل المجالات ، لأنه يختزل الرأي الجمعي حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية . وفيما تنشغل النخب السياسية هذه الأيام  بنظام الانتخابات  ومفوضيتها ، يدور حديث بين الأوساط الشعبية  يعزز حالة فقدان الثقة بجميع الأحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة ، بمعنى آخر انها فقدت قواعدها ."خَرَطَ سوقُ الأحزاب" ، مصطلح  اخذ يتردد في الشارع  للتعبير عن سخط واستياء نتيجة سوء أداء سياسي وحكومي طيلة السنوات الماضية . الكتل الكبيرة في البرلمان التي استشعرت الخطر ستحاول بكل  الطرق تعديل النظام الانتخابي ، بوصفه خيارها الوحيد  لضمان مكاسبها في ظل عجزها عن ضم رفيق جديد يمنح صوته لقائمة انتخابية تضم  احزاباً "خرط سوقها."   
الانتماء الى حزب سياسي في العراق في عهد النظام الملكي لم يكن يتطلب شروطاً تعجيزية ، يكفي ان يزكي الشخص الراغب في الانتماء رفيق حزبي، مع شرح موجز للأفكار والمبادئ،  وتوصية بتنفيذ التعليمات الحزبية  في مقدمتها الحفاظ على الأسرار، بهذا الأسلوب انضم آلاف العراقيين الى قوى كانت تعمل في الساحة السياسية . عملية كسب اعضاء جدد الى الحزب مهمة صعبة  تحتاج الى خبرة تنظيمية. بتطبيق نظرية الحزب الحاكم  وسيطرته على السلطة  انحسر نشاط القوى السياسية الأخرى ، تعرضت لحملات ملاحقة ، والأمر يبدو طبيعياً ، لأن العراق ،كبقية دول المنطقة، لم يجرب الديمقراطية . لا احد يؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة ،كل شيء يسير بموجب نظام الإزاحة ثم الاجتثاث من الجذور ببيان رقم واحد .
بعد عام 2003 ، استقبلت الساحة العراقية أحزاباً وقوى وتيارات سياسية، بعضها كان في الخارج وآخر شكل لأغراض انتخابية  ،  الرغبة في كسب المزيد من الأعضاء لتوسيع القاعدة الشعبية استندت الى دوافع مذهبية وطائفية ، الأحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة، سخرت نفوذها بمنح الأعضاء امتيازات الحصول على وظائف حكومية، فأصبحت المؤسسات الرسمية ماركات مسجلة باسم الحزب صاحب الخدمة الجهادية . بموجب الاستحقاق الانتخابي اختار أمين عام الحزب شقيقه او ابن عمه وربما خال الجهال لحمل الحقيبة الوزارية ، فيما أخذت الكتلة النيابية في البرلمان على عاتقها مهمة الدفاع عن وزيرها . على هذا الإيقاع من الأداء ترسخ مصطلح "خرِط السوق" في الشارع العراقي.  في ظل بروز أزمة مالية  لم تعد سندات  الاراضي  ووعود الحصول على وظائف حكومية قادرة على اقناع الناخبين  بالتصويت لقوائم انتخابية  "خرطت برامجها" على الورق ووسائل الإعلام ، اما اذا  تجرد الناخبون من ارادتهم  وصوتوا لصالح من خذلهم ، فسيصبح النشيد الوطني العراقي في المرحلة المقبلة أغنية " حميّد يا مصايب الله " ودمتهم للنضال .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram