اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أين اختفت سككنا الحديد؟

أين اختفت سككنا الحديد؟

نشر في: 22 يناير, 2017: 06:43 م

 

adnan.h@almadapaper.net

الأربعاء الماضي شهد حدثاً عالمياً تاريخياً لم نهتمّ به هنا، لكنّ وسائل الإعلام في دول عدّة تمتدّ من الصين شرقاً إلى بريطانيا غرباً، مروراً بروسيا ودول أوروبية شرقية وغربية، احتفت به بما يعكس أهميته.
إلى منطقة باركينغ ، شرق لندن، وصل في ذلك اليوم أول قطار لحمل البضائع قادماً من مدينة "ييوو" (Yiwu) الصينية الكائنة في شرق البلاد، وهي مدينة معروفة بكونها أكبر سوق لبيع البضائع بالجملة. وبحسب وكالة رويترز فان المسافة التي قطعها القطار بلغت 7500 ميل (12000 كيلو متر)، واستغرقت الرحلة 18 يومياً فقط ، وهي ما توازي نصف المدة التي كانت ستستغرقها الرحلة لو تمّت عبر البحر. وقد مرّ القطار بكلّ من كازاخستان وروسيا وبيلروسيا وبولندا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا قبل أن يعبر إلى بريطانيا من خلال النفق الشهير تحت القنال الإنجليزي الرابط بين بريطانيا وفرنسا.
بالنسبة للصين سيكون هذا طريق الحرير الجديد الذي سيدرّ عليها عشرات مليارات الدولارات سنوياً، فالسلع الصينية الموجودة الآن في أسواق العالم كلها ستحقّق بهذا المشروع ما يشبه الهيمنة، ذلك أن الهدف النهائي للمشروع ليس السوق البريطانية وحدها وإنما ايضاً أسواق الدول المارّ بها خط سير هذا القطار وجاراتها.
خلف هذا المشروع عقلية ستراتيجية فذّة فكّرت على نحو سليم لتحقيق هدف وطني كبير، فالمشروع سيجعل السلع الصينية الواصلة الى الأسواق الأوروبية أقلّ كلفة مما عليه الآن وأكثر قابلية للمنافسة، ما يعني زيادة كبيرة في الإقبال عليها وزيادة في الناتج الصناعي للبلاد وفي الناتج الوطني الإجمالي ونسبة النمو الاقتصادي، وفي نهاية المطاف مستوى رفاهيّة الناس.
 في المقابل نحن هنا في العراق كان من علامات الفشل التام الشامل لدولتنا الراهنة أنها، من فرط ما تعرّضت موازناتها السنوية لنهب على أيدي الفاسدين، وهم من قيادات وأعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية وبتهاون من السلطة القضائية،  لم تستطع رصد بضعة مليارات من الدولارات، حتى في السنوات التي تجاوز دخلنا من النفط وحده 100 مليار دولار سنوياً، لترميم وتحديث خط السكة الحديد الرابط بين البصرة وبغداد، والنتيجة أنّ خدمة شحن السلع بالقطارات تكاد تكون معدومة في بلد ميزانه التجاري مع دولة واحدة هي الصين، مثلاً،  يبلغ نحو 20 مليار دولار سنوياً .. والنتيجة الأسوأ أنّ الشركات التجارية والمؤسسات الحكومية المستوردة للسلع تضطرّ لتشغيل عشرات الآلاف من الشاحنات  في سبيل نقل الحمولات القادمة من الصين وسواها إلى موانئ البصرة.
ومن المترتبات على هذه النتيجة زيادة أسعار السلع التي يشتريها العراقيون، وتدهور شبكة الطرق البرية، واستهلاك كميات مهولة من المنتجات البترولية المنتجة محلياً والمستوردة من الخارج بمئات ملايين الدولارات، وتلويث البيئة، وإنفاق مئات ملايين الدولارات على الشاحنات وأدواتها الاحتياط، ومفاقمة ظاهرة الفساد الإداري والمالي، فهذه الآلاف من الشاحنات تتعرّض للابتزاز في نقاط التفتيش الكثيرة، فلا تمرّ الشاحنة وتعبر من محافظة إلى أخرى من دون أن تدفع ما يُوصف شعبياً بـ "المقسوم". وربما هذا الفساد بالذات هو من الأسباب القوية لعدم الإقدام على ترميم وتحديث وتوسيع شبكة السكك الحديد التي كان لها في الماضي شأن كبير في نقل الأشخاص والسلع جنوباً وشمالاً.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram