اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > اللبرالية في التاريخ العربي.. الكواكبي رائداً

اللبرالية في التاريخ العربي.. الكواكبي رائداً

نشر في: 12 فبراير, 2010: 04:39 م

كامل عباستمر البلدان العربية الآن في فترة زمنية عصيبة تتشابه مع الفترة التي مرت بها أواخر الاستعمار العثماني في أوجه عديدة وأهمها - الجهل والتخلف والاحتراب الطائفي المتفشي في النفوس نتيجة استبداد الحكام - الهوة الكبيرة التي تفصل بين الحكام والمحكومين وبشكل خاص في أحوال المعيشة ,
حيث الغنى والبذخ والترف الفاحش الذي يتمتع به الحكام وأولادهم وأصدقاؤهم وبطانتهم ومواليهم مقابل فقر مدقع لعامة الشعب , وان كان من خلاف بين المرحلتين فهو يكمن بأن حكام ذلك الزمن كانوا غرباء عن الأمة استعمروها باسم الدين , أما حكام الزمن الحالي فهم مستعمرون محليون باسم النضال ضد الخارج الطامح بثوراتنا , أنتجت الفترة الأولى ما سمي بعصر النهضة . يهمنا في هذا البحث من روادها الحلبي السوري عبد الرحمن الكواكبي الذي يطيب لي ان أسميه عميد اللبرالية العربية , ولم لا ؟ فاللبرالية هي فلسفة الحرية , والكواكبي هو القائل (( ما أليق بالأسير في الأرض أن يتحول عنها الى حيث يملك حريته , فان الكلب الطليق خير حياة من الأسد المربوط )) (1) والحرية نفيض الاستبداد , وهو الذي قضى حياته وهو يفكر (( ما تأثير الاستبداد على الدين , على العلم , على المجد , على المال , على الترقي , على التربية , على العمران . ومن هم أعوان الاستبداد ؟ وكيف يكون التخلص من الاستبداد ؟ وبماذا ينبغي استبدال الاستبداد ؟ )) (2) ولقد كان الكواكبي كسائر الفلاسفة الغربيين الأوائل , يريد تلك الحرية لتخدم المجتمع ككل , وليس فئة قليلة منه , فاذا كان العقد الاجتماعي للبراليين الغربيين الأوائل يراد منه ( أن تتلاءم الحرية مع السلطة وان يتوفر قدر من المساواة , واذا لم تتوفر المساواة تتناقض السلطة مع الحرية لأن هدفها يغدو حماية وتأمين اللامساواة بين البشر ) (3) واذا بذل جون ستوارت ميل وتوكفيل (( جهدا خاصا لإقناع مثقفي القرن التاسع عشر , بان سيادة الشعب شرط غير كاف وانه دون اقامة نظام من الحماية القانونية لحريات الأفراد والأقليات قد تتحول سيادة الشعب الى قمع أفراد الشعب وقمع حرياتهم ) (4) فان الكواكبي بذل جهدا مشابها لاقناع مثقفي البلدان العربية الاسلامية الواقعة تحت النير العثماني بان معنى الحرية (( أن يكون الانسان مختارا في قوله وفعله ولا يعترضه مانع ظالم , ومن فروع الحرية تساوي الحقوق , ومحاسبة الحكام باعتبار أنهم وكلاء , وعدم الرهبة في المطالبة , وبذل التضحية , ومنها حرية التعليم , وحرية الخطابة والمطبوعات , وحرية المباحث العلمية , ومنها العدالة بأسرها حتى لا يخشى إنسان من ظالم او غاصب أو غدار متعال ) (5) وحرية الكواكبي من أجل إنصاف الفقراء فهو يرى (( ان شريعتنا مبنية على أن في أموال الأغنياء حقا معلوما للبائس والمحروم , فيؤخذ من الأغنياء , ويوزع على الفقراء , وهذه الحكومات الاسلامية قد قلبت الموضوع , فصارت تجبي الأموال من الفقراء والمساكين وتبذلها للأغنياء , وتحابي بها المسرفين والسفهاء )) (6) وهو في كل ذلك لايريد للفقير (( أن يطلب معاونة الغني , انما يرجوه ألا يظلمه , ولا يلتمس منه الرحمة , انما يلتمس العدالة ولا يأمل منه الإنصاف , انما يسأله ألا يميته في ميدان مزاحمة الحياة )) (7) وصف الكواكبي الاستبداد بعمق نظري يوازي ان لم نقل يزيد عن فلسفة العباقرة الغربيين أمثال مونتسكيو وروسو وغيرهم , وما تزال أوصافه تشخص بدقة جوانب كثيرة مما نعاني منه نحن أبناء الشرق (( اني أرى قصر المستبد في كل زمان ومكان هو الخوف عينه ,فالملك الجبار هو المعبود , وأعوانه هم الكهنة , ومكتبته هي المذبح المقدس , والأقلام هي السكاكين , وعبارات التعظيم هي الصلوات , والناس هم الأسرى الذين يقدمون قرابين الخوف )) (8) (( الاستبداد لو كان رجلا وأراد ان يحتسب وينتسب لقال : أنا الشر وأبي الظلم وأمي الإساءة , وأخي الغدر , واختي المسكنة , وعمي الضر , وخالي الذل , وابني الفقر , وبنتي البطالة , وعشيرتي الجهالة , ووطني الخراب , أما ديني وشرفي وحياتي فالمال المال المال المال )) (9) ومثل الفلاسفة الكبار في التاريخ الذين وصفوا استبداد الرعاع بأنه أخطر أنواع الاستبداد , حذر هو الأخر من دور لعامة الشعب في الاستبداد , (( العوام هم قوة المستبد , وقوته بهم عليهم يصول ويطول , يأسرهم فيتهللون لشوكته , ويغصب أموالهم فيحمدونه على إبقاء حياتهم , ويهينهم فيثنون على رفعته ..... )) (10) تجلت عبقرية الكواكبي في تحذيره من دور العسكر الأساسي في الاستبداد الشرقي . (( في خدمة الاستبداد وسيلتينا عظيمتينا , هما جهالة الأمة والجنود المنظمة , وهما اكبر مصائب الأمم وأهم مصائب الإنسانية , وقد تخلصت الأمم المتمدنة نوعا ما من الجهالة , ولكن بُليت بشدة الجبرية العمومية , الجندية تفسد أخلاق الأمة , حيث تعلمها الشراسة والطاعة العمياء والاتكال , وتميت النشاط وفكرة الاستقلال و وتكلف الأمة الإنفاق الذي لا يطاق , وكل ذلك منصرف لتأييد الاستبداد المشئوم , استبداد الحكومات القائدة لتلك القوة من جهة واستبداد الأمم بعضها على بعض من جهة أخرى )) (11) وإذا كانت اللبرالية فلسفة الحرية وآلية نشرها في المجتمع عبر الديمقراطية المناسبة له في زمان ومكان تطوره ومستنبتة داخل تربته

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram