TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > عبد الرحمن الكواكبي :فــــــارس النـــهــضــــة والأدب

عبد الرحمن الكواكبي :فــــــارس النـــهــضــــة والأدب

نشر في: 12 فبراير, 2010: 04:44 م

د:ماجد حمودلمحة عن حياة الكواكبي: ولد الكواكبي في حلب (1855) لأسرة عربية، تمتد جذورها إلى الإمام علي بن أبي طالب (ع) من جهة الوالدين(1)‏ توفيت والدته عفيفة آل النقيب وعمره ست سنوات، فكفلته خالته صفية واصطحبته إلى بيتها في أنطاكية، حيث بقي هناك ثلاث سنوات، عاد بعدها إلى حلب، ليتعلم فيها على يد الشيخ "طاهر الكلزي"
 وبعد أن تعلم القراءة والكتابة، وأتم قراءة القرآن وحفظه، عاد إلى خالته، كي ترعى تنمية علومه، فاستعانت بقريبها "نجيب النقيب" ( أصبح فيما بعد أستاذا للخديوي عباس الذي كان على عرش مصر حين لجأ إليها الكواكبي).‏ وحين أتمّ تعليمه هناك، عاد إلى حلب ليتابعه بالعربية والفارسية، بعد أن أتقن التركية في أنطاكية، فدرس الشريعة والأدب وعلوم الطبيعة والرياضة في المدرسة الكواكبية، التي كانت تتبع مناهج الأزهر في الدراسة. الكواكبي شغل مناصب عامة كثيرة، دون أن تفلح الدولة في جعله تابعا لها، أو تغيير منهجه في نصرة الحق وخدمة المصالح العامة، لذلك سيواجه المتاعب في كل أعماله، وسيحاربه كل المستفيدين من الفساد والتسيّب، فحين عين رئيسا لبلدية حلب (في زمن الوالي الذي كان مقدرا لمواهبه عثمان باشا 1893) قام بمشاريع عمرانية وكان يشرف عليها ويدرّس فيها والده مع نفر من كبار العلماء،لم يكتفِ الكواكبي بالمعلومات المدرسية، فقد اتسعت آفاقه أيضا بالاطلاع على كنوز المكتبة الكواكبية التي تحتوي مخطوطات قديمة وحديثة، ومطبوعات أول عهد الطباعة، فاستطاع أن يطلع على علوم السياسة والمجتمع والتاريخ والفلسفة…الخ .‏ لاشك أن هذه الثقافة المنفتحة التي تمتع بها الكواكبي بالإضافة إلى التربية الإسلامية منحته شخصية متميزة.‏ عمله الصحفي:‏ بدأ حياته بالكتابة إلى الصحافة، ويرجح حفيده (سعد زغلول الكواكبي) أن جده عمل في صحيفة "الفرات" الرسمية سنتين لا أكثر، وقد ترك العمل فيها نظرا لمعاناته (الرقابة، الاضطهاد لكونه لا يمدح السلطة…) .‏ وقد أحس أن العمل في صحيفة رسمية يعرقل طموحه في تنوير العامة وتزويدها بالأخبار الصحيحة، لذلك رأى أن ينشئ صحيفة خاصة لاعتقاده أنه يستطيع الكتابة فيها بحرية أكبر من الصحيفة الرسمية للدولة، فأصدر صحيفة "الشهباء" (عام 1877) باسم صديق له (هاشم العطار) كي يفوز بموافقة السلطة العثمانية، لأنه لو طلب الترخيص باسمه لما فاز به، وكان عمره آنئذ حوالي اثنين وعشرين عاما!‏ لم تستمر هذه الصحيفة طويلا، عطلت ثلاث مرات قبل أن تغلق بشكل نهائي بعد صدور العدد السادس عشر، إذ لم تستطع السلطة تحمل جرأته في النقد، فالحكومة كما يقول الكواكبي نفسه "تخاف من القلم خوفها من النار".‏ تابع جهاده الصحفي فأصدر (عام 1879) باسم صديق آخر جريدة الـ"اعتدال" سار فيها على نهج "الشهباء" فعطّلتها السلطة، فتابع الكتابة في صحف عربية تصدر في بلدان عربية وغربية ("النحلة" بنسختيها العربية والإنكليزية، و"الجنان" و"ثمرات الفنون" و"الجوائب" و"القاهرة" والمؤيد"..)‏ كان قلمه نصير الحق، يقف إلى جانب المظلوم بغض النظر عن انتمائه الديني أو العرقي، لذلك وجدناه يشرّع قلمه في وجه المستبد، فينقد تصرفاته وتهاونه تجاه مواطنيه، فكتب مقالا ينتقد فيه عدم قبول بعض المسيحيين في الجيش العثماني إلا بعد اشتراط تغيير أسمائهم بأسماء إسلامية!!‏ المهن التي زاولها الكواكبي:‏ بعد أن تعطّلت صحيفتاه، انكبّ على دراسة الحقوق حتى برع فيها، وعيّن عضوا في لجنتي المالية والمعارف العمومية، والأشغال العامة (النافعة) ثم عضوا فخريا في لجنة امتحان المحامين، وفي سنة 1886 صار مأمورا للإجراء.‏ وبعد أن أحس أن السلطة تقف في وجه طموحاته، وتعرقل مشاريعه، بل وصل الأمر بها إلى عزله وقطع رزقه، لذلك انصرف إلى العمل بعيدا عنها، فاتخذ مكتبا للمحاماة في حي (الفرافرة) قريبا من بيته وسراي الحكومة يستقبل فيه المظلومين من سائر الفئات وسائر أنواع الظلم، فيسعى إلى تحصيل حقوقهم ورفع ظلاماتهم بكتابة الشكاوى وإرشادهم إلى طرق الاحتجاج القانوني، وقد كان يؤدي عمله، في معظم الأحيان، دون أي مقابل مادي، حتى اشتهر بلقب (أبي الضعفاء)‏ ولكن إلى جانب هذا العمل الخاص نجد الكواكبي قد شغل مناصب عامة كثيرة، دون أن تفلح الدولة في جعله تابعا لها، أو تغيير منهجه في نصرة الحق وخدمة المصالح العامة، لذلك سيواجه المتاعب في كل أعماله، وسيحاربه كل المستفيدين من الفساد والتسيّب، فحين عين رئيسا لبلدية حلب (في زمن الوالي الذي كان مقدرا لمواهبه عثمان باشا 1893) قام بمشاريع عمرانية، كما حاول الحفاظ على سوق المدينة الأثري، فأقام أعمدة حديدية تحول دون دخول الجمال إلى السوق التي كانت تصدم المارة وتملؤه أوساخا، درس مشروع سد الفرات، وتجفيف مستنقعات الروج، وكلّف بعض المهندسين باستثمار (حمامات الشيخ عيسى) بعد تجميلها وترميمها، وقد كانت المكافأة التي تلقاه الكواكبي على إصلاحاته هي العزل، فقد ضجّ التجار الذين منعت دوابهم من دخول السوق، ولم يكتفِ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram