TOP

جريدة المدى > تحقيقات > محافظة بغداد تتهم الأمانة بالتواطؤ ...أحياء بغداد وشوارعها تهتك "بالكراجات" العشوائية والتجاوزات !

محافظة بغداد تتهم الأمانة بالتواطؤ ...أحياء بغداد وشوارعها تهتك "بالكراجات" العشوائية والتجاوزات !

نشر في: 24 يناير, 2017: 12:01 ص

يفكر البغداديون طويلاً قبل أن يقرروا استخدام سياراتهم الخاصة في قضاء أعمالهم او التنقل، بعد أن خضعت أحياء العاصمة ،وخاصة الحيوية منها، لـ"شقاوات" فرضوا "إتاوات" على المواطنين مقابل السماح لهم بالوقوف ولو لدقائق معدودة في ساحات بعضها مسلوب من الأملاك

يفكر البغداديون طويلاً قبل أن يقرروا استخدام سياراتهم الخاصة في قضاء أعمالهم او التنقل، بعد أن خضعت أحياء العاصمة ،وخاصة الحيوية منها، لـ"شقاوات" فرضوا "إتاوات" على المواطنين مقابل السماح لهم بالوقوف ولو لدقائق معدودة في ساحات بعضها مسلوب من الأملاك العامة وآخر متجاوز عليه، بعد أن "مسخوا" شوارعها الى كراجات "عشوائية" مستعينين بالرشوة تارة واخرى بالقوة والنفوذ السياسي لـ"تكبيل" القانون، الامر الذي يضطر المواطن للرضوخ لتلك المجاميع لتجنب شرهم الذي قد يعرضهم لمعارك غير "متكافئة" أو غرامة مالية يفرضها "متواطئون" في أجهزة الدولة الأمنية، وصولاً إلى الفصل العشائري.

الجهات المعنية تبدو عاجزة عن اتخاذ أي اجراء قانوني إزاء تلك الظاهرة والتي لم تسلم منها أغلب شوارع بغداد وساحاتها، والتي باتت أكبر من تلك الجهات سواء الرقابية أو التنفيذية منها. وفي حين تحمل إدارة المحافظة أمانة بغداد المسؤولية عن "احتلال" شوارع العاصمة من قبل "عصابات" بعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة لردعهم، تعدّها الأخيرة "تجاوزات" برزت بسبب "عدم استقرار" الجانب الأمني.

"الشقاوات" تعود مسلّحة
الموظف في وزارة النقل غالب علوان يسكن منطقة المنصور قال في حديثه لـ(المدى)، إن الخروج بالسيارة سواء للتنزه مع الأسرة أو التسوق أو قضاء أمر ضروري، بات يتسبب بمعاناة كبيرة ليس جراء الزخم المروري والفوضى وحسب، بل من (الشقاوات) الذين سيطروا على الكثير من الشوارع والأرصفة والساحات العامة وحولوها الى مواقف للسيارات. مضيفا: أن شارع 14 رمضان الحيوي وتفرعاته في منطقة المنصور كانت من بين تلك الشوارع التي يزعم هؤلاء استئجارها حيث حولوها الى مواقف للسيارات. مبينا: أن الاموال التي تجبى من تلك الكراجات تقسم كحصص لجهات مجهولة بحسب ما أبلغه أحد القائمين عليها.
بدوره، يقول المواطن عبد الغني سلمان ،من سكنة السيدية لـ(المدى)، إن "وقاحة أولئك الأشخاص فاقت الحدود إذ يطالبون بدفع الكراجية حتى ولو كان التوقف لدقائق معدودة لشراء دواء مثلاً.  متسائلاً عن دور الأجهزة الرقابية والأمنية بالتعامل مع هذه الحالات الخارجة عن القانون والعرف الاجتماعي العراقي، مستغربا من "تواطؤ بعض عناصر المرور مع أولئك الأشخاص إذ سرعان ما يتعرض من يرفض الدفع لغرامة مرورية لا تقل عن عشرين ألف دينار بحجة الوقوف في اماكن محظورة، هذا إن أفلت من شرهم أساساً.

رضوخ للأمر الواقع و"سرقات" علنية
إلى ذلك، تقول الحاجة هناء الشكرجي ،من أهالي شارع فلسطين لـ(المدى)، إن أصحاب المركبات يضطرون لدفع مبلغ الكراجية رغم معرفتهم بعدم قانونية الأمر رضوخاً للأمر الواقع خاصة في الشوارع التجارية أو التي يكثر فيها الأطباء ومختبرات التحليلات المرضية والصيدليات، متهمة مستغلي تلك الشوارع بـ"عدم الأمانة" حيث غالباً ما تتم عمليات سرقة لمحتويات السيارات التي يتركها أصحابها مفتوحة، بطلب منهم أحياناً، لاسيما الهواتف النقالة والحواسيب والمبالغ المالية وغيرها من الأشياء الثمينة، متذرعين بعدم مسؤوليتهم عن الموجودات داخل السيارة.
فيما اكد محسن ضاحي ما بينته الشكرجي منوهاً الى: سرقة هاتف نقال تركه بسيارته في احدى الساحات المتجاوز عليها. عازياً امر ركنه السيارة فيها الى ضغوطات رجال الأمن الذين يمنعون وقوف السيارات ولو لدقائق معدوة. داعياً الى: ضرورة تنظيم عمل هذه الساحات خاصة التي تقع في المناطق التجارية مع إلزام المتعهدين بتحديد أسعار وقوف السيارات حسب الوقت.

مواقف نظامية "خاسرة"
بالمقابل، شكا أصحاب مواقف أصولية ومجازة من قبل أمانة بغداد وقيادة عمليات بغداد، من كثرة الطارئين الذين يحتلون شوارع بغداد ومناطقها المهمة، مؤكدين أنهم يتعرضون للخسارة أو عدم تحقيق الأرباح المتوقعة والضرورية لإدامة عملهم وتغطية نفقاتهم، برغم ما يدفعونه من ضرائب وأجور للدولة.
يقول أبو علي ،صاحب أحد الكراجات في منطقة السعدون، إن غالبية أصحاب المركبات يركنونها في الشوارع الفرعية ويدفعون للطارئين الذين يدعون تأجيرها كذباً وبهتاناً، داعيا أمانة بغداد والأجهزة الأمنية إلى ضرورة "تكثيف الجهود للحد من تلك الظاهرة العشوائية التي تؤثر على اصحاب الكراجات الأصولية المجازة رسمياً وتفقد الدولة مبالغ طائلة".
واكد ابو علي: ان اغلب الساحات غير المرخصة تعود لأشخاص مرتبطين بجهات سياسية. مردفاً: ناهيك عن تحالفهم فيما بينهم والإشارة والتصرف بعدوانية مع اي شخص ان كان من اصحاب الساحات المرخصة او المواطين ممن يركنون سياراتهم ويعترضون على ارتفاع مبلغ الجباية. مشدداً على: ضرورة وضع ضوابط ولجان مراقبة ومتابعة على عمل تلك الساحات التي اخذت بالتزايد.

التجاوز يغتال
"بارك السعدون"
لم يتوقف الأمر على استغلال الشوارع الجانبية والأرصفة وتحويلها الى مواقف وكراجات بل تعداه وصولاً الى الحدائق العامة مثلما حصل مع بارك السعدون، اذ تم اقتطاع جزء منه وتحويله الى بارك خارج السياقات. حيدر سالم ،من سكنة منطقة بارك السعدون، أبدى استغرابه الكبير من تحول جزء من البارك الى موقف سيارات يحمل اسم البارك. مردفا: كنا نأمل تأهيل وإعادة البارك بحدائقه واشجاره لكن الذي حصل غير ذلك. مبدياً أسفه على سكوت الجهات المعنية ان كانت الأمنية او الإدارية.
في حين أبدى عمار حسين تذمره من هذا الانتهاك الصارخ للأملاك العامة، موضحاً: ان التجاوز على البارك تم أمام انظار الجهات الأمنية وكوادر أمانة العاصمة وكلاهما للاسف لم يحركا ساكناً ولم يمنعا ذلك التجاوز. مطالباً: برفع الكراج وإعادة تأهيل بارك السعدون ليكون متنفساً للعائلة البغدادية كما كان في الفترات السابقة.

"عصابات" مستفحلة وقانون "كبّلته" الرشوة
بدورها، تحمِّل إدارة محافظة بغداد، أمانة العاصمة المسؤولية عن استفحال تلك الظاهرة لعدم قيام دوائرها البلدية بواجباتها اتجاه تلك التجاوزات، وفيما تتهم بعض الجهات المعنية في تلك الدوائر بـ"التواطؤ" مع "العصابات" التي تتجاوز على الشوارع والأملاك العامة مقابل "رشا"، عدّت أن تلك الظاهرة باتت "أكبر من حجمنا وأكبر من كل الاجراءات".
ويقول نائب محافظ بغداد جاسم البخاتي لـ(المدى) : إن استغلال شوارع بغداد كمواقف للسيارات هي ظاهرة معيبة وتسيء الى بغداد وأهلها حيث تقوم بها عصابات لا تسلك الطرق القانونية للحصول على ساحات الوقوف. مبيناً: أن الظاهرة استفحلت وانتشرت بشكل كبير في أماكن راقية من العاصمة بغداد كزيونة والمنصور واليرموك وغيرها حتى تجاوزت جميع الحدود. مضيفاً: أن تلك العصابات لم تترك أية ساحة حتى تلك المخصصة لكرة القدم دون السيطرة عليها واستغلالها ككراجات، محملاً أمانة بغداد المسؤولية عن استفحال تلك الظاهرة حيث أن دوائرها البلدية الـ14 تضم اقساماً خاصة تعنى بالتعامل مع تلك التجاوزات على الشوارع والأملاك العامة.

صلاحيات عمليات بغداد
واتهم البخاتي بعض المسؤولين في الدوائر البلدية للعاصمة بغداد بـ "التواطؤ" مع تلك العصابات مقابل مبالغ مالية لقاء غض النظر عن تلك التجاوزات. مؤكداً أن: أغلب المعنيين بالتعامل مع تلك التجاوزات يتناغمون معها ويستفيدون بشكل شخصي منها من خلال الضغط على المتجاوزين وتعاطي الرشوة على حساب الناس وراحتهم. مشيراً الى: ان إدارة المحافظة بدورها قد رفعت كتاباً رسمياً لأمانة بغداد متمثلة بالأمينة ذكرى علوش ودوائر البلدية الـ(14) بشأن تلك المخالفات لمعرفة سبب هذا التمدد، اضافة الى وجود عصابات تفتت البساتين وتقطعها وتبيعها أمام مرأى ومسمع أجهزة الدولة الرقابية والتنفيذية، مشدداً بنبرة يائسة أن تلك التجاوزات أخذت منحى آخر وباتت أكبر من حجمنا وأكبر من كل الإجراءات.
ويؤكد نائب محافظ بغداد أن أمانة بغداد تمتلك صلاحية تحريك قطعات قيادة عمليات بغداد لرفع اي تجاوز بمخاطبتها بكتاب رسمي حول مكان المخالفة ونوعها. لافتاً الى: أن قيادة عمليات بغداد ملزمة باتخاذ اجراء إزاء تلك المخالفة خلال (24) ساعة، إلا أن عدم اتخاذ تلك الإجراءات من قبل أمانة بغداد أدى الى استفحال تلك الظاهرة من قبل مستهترين.
ويرى البخاتي أن الحل لتلك الظاهرة المستفحلة يكمن بتوحيد الجهود وتظافرها بين الوحدات الادارية والدوائر البلدية والوحدات الماسكة للارض باجراءات رادعة تجعل من المتجاوزين عبرة. مبيناً: أن أغلب المستثمرين يركزون على المشاريع السكنية والتجارية ولا يعولون على مشاريع استثمار ساحات وقوف السيارات، على الرغم من حاجة المحافظة الى عدد كبير من تلك الساحات النظامية.

"تجاوزات" فرضها الواقع الأمني وخطط "معطَّلة"
أمانة العاصمة من جانبها عدت ظاهرة استغلال الشوراع من بعض الجهات المجهولة "تجاوزات" برزت بسبب عدم الاستقرار الأمني، مؤكدة أن لديها خططاً لبناء مواقف نظامية لكنها مازالت "حبيسة" الأدراج. ويقول مدير العلاقات والإعلام في أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة لـ(المدى)، إن ساحات وقوف السيارات التابعة لأمانة بغداد تخضع للمزايدة ويتم الإعلان عنها رسمياً وفق متطلبات يجب أن تتوفر في المتقدم للحصول على تلك الساحات. مبيناً: أن الساحات النظامية تتطلب توافر عدد من الشروط والمحددات ويتم تحديدها وتحديد أصحابها.
ويضيف عبد الزهرة أن رسوم ساحات الوقوف بحسب قانون أمانة بغداد هي 1000 دينار للمركبة الواحدة، ثم تم تعديلها حيث يتم استيفاء 1000 دينار عن كل ساعة وتتوقف عند سقف 4000 دينار. موضحاً أن الامانة تتخذ اجراءات بحق أصحاب الساحات النظامية في حال عدم الالتزام ومنها سحب رخصة التأجير، عاداً أن ما يجري حالياً من استغلال للساحات والشوارع في مناطق العاصمة مخالفات حيث أن أكثر تلك الساحات لم يتم تأجيرها من قبل أمانة بغداد. مشيراً الى: أن بعض الأزقة تشهد تلك التجاوزات بعد أن تم قطعها بالحواجز الكونكريتية لدواعِ أمنية لتستغل كمواقف غير نظامية للسيارات وتتصدى بعض الجماعات لجباية الأموال من المواطنين بصورة غير قانونية.

أربعة كراجات عمودية
ويؤكد مدير العلاقات والإعلام في الأمانة أن أمانة بغداد طرحت تلك المشكلة خلال اجتماعاتها مع قيادة عمليات بغداد حيث تعيق الحواجز الكونكريتية كوادر امانة بغداد عند تقديم الخدمات في تلك الأزقة اضافة الى أنها تتيح لتلك المجاميع استغلالها. موضحا: أن عدم الاستقرار الجانب الأمني في العاصمة بغداد هو أحد اسباب بروز ظاهرة التجاوز على الشوارع، آملا: أن يتم رفع الحواجز الكونكريتية من احياء بغداد كما حدث قرب مبنى وزارة الخارجية حتى لا تبقى حجة لمستغلي تلك الشوارع. لافتاً الى: أن امانة بغداد تمتلك ومنذ فترة خطط لبناء أربعة كراجات مركزية بصورة عمودية وبطريقة الاستثمار، إلا أن تلك الخطط لم تجد طريقها الى ارض الواقع لأسباب مجهولة رغم عرض تلك الفرص الاستثمارية لأكثر من مرة باعتبارها احد الحلول لظاهرة الكراجات غير النظامية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram