TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليس دفاعاً عن المسرح التجاري بل هجومٌ على المسرح الصحيح

ليس دفاعاً عن المسرح التجاري بل هجومٌ على المسرح الصحيح

نشر في: 23 يناير, 2017: 09:01 م

لا أدري ما الذي دفع الزميل الناقد السينمائي (علاء المفرجي) لأن ينشر مقالة عن المسرح في جريدتنا (المدى) يقدمها بعنوان (ليس دفاعاً عن المسرح التجاري). وعند قراءتنا لمقالته نجد أنه يقع في متناقضات، ففي بداية مقالته يقف بالضد من خلع صفة (تجاري) على الفنون. ولكنه بعد ذلك يسبغ صفة التجاري على الادب والفن التشكيلي بسبب كثرة مبيعاته . ومن جهة يعترف السيد علاء أن للمسرح التجاري مساوئ ثم يقول "أن معظم ما يقدمه المسرح التجاري موضوعات لمسرحيات عالمية وافكار جميلة" . وأسأل : ما هي المسرحية العالمية التي قدمها المسرح التجاري هنا في بغداد أو هناك في القاهرة؟ صحيح أن المسرحيات التي يقدمها أصحاب المسرح الجاد هذه الأيام موجهة للنخبة أو لغرض المشاركة في المهرجانات ولكن هل يصح التعميم وهو يعرف جيداً أن ما كان يقدم من مسرحيات جادة في سابق الأيام كمسرحيات فرقة المسرح الفني الحديث وفرقة المسرح الشعبي ومسرح اليوم وحتى مسرحيات الفرقة القومية للتمثيل مثل (البيك والسايق) و(ملحمة كلكامش) و (نشيد الأرض) و(نديمكم هذا المساء) وغيرها لم تكن موجهة إلا للجمهور الواسع وليس للنخبة . نعم أصر على تسمية مسرحنا نحن أصحاب المسرح الحقيقيين بالجاد لأنه جاد في أسلوب عمله وجاد في ارسال رسالته إلى جمهوره حتى لو كان كوميدياً كما هي (نديمكم هذا المساء) أو (المحطة) أو (حرم صاحب المعالي) . وهناك فرق بين ما هو جاد وما هو جدي .يبدو لي أن الأخ علاء لم يطلع على مفهوم المسرح التجاري وماهيته واكتفى فقط بذكر كلمات مثل (مقايضة) و(عرض) و(طلب) و(ثمن). لا يا سيدي (المسرح التجاري) ليس كما ذكرت ولو كان الأمر كذلك لما عرفه الدكتور ابراهيم حمادة في (معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية) قائلاً : "المسرح المحترف الذي يهتم بالربح وجذب وارضاء الجمهور وغالباً ما تقترن عروضه بعدم الاهتمام بالمستوى الفني والفكري" ، ولما قال عنه محمود محمد كحيله في (معجم مصطلحات المسرح والدراما) "مسرح يهتم بالربح لا بالمستوى" . اذا كان الأمر كذلك لما أفرد المنظِّر المسرحي التقدمي (ألمر رايس) فصلاً كاملاً عن المسرح التجاري في كتابة المشهور (المسرح الحي) حيث يقول "واما على أن تسلك مسلك المسرح التجاري، فالطابع الغالب اذن للمسرح المحترف في امريكا هو طابع المؤسسة التي يمولها اشخاص من الممولين والمديرين ممن يراودهم أمل كبير في تحقيق الربح فلا مفر اذن من ان يكون الفيصل في اختبار مسرحيات ينتجها مسرح محترف هو تقدير المنتج لما ستحققه هذه المسرحيات من أرباح" . ونذكر أيضاً مقولة المخرج الانكليزي الكبير (بيتر بروك): "وقد يبدو للوهلة الأولى أن المسرح الميت ، كإحدى المسلمات ، مسرح رديء ." ويبدو أننا نضيع الوقت اذا ما انتقدنا ذلك النوع من المسرح الذي نراه دائماً والذي يرتبط كثيراً بالمسرح التجاري الذي نحتقره ونذمه كثيراً . فكيف تريد يا أخي علاء أن نحذف كلمة (تجاري) بعد هذا ؟نعم، لا عيب في وجود مسرح تجاري في أي بلد في العالم والتجارة ليست مسبّة توجه إلى مهنة من المهن أو حرفة من الحرف ولكن المسبّة توجه عندما تكون عروض المسرح التجاري هزيلة في مستواها الفني وتغيب عنها الرسالة وتلجأ إلى ما هو رخيص ومدغدغ للغرائز وما هو ثرثرة في فنون الأداء . وبعد ذلك نضطر إلى مهاجمة المسرح التجاري حين ترجح كفته ويغيب التوازن بينه وبين المسرح الجاد، ذلك التوازن الحاصل في الدول المتقدمة مسرحياً . نعم يستحق المهاجمة عندما يلعب دوراً كبيراً في تشويه ذائقة الجمهور الذي يعتاد ارتياده معتقداً أنه هو المسرح وليس غيره وبذلك ينحسر جمهور المسرح الجاد .ما كان لك يا أخي أن تهاجم أصحاب المسرح الجاد وليس ذنبهم أن يبتعدوا عن الساحة المسرحية في العراق بل هو ذنب المؤسسة الرسمية التي تقصّر في احتضانهم واسنادهم لتقديم أعمال مسرحية جادة جاذبة للجمهور ومهذبة لذائقتهم. أخي علاء شاهد الاعلانات التي تبثها قنوات تلفزيونية معينة لمسرحيات نصفها بالتجارية والتي تكشف عن طبيعة تلك المسرحيات ومستواها الفني والفكري، فإن كنت ترضى بها فسأكون أول المؤيدين لرأيك في حذف كلمة (تجاري).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. Anonymous

    الاسلوب الدرامي ل ألمر رايس محتاج اكتب عنه صفحه بس مافهمته اذا ممكن رد سريع وشكرا

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram