TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشابندر يدلُّكم على باعة الخراب

الشابندر يدلُّكم على باعة الخراب

نشر في: 22 يناير, 2017: 07:04 م

ali.H@almadapaper.net

ستحكي لنا الأيام  أنّ رجلاً شجاعاً ، اسمه غالب الشابندر مرّ على هذه البلاد ،  تاركاً للأجيال حكاية سقوط  أحزاب الإسلام السياسي في مستنقعات الانتهازية والصراع الدموي على كراسيّ السلطة والمنفعة .  الكاتب الإسلامي غالب الشابندر ، أحد القلائل ممن نجوا من طاعون الطائفيّة والتلوّن  ، وهو بضميره اليقظ  وعفويته المحببة  يُقدّم لنا كلّ يوم  درساً تحليليّاً  لما يمرّ به العراق بكلّ جرأة  وشجاعة نادرة ، وبدلاً من أن تبادله هذه الأحزاب القابضة على مصائر العراق  ، الحجّة بالحجّة وتردّ على خطاباته ، راحت تشتمه وتُفبرك الحكايات المغرضة عنه ، الشابندر يخرج كل يوم ليرفض المصير البائس الذي وصل إليه العراق ، معلناً أن السير في هذا الاتجاه يعني، ببساطة، أنه لن يكون هناك أثر للمستقبل  ، لأنّ السير في هذا الطريق يكرّس قاعدة  البقاء للانتهازي والفاشل وعديم الكفاءة والمتلوِّن . ، وهو بأحاديثه  يستفزّ جماعة " ما ننطيها " ،  الذين يبحثون  عن صفقاتٍ وتسوياتٍ تتأسّس على الانتهازية والوصولية ، وتعتمد قوانين الشطارة للمضاربة بالوطن في سوق الانتهازية التي  تلوّح بالتخلص من هذا "الشعب الوغد" الذي يُعبِّر عن سخريته  من الخراب السياسي  والاقتصادي ، فتتطاير السموم من نوافذ الحاج صلاح عبد الرزاق  ، تُعلن صراحةً ، من لا يرضى بحكم  الاحزاب الدينيّة عليه  أن يبحث له عن وطنٍ بديل  .
حكاية غالب الشابندر ، تذكّرني بما جرى للمفكّر الإسلامي المصري خالد محمد خالد حين قُدّم عام 1955 للمحاكمة بتهمة ازدراء الأديان بعد أن أصدر كتابه الشهير " هذا أو الطوفان " والذي أراد أن يقول فيه: الإسلام دين للتسامح والمحبّة ولا علاقة له بإنشاء الحكومات، وفي كلمات كأنها تقال هذه الايام يكتب: " الحكومة الدينيّة لا تستلهم مبادئها وسلوكها من كتاب الله وسنّة رسوله بل من نفسيّة الحاكمين وأطماعهم ومنافعهم الذاتية، وهي تعتمد في قيامها على سلطة غامضة لا يعرف مأتاها ولا يعلم مداها... وحين تسأل عن دستورها، تقول الدين، هو القرآن، لقد استغلّ بعض الحكّام بعض آيات القرآن استغلالاً مغرضاً، كما استُغلّت الآيات نفسها إبّان الصراع بين الإمام علي ومعاوية والخوارج. ما كانوا يقدّمون من الآيات والأحاديث هي نفسها الآيات والأحاديث التي كان يُحرِّض بها أصحاب معاوية على ذمّ علي وقتاله،، كما قَتل الطاغية يزيد ،  الحسين بن علي، مبرِّراً فعلته هذه بآية وحديث استمسك بهما ".
وينهي خالد محمد خالد صفحات كتابه بكلمات مؤثرة: " رجل الدين الانتهازي  يُولّد الجزع في نفوسنا، أمّا المتسامح، ، فهو الجدير بحبّنا".
الناس تريد نظاماً سياسيّاً لا يُستبعد فيه أحد بسبب رأيه، أو طائفته.. نظام قضيّته الأولى العدالة لا دولة القانون، ومثله في السياسة والحياة رجال بقيمة مانديلا ولي كوان ، لا بوزن خفيفة الظلّ والمحيّا عواطف النعمة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. أبو أثير

    ألأستاذ المفكر والمصلح ألأجتماعي القدير عمار الشابندر هو أيقونة من ألأيقونات القليلة التي بقيت للعراقيين بكافة طوائفهم وقومياتهم ومذاهبهم الدينية ... وعلى مدى سطوع نجمه وخاصة بعد ألأحتلال الأجنبي للعراق ... رغم كونه من المفكرين والكتاب والورعين من أعضاء ح

  2. kassim

    السيد اياد جمال الدين كذلك من الشجعان اللذين سموا الاشياء بأسماءها .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram