الأربعاء، 16 إبريل 2025

℃ 28
الرئيسية > أعمدة واراء > خَرَطَ سوقُ الأحزاب

خَرَطَ سوقُ الأحزاب

نشر في: 20 يناير, 2017: 09:01 م

حين يقول العراقي "خرط السوق" يفهم السامع بأن الأوضاع على كل الصعد  في طريقها للتدهور ، وان ليس أمام عباد الله الا انتظار قرار تصدره القيادة الحكيمة  يقضي بإضافة مادة العدس الى مفردات البطاقة التموينية . أواسط عقد التسعينات دخل مصطلح "خرط السوق" الى دائرة التداول على خلفية تنفيذ برنامج منظمة   الأمم المتحدة المعروف باسم (النفط مقابل الغذاء والدواء) . ترسخ المصطلح في الذاكرة الشعبية ، خضع  لمتطلبات مواكبة ما بعد الحداثة فاستخدم في كل المجالات ، لأنه يختزل الرأي الجمعي حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية . وفيما تنشغل النخب السياسية هذه الأيام  بنظام الانتخابات  ومفوضيتها ، يدور حديث بين الأوساط الشعبية  يعزز حالة فقدان الثقة بجميع الأحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة ، بمعنى آخر انها فقدت قواعدها ."خَرَطَ سوقُ الأحزاب" ، مصطلح  اخذ يتردد في الشارع  للتعبير عن سخط واستياء نتيجة سوء أداء سياسي وحكومي طيلة السنوات الماضية . الكتل الكبيرة في البرلمان التي استشعرت الخطر ستحاول بكل  الطرق تعديل النظام الانتخابي ، بوصفه خيارها الوحيد  لضمان مكاسبها في ظل عجزها عن ضم رفيق جديد يمنح صوته لقائمة انتخابية تضم  احزاباً "خرط سوقها."   
الانتماء الى حزب سياسي في العراق في عهد النظام الملكي لم يكن يتطلب شروطاً تعجيزية ، يكفي ان يزكي الشخص الراغب في الانتماء رفيق حزبي، مع شرح موجز للأفكار والمبادئ،  وتوصية بتنفيذ التعليمات الحزبية  في مقدمتها الحفاظ على الأسرار، بهذا الأسلوب انضم آلاف العراقيين الى قوى كانت تعمل في الساحة السياسية . عملية كسب اعضاء جدد الى الحزب مهمة صعبة  تحتاج الى خبرة تنظيمية. بتطبيق نظرية الحزب الحاكم  وسيطرته على السلطة  انحسر نشاط القوى السياسية الأخرى ، تعرضت لحملات ملاحقة ، والأمر يبدو طبيعياً ، لأن العراق ،كبقية دول المنطقة، لم يجرب الديمقراطية . لا احد يؤمن بمبدأ التداول السلمي للسلطة ،كل شيء يسير بموجب نظام الإزاحة ثم الاجتثاث من الجذور ببيان رقم واحد .
بعد عام 2003 ، استقبلت الساحة العراقية أحزاباً وقوى وتيارات سياسية، بعضها كان في الخارج وآخر شكل لأغراض انتخابية  ،  الرغبة في كسب المزيد من الأعضاء لتوسيع القاعدة الشعبية استندت الى دوافع مذهبية وطائفية ، الأحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة، سخرت نفوذها بمنح الأعضاء امتيازات الحصول على وظائف حكومية، فأصبحت المؤسسات الرسمية ماركات مسجلة باسم الحزب صاحب الخدمة الجهادية . بموجب الاستحقاق الانتخابي اختار أمين عام الحزب شقيقه او ابن عمه وربما خال الجهال لحمل الحقيبة الوزارية ، فيما أخذت الكتلة النيابية في البرلمان على عاتقها مهمة الدفاع عن وزيرها . على هذا الإيقاع من الأداء ترسخ مصطلح "خرِط السوق" في الشارع العراقي.  في ظل بروز أزمة مالية  لم تعد سندات  الاراضي  ووعود الحصول على وظائف حكومية قادرة على اقناع الناخبين  بالتصويت لقوائم انتخابية  "خرطت برامجها" على الورق ووسائل الإعلام ، اما اذا  تجرد الناخبون من ارادتهم  وصوتوا لصالح من خذلهم ، فسيصبح النشيد الوطني العراقي في المرحلة المقبلة أغنية " حميّد يا مصايب الله " ودمتهم للنضال .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

سيكولوجية تجنيد العقول في الجماعات الارهابية الدينية

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

كلاكيت: "ندم" وعودة الفيلم الجماهيري

العمود الثامن: قائمة المنتفعين

 علي حسين في بلاد الرافدين حزب من المنتفعين يضم عدداً من السياسيين والمسؤولين الكبار ممن إذا أصابت الناس مصيبة لاذوا بالصمت الذي هو في عرفهم أبغض الحلال. ومن المفارقات العجيبة في العراق -بلد...
علي حسين

باليت المدى: كرسي مكسور الساق

 ستار كاووش عندَ لقائي ببعض الناس أفاجئ ببعض التفاصيل الصغيرة التي تُشير الى نوع من الكسل واللامبالاة وعدم إيجاد الحلول حتى وأن كانت صغيرة. فرغم إنغماس أحدهم بتعديلِ صُوَرِهِ ببرامج الفوتو شوب كي...
ستار كاووش

(50 ) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياة بين فذيفتين

زهير الجزائري (1) يوم ١٣ نيسان ١٩٧٥ بدأت الحرب من مجزرةً (عين الرمانة). كنّا في طريقنا إلى الجنوب اللبناني حين انقطع بثّ الراديو بين إعلان عن مسحوق الغسيل المفضل لدى النساء العصريات و سيكارة...
زهير الجزائري

التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين: تحديات القرن الواحد والعشرين

محمد علي الحيدري التنافس بين الولايات المتحدة والصين أصبح في السنوات الأخيرة أحد أبرز القضايا التي تحدد ملامح السياسة العالمية، حيث يشتد في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بشكل يثير الكثير من التساؤلات حول مستقبل...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram